توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

النكبة كماضٍ مضارع

  مصر اليوم -

النكبة كماضٍ مضارع

بقلم : فاتنة الدجاني

 يحيي الفلسطينيون بعد غدٍ الذكرى السبعين للنكبة، ولسان حالهم يقول: لا، ليست ذكرى. إنها واقع يومي من النكبات المتواصلة منذ 70 سنة! وسيستشهدون بأحدثِها، نكبةِ افتتاح مقر السفارة الأميركية في القدس عشية هذه «الذكرى». فكأنما المقصود «رشُ الجرح بالملح».

استعادة المأساة محددة بتاريخ 15 أيار (مايو) 1948، تكاد تغيّب حقيقة أن هذا التاريخ لم يكن سوى علامة فارقة، وكبيرة بلا شك، في سلسلة النكبات التي يولّدها المشروع الصهيوني، كاستيطان إحلالي، إلى يومنا هذا. وبمقدار ما النكبة ماضٍ، هي حاضرٌ مستمر بكل أدوات العسف الاحتلالي التي تحاول عبثاً اجتثاث شعب عريق ومتجذّر في أرضه ووطنه.

كيف تتجدد النكبة وتتوالى؟ بالتأكيد حين تحظى بكل الرعاية الدولية، سواء بالدعم العسكري والمالي، أو بالسياسي والديبلوماسي في المنابر الدولية ومنظماتها. وما الصمت عن مطالبة إسرائيل بعضوية مجلس الأمن، وهو أمر غير مستبعد مستقبلاً، والتغاضي عن جرائم الاحتلال، والإعلانُ جهاراً أن «أمن إسرائيل» أولوية، سوى بعضٍ من هذه الرعاية.

ليست الرعاية فحسب، بل تستفيد إسرائيل من خبرات الاستعمار الغربي (بريطانيا وفرنسا وبلجيكا أساساً، وبدرجة أقل إسبانيا وإيطاليا) في تعامله مع الشعوب المستعمَرة، من استيطان وجرائم ومجازر. لا ننسى استنساخ المشاريع السياسية أيضاً، مثل الحكم الذاتي أو الإدارة المدنية، وحتى المفاوضات. لكنّ جنوب أفريقيا وتجربتها في حكم التمييز العنصري، تبقى الأقرب زمنياً حيث التطابق كبير في كثير من الأوجه مع تجربة الاحتلال الإسرائيلي إزاء الفلسطينيين.

وبعيداً من الأدبيات التي تتناول إسرائيل كوكيل استعماري يبقي المنطقة تحت التهديد الدائم ويحرمها من التطور الطبيعي، وهي صحيحة في استنتاجاتها، فإن الإشكالية الحقيقية هي أن الدولة العبرية عاجزة في تكوينها عن أن تكون جزءاً طبيعياً من المنطقة. يتكرّس هذا بإصرارها على «يهودية الدولة»، ووصولها إلى أقصى سقف لها كوطن جاذب لليهود من حول العالم. والدليل أنها لم تنجح سوى في جذب الفئات المسحوقة من التجمعات اليهودية في أوروبا البيضاء، ثم المتهوّدة، مثل الـ «فلاشا» من فقراء إثيوبيا في أفريقيا السوداء.

قلقُ إسرائيل على وجودها، ومن ثم استمرارية عسكرتها وعدوانها وتآمرها، يجدان أوضح دليل لهما في النقاشات التي تدور في مؤتمر هيرتسيليا السنوي. هنا، أيضاً تتبدى بين السطور طموحات المخططين الاستراتيجيين وأطماعهم في المنطقة. هذا ليس تفسيراً تآمرياً للتاريخ، ولا استعادة لـ «بروتوكولات حكماء صهيون»، بل وثائق مؤتمر بسلطة مرجعية.

وصمود الشعب الفلسطيني، رغم النكبات التي تصنعها إسرائيل، يكرّس حقيقة استحالة تحقق المشروع الصهيوني الذي يرد بالمزيد من التوسع والحروب للخروج المستحيل من حال القلق، وفق مؤرخين لـ «ما بعد الصهيونية». فالفلسطيني مستحيل أن ينسى حقه في العودة، كما يستحيل بالنسبة إلى الإسرائيلي أن يخلع عنه الإحساس بانعدام الأمان.

أما إحياء «ذكرى» النكبة، في الأدبيات العربية، كأنها مجرد ماضٍ أليم، ففيه تغييب للفعل العدواني المستمر لإسرائيل على البلاد العربية المجاورة (دول الطوق)، أو في شكل غير مباشر على تلك الأبعد. وإضافة إلى العدوان العسكري الدوري الكبير كل عقد تقريباً منذ عام 1948، هناك العصا الإسرائيلية لتعطيل عجلة أي تحرك عربي نهضوي جدي. وهي بحكم دورها في المنطقة في ارتباطه بالأطماع الغربية، قادرة على فعل ذلك. لذا، تطرح إسرائيل نفسها كقوة إقليمية وحيدة، وقاطرة لأي تقدم مقترح، سواء تحت عنوان الشرق الأوسط الجديد أو التعاون الإقليمي، من دون أن ترى ضرورة لتقديم أي تنازل في تسوية للصراع العربي - الإسرائيلي. وقراءة نتائج اتفاقات السلام مع مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، تقدم درساً تاريخياً للمنطقة.

بعد سبعين سنة، النكبة ليست ذكرى. أما التمادي الإسرائيلي في العدوان والخداع والمكابرة ورفض منح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة، فإنما يجعل النكبة ماضياً مضارعاً.

نقلا عن الحياة اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النكبة كماضٍ مضارع النكبة كماضٍ مضارع



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon