توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران القاتلة والمقتولة في سورية

  مصر اليوم -

إيران القاتلة والمقتولة في سورية

بقلم - سميرة المسالمة

 عديدة تلك الرسائل الموجهة إلى إيران دولياً، ولكنها حتى اليوم رسائل تدور في فلك تغيير الدور الوظيفي لإيران وليس لإلغائه، ومن هنا يمكن فهم حالة الخلاف الفرنسي (وهي على الأغلب تمثل وجهة نظر الدول الأوربية) مع الموقف الأميركي، بما يتعلق بإنهاء الاتفاق النووي الموقع بين الدول الست (الولايات المتحدة الأميركية والصين وروسيا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا) مع إيران نيسان (ابريل) 2015) في لوزان، وعلى رغم وصف الاتفاق بالتاريخي آنذاك من قبل الرئيس الأميركي باراك أوباما، إلا أن إيران أصبحت تحت أضواء الرقابة الدولية أكثر من ذي قبل، واتخذت إسرائيل قيادة هذه المهمة على عاتقها منذ أن أعلنت «أن الاتفاق خطأ تاريخي»، وأنه يسهل الطريق على إيران حيازة القنبلة النووية التي تهدد وجودها، وهذا ما جعل إسرائيل تربط بين التهديد الإيراني لها من خلال برنامجها النووي، ووجود أحد اشهر الألوية الإيرانية (فيلق القدس) على الأراضي السورية وقرب الحدود معها، ما جعلها تفرض عقوباتها الخاصة على إيران في شكل انفرادي وعملي، من خلال الضربات المتكررة التي وجهتها ضد القواعد والمراكز الإيرانية وما يتصل بها.

وإذ لا يمكن تجاهل أن تلك الضربات، التي تعامل معها النظام السوري على انها من جهة مجهولة، كانت مؤلمة ليس لإيران فقط في سورية، ولكن لإيران في لبنان، وإيران في إيران، سيما انها لا تحمل التوقيع الإسرائيلي فقط بل تحمل معها التهديدات الأميركية المسبقة الصنع، التي تم تكرار الإعلان عنها لتأكيدها خلال لقاء ترامب- ماكرون، في 26 نيسان المنصرم، وقبل ذلك عبر مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن. في المقابل يبدو شبه الصمت الروسي، أيضاً، وكأنه يحمل رسائل روسية إلى كل من إسرائيل وإيران والنظام السوري، بينما يرقى صمت المجتمع الدولي إلى مستوى الحياد الإيجابي، إلى جانب الضربات الإسرائيلية التأديبية والتحذيرية، والتي يعجز عن توجيها المجلس التزاماً بمواثيق نشأته، وضمن التفاهمات الروسية الإسرائيلية فإن عبور الصواريخ إلى مناطق تمركز القوات الإيرانية لا يمكن أن يكون من دون إشارات توافق متبادلة بين الطرفين، قد يكون الصمت أحدها.

يستنتج من ذلك أن إيران تعرف حجم خلافاتها الدولية، وتدرك من خلالها أن المواجهة العسكرية معها مقبلة، وأنها عندما اختارت أن تقود معركة النظام السوري ضد السوريين المتظاهرين ضده، لم يكن ذلك خدمة للرئيس الأسد كما يحاول أنصاره الترويج، ولكن لأن إيران تريد ساحة حرب خارجية احتياطية لها، تدير معركتها عليها وبها، محاولة منها لإبعاد خطر المعركة عن أراضيها، لأنها في تلك الحالة سيكون بإمكانها زعزعة أركان النظام فيها، لذلك يمكن القول إن إيران هيمنت على الأرض السورية، ورهنت النظام لخوض معاركها المرتقبة مع الآخرين، ومنهم، وليس كلهم، إسرائيل.

وبالمقابل لم تستطع إسرائيل ولن تستطيع تجاهل الخطر الإيراني المحيط بها، ليس لأن إيران ستفتح معركة معها، بل لأن إيران تمارس دور التغيير المنهجي الإيدلوجي، الذي يسمح لها لاحقاً باستخدام شعوب هذه الدول - التي تغزوها فكريا وطائفياً وعسكرياً- كأدوات لها في حرب مصلحية إيرانية ضد إسرائيل، أي أن تلك الحرب لا علاقة لها بالحقوق الفلسطينية، ولا بتحرير القدس، وإنما هي حرب إيدلوجية اقتصادية وسياسية، على النفوذ الإقليمي، أي انها خالية تماماً من أي مصلحة فلسطينية أو عربية.

في الجانب الآخر لا يمكن تجاهل أن هذه الضربات الإسرائيلية لها دلالاتها في لبنان، حيث المعركة الانتخابية في مراحلها الملهمة للناخبين، وهي بذلك تحاول أن تقول كلمتها أيضاً بهذه الانتخابات، من خلال وضع حزب الله في حجمه الحقيقي، بعيداً عن استغلاله بسطاء المنتخِبين (بكسر الخاء) بشعارات المقاومة، التي خرست امام الضربات الإسرائيلية لمحور المقاومة الثلاثي (إيران وحزب الله والنظام السوري) المتمركز عسكرياً في سورية، أي أن إسرائيل الحيادية في الحرب السورية بين النظام والمعارضة، ليست كذلك في لبنان حيث تختلف أجنداتها، فبينما لا تجد أن بقاء النظام السوري حاكماً لسورية يضر بأمنها، إلا بحدود تعاونه الكيماوي مع إيران، فإنها ترى في حزب الله ما يعكر صفوها، باعتباره جزءاً من ولاية الفقيه، وليس جزءاً من حكومة لبنان. ما يعني أن لبنان ليس بعيداً عن أي أجواء ستسود المنطقة حرباً ام سلاماً.

وانتهجت إيران حق كظم الغيظ بمواجهة الضربات الإسرائيلية المتكررة على مواقعها، وما هو في سياقها (مواقع حزب الله ومراكز الدراسات البحثية السورية)، معتبرة أن حصر الصراع بينها وبين الولايات المتحدة وإسرائيل على الأرض السورية يجنبها التذمر الشعبي في إيران، ودرء خطر إسقاط النظام على يد المعارضة التي بدأت حراكها في طهران، وتدفيع سورية ثمن وقوف إيران إلى جانب النظام السوري في حربه ضد شعبه، أي أننا إزاء تضحية إيران بسورية، وقبول النظام بأن يدفع الشعب السوري ثمن حربين واحدة ضده، والأخرى ضد من هم مع نظامه.

وضمن كل هذه المواجهات التي تتبلور، فإن التعويل على أن الولايات المتحدة ستنهي الاتفاق النووي المبرم يبقى ضمن إطار الجدليات والتـــفاهمات والصفقات، مايعني أن الأرجحية لتعديل الاتفاق بما يخدم المصلحة الأميركية، ويبدد مخاوف إسرائيل، ويضمن المصلحة الأوروبية التي لا ترى أن إنهاء الاتفاق يوفر حالة أمان لأوروبا وللعالم، وبالمحصلة يضع يد أميركا على كل التجربة الإيرانية النووية، وأن كل هذه المقدمات العدائية لإيران لا يمكن ترجمتها حتى اليوم باعتبار أن ما تريده الإدارة الأميركية إنهاء أدوار إيران في المنطقة، وإنما تعديل هذه الأدوار، بعد أن أحسنت إيران خلال العقدين الماضيين بإدارة الصراعات في المنطقة العربية، لمصلحة تأزيمها، وتوسيع رقعتها لتكون الولايات المتحدة هي المنقذ لها.

لذلك ليس علينا كسوريين وعرب التعويل بهكذا حرب باردة فعلى الأكثر نحن أمام حالة تقليص الدور الإيراني في سورية، حيث يخف عبء القتال الطائفي، بما يسمح أكثر بالحديث عن تسويات سياسية وفق الرغبة الأميركية المراعية للأمن الإسرائيلي ومتطلباته، وهي (أي الولايات المتحدة) غير متضررة من الوجود الروسي، بل وتسعى إلى عقد تفاهمات جادة معه، كما يمكنها عقد صفقة مع تركيا لمصلحة طمأنتها شمالاً وشرقاً، من دون أن تتخلى عن فكرة سورية اللامركزية التي طرحتها خلال اجتماع باريس مع مجموعة العمل المصغرة في 23 كانون الثاني (يناير) 2018، وعادت وأكدتها ضمناً في اجتماعها الثاني الذي ضم إليها ألمانيا (29 نيسان)، عندما تحدثت عن حاجة تفعيل المسار السياسي من خلال وقف اطلاق النار، وإجراء إصلاحات دستورية وتنظيم انتخابات جديدة، وهو الأمر الذي يتيح للسوريين إقامة نظام حكم جديد منقطع تماماً مع النظام الرئاسي المركزي السابق، ويمهد لحكم برلماني يؤسس لمساواة بين كل السوريين بمختلف مرجعياتهم القومية والمذهبية والإيديولوجية، عبر غرفتي تمثيل نيابي، أي ما يضمن حقوق الأكراد مع ضمانات لتركيا بألا تشكل هذه الحقوق أي خرق لأمنها القومي.

ولعل أهم ما يمكن التعويل عليه لاحقاً أن إيران التي أخذت دور القاتل للشعب السوري، قد تكون ضمن أعداد المقتولين دولياً وتعثر نظامها شعبياً، ما يتيح الفرصة للانتقال من ربيع الثورات العربية إلى حركات التحرر الشعبية التي تتقد شعلتها يوماً إثر يوم في إيران، القاتلة والمقتولة في سورية.

نقلا عن الحياة اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران القاتلة والمقتولة في سورية إيران القاتلة والمقتولة في سورية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon