توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الغضب الصامت فى المترو

  مصر اليوم -

الغضب الصامت فى المترو

بقلم : طلعت إسماعيل

 لم يكن صوت الإذاعة الداخلية الذى راح يتردد فى جنبات محطات مترو الأنفاق بصيغة موحدة صباحا مساء؛ لتبرير رفع أسعار التذاكر كافيا لمنع الهمهمات المكتومة حينا، والعالية أحيانا، كما أن صاحبة الصوت الخالى من أى حماس لم تفلح، وهى تسوق الأسباب التى دفعت بوزارة النقل للزيادة الجديدة، فى إزالة علامات الغضب الصامت الذى أعتلى وجوه الركاب ممن كانوا يتبادلون النظرات الحزينة فوق الأرصفة فى انتظار وصول عربات القطار.

فمنذ صباح الجمعة الماضية، وما تلاها من أيام، لا حديث لسكان القاهرة الكبرى وضواحيها سوى عن قرار رفع الأسعار الذى باغت الجميع عشية الخميس، وبنسبة زيادة لم يكن أكثر المتشائمين يتوقعها، وهو ما زاد من حالة الرفض والتعبير عن عدم الرضا وسط مرتادى المترو، الذين يعتمدون على هذا المرفق بشكل منتظم فى الوصول لأعمالهم، وقضاء مصالحهم.

وعلى وقع الحديث الحكومى المتكرر فى الفترات الماضية، وكلام وزير النقل، هشام عرفات، والمسئولين عن هيئة مترو الأنفاق فى أكثر من مناسبة، عن الضرورة الملحة لرفع أسعار تذاكر المترو لمواجهة الخسائر ومنع انهيار المرفق الحيوى، تمهيدا للقرار، اعتقد البعض أن نسبة الزيادة لن تتجاوز سقف 100%، كما تم قبل عام، لكنها بلغت 250% للمسافة فى حدها الأقصى.

هيئة المترو قالت إنها لجأت للدواء المر، وعرضت تفاصيل الإيرادات والمصروفات، والخسائر التى تقفز بمعدلات غير مسبوقة وصل إجماليها فى السنوات من 2014 وحتى 2017 أكثر من 618 مليون جنيه، لكنها فى التسويق لم تكن موفقة فى إقناع الناس بهذه الزيادة الكبيرة، ولم يكن بقدرة أحد أن يتفهم كلمات مسئول كبير عن أن رفع الأسعار جاء لتحقيق العدالة الاجتماعية!!.

هذا التبرير، الذى يعكس خللا فى فهم المسئول لـ«العدالة الاجتماعية»، يتجاهل أن رواد المترو البالغ عددهم نحو 3 ملايين راكب يوميا على الخطوط الثلاثة، غالبيتهم من الفقراء وصغار الموظفين ممن يكتوون بنار رفع الأسعار ليس فى المترو فقط، ولم يسأل صاحب المقولة نفسه أية عدالة اجتماعية يحققها القرار؟!.

كما أن صاحب فكرة تسويق الزيادة بعمل مقارنة بين ثمن تذاكر المترو فى مصر والعديد من الدول الأوروبية التى تحظى بمتوسط دخل يفوق دخل بعض كبار المسئولين لدينا، كان فاشلا، لأن أصغر طفل سيرد عليه بسؤال: وهل أوضاعنا يمكن مقارنتها بهذه الدول التى تتمتع بدخول مرتفعة، وخدمات فائقة الجودة، فى التعليم والصحة، ووسائل النقل العام، وغيرها من الخدمات؟.

نقطة أخرى، وبعيدا عن حالة الارتباك التى شهدتها محطات المترو فى الأيام الأولى لتطبيق رفع الأسعار، وخاصة أمام شبابيك الحصول على التذاكر، والعراك بين موظفين مغلوبين على أمرهم ومواطنيين غاضبين، كان لافتا مشهد قوات الأمن التى جرى الاستعانة بها تحسبا للخروج عن النص، الذى ظهرت إرهاصاته فى اليوم الثانى للقرار الذى ولد حالة من الاحتقان.. ألا يشكل ذلك عبئا جديدا على قوات الأمن التى تواجه تحديات جمة؟، وألا يساهم الأمر فى إعادة صورة سلبية سعينا بعد 30 يونيو إلى التخلص منها؟.

يعلم المصريون جميعا أننا نواجه مرحلة صعبة تحتاج إلى تضحيات، لكن العدالة تقتضى توزيع الأعباء على الجميع، وأن يقتنع المواطن أولا بكل قرار، فلا يجد زيادة فى أسعار المترو الذى تستخدمه غالبية الشرائح ذات الدخول المتواضعة، فى الوقت الذى تزيد فيه رواتب ومعاشات بعض الفئات التى لا تعرف للمترو طريقا.

لا أحد مع انهيار مرفق مهم مثل مترو الأنفاق، ولا أحد يتهرب من تحمل عبء تطوير مرافق حيوية أهملت لسنوات، غير أن الناس تحتاج إلى شعور بالرفق بها أولا، وألا تلجأ الحكومة إلى العلاج بـ«الكى» إلا فى أصعب الظروف ثانيا، وأن يتشارك الجميع، كبيرهم قبل صغيرهم، فى تحمل الأعباء ليس بالتساوى، ولكن كل حسب قدرته ثالثا، إذا كنا نبغى عدالة اجتماعية حقا، وحتى لا يمور الغضب المكتوم.

نقلا عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الغضب الصامت فى المترو الغضب الصامت فى المترو



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon