توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر في إجازة

  مصر اليوم -

مصر في إجازة

بقلم : سوزان حرفي

 أهلا بك في القاهرة الجديدة، المنطقة التي تم تصميمها لتوفر مساحة أعلى من الخصوصية، ودرجة أقل من التنوع الطبقي، وتم تخطيطها لتكون سكنا لعلية القوم رجال أعمال وأبنائهم، ومَّن انضم لهم هربا من ضوضاء العاصمة وزحامها، أو طمعا في شوارع واسعة ومرافق جيدة وخدمات عالية المستوى.

وبديهي في منطقة هذا حالها، أن تكون نموذجا يتفادى أزمات المدن السابقة، لكن الواقع لا يحمل فارقا كبيرا، فأمطار مساء الثلاثاء وصباح الأربعاء جعلتها وساكنيها حديث الخاصة والعامة، فها هي أغلى وأغنى الأحياء تغرق كما غيرها، وتعاني ما تعانيه المناطق العشوائية.

فيها يسقط سقف بأحد أكبر الجامعات الأجنبية وتتسرب لغرفه المياه، ويتهاوى آخر بمركز تجاري فخم ويهرول زواره خوفا، وتنهار إحدى جدران نفق بثاني لا يقل رفاهية، سيارات غرقت في مواقفها، ومجمعات غاصت مداخلها وأخرى أصبحت بركا وأنهارا جارية.

تحولت منازل ومطالع كباري إلى بحار عاتية، تقف السيارات وسائقوها أمامها مفزوعين بلا حول ولا قوة، غير قادرين على اجتياز المانع المائي، فتوقفت الحركة وتكدس الزحام، وحبس كل حيث كان، وساد فزع من الأسوأ، حدوث ماس كهربائي أو سقوط مبنى أو لافتات وأشجار على الرؤوس.

إنها ليلة عصيبة كشفت حجم الفساد وامتداده وتوغله، وغياب الدولة وعدم كفاءة مسؤوليها، لكن ما لا يعرفه إلا قاطني القاهرة الجديدة أنها أزمات يومية، وما يخفف منها أنها أفضل حالا من غيرها، وأن هناك محاولات لتعديل ما يمكن تعديله، إرضاء لساكنيها المهمين وتخفيفا عن ذويهم، على عكس باقي المناطق المهملة والمتروكة لساكنيها يتدبروا أمرهم مع أي جديد.

فالشخص الذي دفع مئات الآلاف لينعم بسكنه يواجه إغلاق الشوارع بشكل دائم، والبحث عن مخارج بديلة سلوك يومي، فالمنطقة تشهد توسعة نهر الطريق مرة بعد أخرى، كما أن أوقات خروج المدارس والشركات الخاصة التي تكدست مقراتها بالتجمع مأساة دائمة، يخوض خلالها حربا للمرور في ظل فوضى لا يحكمها قانون؛ ولا يظهر فيها ممثل للدولة إلا ليغلق الطريق لمرور مسؤول كبير.

وهو ما حدث أثناء كارثة الأمطار، حيث تكرر الغياب نفسه، لا شرطة ولا دفاع مدني، لا مطافئ ولا أجهزة إغاثة، أنت والسماء الراعدة والبرق والمطر، فـ«مصر» في إجازة الاحتفال بـ«تحرير سيناء»، لكن الواقع أنها بأجهزتها ومسؤوليها إجازة منذ عقود عن القيام بواجبها تجاه رعاياها.

ليصبح المواطن لا سند له ولا معين، يدفع وحده ثمن أزمة بلد بإدارته وسياسته ومؤسساته وموظفيه، بلد لا يعنيه إرضاء الشعب ولا التخفيف من أعبائه، بلد مشغول عن هموم مواطنيه بلد لا يعرف آليات البناء للغد، ولا يملك مي��ة الاستعداد لأي طارئ أو محتمل، كل حدث بسيط يمثل بالنسبة له مفاجأة، الكثافة السكانية مفاجأة، زيادة أعداد السيارات مفاجأة، ضيق الشوارع وعدم استيعابها للتطور العمراني مفاجأة أخرى، بلد وأجهزته العتيقة ليسا حمل مفاجآت.

من المسؤول؟ سؤال تضيع عنده الإجابات ويضيع في غياهب المجهول، كيف سيتم تعويض خسائر المواطنين؟ سؤال لا محل له أصلا، ولا مجال للتفكير فيه، كيف سيتم علاج ذلك؟ السؤال الأكثر واقعية والأكثر كارثية أيضا.

لا خيار مطروح إلا الهدم والبناء من جديد، أو القبول بأن القاهرة الجديدة كما مثيلتها القديمة، وعلى الطامع في حياة أفضل البحث عن مكان بالعاصمة الإدارية وما حولها من مناطق خيالية الأسعار، ولا ضامن في أن تتلافى نفس الأزمات.

فالأزمات هي تبعات وحصاد عيوب نظام وليس عيوب منطقة، نظام لا يفرق بين غني وفقير، مسؤول أو عامل، يملك أو لا يملك، يعيش بالتجمع الخامس أو بأحد أكواخ العشوائيات، فالجميع عنده سواء في المعاناة، وله من تدني البنية التحتية وسوء التخطيط وغياب الكفاءة، كل حسب نصيبه وحسب مكانه.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر في إجازة مصر في إجازة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon