توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا وفوبيا الأحزاب

  مصر اليوم -

ليبيا وفوبيا الأحزاب

بقلم - د. جبريل العبيدي

منذ أن تمت شيطنة الأحزاب السياسية في ليبيا عبر أزمنة وأنظمة مختلفة، لم تشهد ليبيا أي نضوج للممارسة الحزبية، على الرغم من قِدم التجربة الأولى لظهور الأحزاب وتكوينها في ليبيا منذ عهد الاستعمار الإيطالي، إذ شهدت البلاد بداية نشوئها، إلا أن المواطن قاطعها لكونها كانت تحت راية المستعمر الاستيطاني، مثل الحزب الفاشي الجمهوري، الذي حاول جعل ليبيا شاطئاً رابعاً لروما، ومن الليبيين رعايا طليان من الدرجة الثانية.

الأحزاب السياسية التي ليس لها تاريخ ممارسة طويل في ليبيا، على الرغم من أن بعضها له تاريخ نشأة طويل تسبق تلك التي في بعض بلدان الجوار الليبي، والسبب قد يعود لانقطاع التجربة الحزبية الليبية لفترات طويلة في أزمنة مختلفة، فبعد قطيعة 42 عاماً زمن القذافي، حيث تم تخوين وتجريم الأحزاب وفقاً لشعار القذافي «من تحزب خان»، إذ سيطرت آيديولوجية الكتاب الأخضر في النظام «الجماهيري» الذي كان يتبنى نظام المؤتمرات الشعبية الموزعة على المدن والقرى سيطرة مطلقة طيلة تلك الفترة التي شهدت منعاً، بل وتجريم الأحزاب بشتى أنواعها، وإن كانت حركة اللجان «الثورية» زمن القذافي بمثابة حزب حاكم وحيد مارست السلطة والقمع أحياناً، تحت شعار «الشرعية الثورية»، وتصادمت حتى مع أنصار الفترة الإصلاحية التي قادها القذافي الابن سيف في الألفية الثانية، عندما رفع شعار ليبيا الغد، والذي سرعان ما أفسدته جماعات الإسلام السياسي، بعد تسللها إليه وتبنيها المشروع وتقديمها المراجعات الفكرية بعد أن أخرجوا من السجون، التي سرعان ما اتضح أنه سراب وتقية مارستها لخروج أعضائها من السجون، ليقبع سيف الإسلام القذافي مكانها في سجونها حيناً من الدهر، قبل أن يخرج ضمن العفو العام.

الأحزاب السياسية كثيراً ما تعتريها شبهة توريد مشروع خارجي معادٍ للدولة والحاكم طبعاً، خصوصاً إذا أخفت مصادر تمويلها أو ارتبطت بمشروع خارجي قبل الوطن، ولهذا لم تكن سلطات ولا أفكار القذافي فقط من منعت الأحزاب، بل حتى الملك الراحل إدريس السنوسي فعل ذلك، وتم حل ما تشكل منها مثل جمعية عمر المختار، رغم دورها النضالي البارز، ففي ليبيا تربى المواطن العادي والبسيط على الخشية من الأحزاب، والسلطة الحاكمة نفسها كانت تخشى منها، لأن الجميع اتفق على أن الأحزاب خطر يهدد الدولة سواء الملكية والقصر والعرش وحتى الجماهيرية والزعيم والخيمة، فتمت شيطنة الأحزاب على فترات طويلة من التاريخ الليبي، خشية المد القومي أو العقدي، ولعل سوء التجربة وفشل جل الأحزاب الناشئة في تقديم أو طرح مشروع نهضوي يمكن أن يؤسس لممارسة ديمقراطية صحيحة لا تتلون بآيديولوجيات عابرة للحدود، كتلك التي مارسها تنظيم جماعة الطاعة للمرشد، ما أسهم بشكل فاعل في شيطنة الأحزاب جميعها دون استثناء، حتى بعض تلك التي أظهرت شعارات مدنية لم تكن في ممارستها قادرة على إقناع الناخب بمشروعها البديل عن دولة المرشد، أو دولة «الخلافة»، الذي كانت تقدمه أدبيات وممارسات أحزاب الإسلام السياسي قديماً وحديثاً، وإن لبست جلابيب مختلفة الألوان، ولكنها حيكت من القماش نفسه.

رغم أن أعرق الديمقراطيات في العالم أثبتت الأحزاب فيها أن الممارسة الآمنة للديمقراطية كانت عبر المنافسة الحزبية في تقديم خدمة أفضل، ومشروع سياسي يمكن التعويل عليه، ليس لنقاوتها من أرباب المال الفاسد، ولكن لقوة القانون والنظام الرقابي في تلك البلدان لتتبع تمويل تلك الأحزاب وعلاقتها بالخارج، ولكن الأمر في بلدان الشرق الأوسط وليبيا ليست استثناء، فكانت على العكس تماماً، لدرجة مجاهرة البعض بأسماء الداعمين والمتغولين والنافذين فيها من خارج حدود الوطن، ولكون تلك الأحزاب في أغلبها كانت لا تحمل جدية في تعاطي العمل السياسي، بقدر ما هي تجمع لبعض أصحاب المال السياسي، وواجهة سياسية لأصحاب المشاريع الاقتصادية والمتحكمين في بورصة المال.
المواطن الليبي اليوم يلتمس طريقه المفخخة بالألغام والاغتيالات والإرهاب والتناطح الحزبي نحو وطن وبناء دولة الجميع، يكون المرء فيها مواطناً حراً له كامل حقوق المواطنة، دون الحاجة إلى ملء استمارة انتماء حزبي لينال حقوقه، ولهذا لا نلقي باللوم على المواطن العادي لإصابته بفوبيا الأحزاب، لأننا نخشى أن ممارسة ديمقراطية حقيقية وآمنة لن تتحقق، عندئذ لا يستطيع أحد أن يقنع هذا المواطن بجدوى هذه الأحزاب.


نقلا عن الشرق الأوسط اللندنية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وفوبيا الأحزاب ليبيا وفوبيا الأحزاب



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon