توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

قُل وقُل

  مصر اليوم -

قُل وقُل

بقلم : بسمة عبد العزيز

 اعتدت مُنذ فترة ليست بقصيرة، أن أُطالع مجلة شِبه دورية، تصدر عن مَجمَع اللغة العربية. أحرص منذ ما يقرب مِن سنوات ثلاث، على اقتناء أعدادِها الجديدة كُلَّما سَنَحت الفرصة، وأَطلُب أكثر مِن نسخة؛ فأعطيها لمَن يُبدي اهتمامًا مِن الأصحاب والزُملاء. المجلةُ اسمُها ”مَجمَعِيات“، قليلةُ الأوراقِ رقيقةٌ، مُلونة الصفحاتِ، تَكتُب فيها نُخبةٌ مِن علماء اللغة، وهي نُخبة حقًا، وأعتذر لنفسي وللقارئين والقارئات عما اعترى لفظةَ ”نُخبة“ مِن تغيُّرات في المعنى والدلالة؛ إذ صارت تستدعي مِن السلبيات أكثر مِما تحمل مِن إيجابيات، واستحالت مَبعَث سُخرية واستهانة؛ لما أفرز المنتمون إليها مِن مواقفٍ؛ لا تحظى بالاحترام الواجب.
***

جذبتني منذ العدد الأول الذي وصل إلى يديّ، بعضُ الأبواب التي رأيتها شيقةً، تُرضي جزءًا مِن شَغفي باللغة، ومنها بابٌ عن الألفاظِ والأساليب التي أجاز استخدامَها المَجمَع، ومِنها أيضًا بابٌ بعنوانٍ مألوف هو "قُل ولا تقُل". ثمَّة مفرداتٌ كثيرًا ما استعملتها، وظننت أنها صحيحةٌ تمامَ الصحة، عاريةٌ مِن العيوب، ثم اكتشفت عبر قراءة المجمعيات أنها ليست كذلك؛ أو أنها لم تكُن كذلك إلى أن درسها دارسٌ مِن أصحاب العلم والمعرفة، وأوجد لها مخرجًا، وكَتَب فيها مُذكِّرة، وناقشها المَجمَع ثم أجازها. رحلةٌ طويلةٌ تقطعها كلمةٌ واحدةٌ، كي تحصل على صكِّ البراءة، وتستقر آمنةً بين كلماتٍ أخرى لا حصر لعددِها، وحين ينطقها مُتكَلِّمٌ أو ينقشها كاتبٌ، غالبًا ما يفعل في ثقة واطمئنان لمكانتها، بغير أن يدري ما مَرَّت به، قبل أن تخطر على بالِه.
***

في العددِ الثالثِ عَشر مِن المجلة، وردت كلمةُ ”المُرفَقَات“، واحتلَّ النقاشُ حولها نصفَ صفحةٍ تقريبًا. عديدنا يستخدم الكلمةَ في مُراسلاته عبر البريد الإلكتروني، كي يشير بها إلى مَلفات إضافية مُصاحِبه لرسالته؛ صورة أو دعوة مُرفَقة، بحث مُرفَق، أو برجاء الاطلاع على المُرفَقات. الفعلُ المُشتقَّة مِنه الكلمة كما يبدو هو ”أرفق“، لكن المقالة تنوه إلى غيابه بمعناه المقصود مِن المعاجم العربية. بعد البحث والفحص والتدقيق، ظهرت في المعاجم القديمة مُفردة ”رفاقة“ بمعنى مُصاحبة، وعلى أساسها جرى اعتماد الفعل الرباعيّ ”أرفق“ وأُجيزَت بناءً عليه صيغةَ المَفعول: ”مُرفَق“ و“مُرفَقات“، أما عن المُرادفات الأخرى التي يُمكن تداولها لتعطي المعنى ذاته، فتشمل المُلحقات والمُدرجات.
***

قد يلوح الأمر شاقًا، صعبًا، وربما لا ضرورة له على الإطلاق، خاصةً وحال اللغةِ على الألسنة مُزرية، والمكتوب منها لا يتحرَّى صاحبُه على الأغلبِ صوابًا، ولا يعبأ كثيرًا بصحتِه، بل قد لا يكتم ضحكته حين يسمع بلجانٍ تنعقد، وجهود تُبذَل، بهدف تأصيلِ بعض المفردات، مع ذلك، أظنّ في وجود نِسبة ولو ضئيلة مِن الناس، تعجبها الفكرةُ، ويغلبها الفضولُ، وتستهويها الرحلةُ، فتسعى إلى المزيد.
***

يتَضَمَّن بابُ ”قل ولا تقل“ بعضَ الكلمات التي اعتدنا أن ننطقها خطأً، جنبًا إلى جنب مع النطق السليم. في العدد الحادي عشر على سبيل المثال؛ قُل: كِيان الدولة (بكسر الكاف)، ولا تقُل: كَيان الدولة (بفتح الكاف)، فكِيان هو مصدر مِن الفعل كان. قُل: أكَّد الأمر، ولا تقُل: أكَّد على الأمر، فالفعل ”أكَّد“ هو فعل مُتعد بذاتِه، ولا يلزم استخدامُ حرف الجَرِّ، إلا للإنسان المأمُور: أكَّدت على فلان الأمر.
***

تستهويني قراءةُ البابين السابقين، أُدرِك كُلَّما مَررت بهما كَم أجهل مِن مَعلوماتٍ بسيطة، وكَم أستمتع باكتشاف أخطاءٍ وقعت فيها، وأحاول مِن بعد تداركها وضَبطها. أنسى أحيانًا وأرجع إلى الأعداد القديمة؛ فأضع خطوطًا، ونجومًا، وسهامًا تنبهني إلى ما نسيت.
***

لاحظت في الأعدادِ الأخيرة مِن المَجمَعيات، أن باب ”قُل ولا تقُل“ قد اختفى. انتظرت أن يظهرَ في أعدادٍ تالية؛ لكن الغيابَ امتدَّ وطال. فكَّرت بيني وبين نفسي أنَّ العنوانَ لم يعد مُناسبًا؛ إذ تستدعي الحالُ الراهنةِ عنوانًا أكثر رقَّةً وسلامًا، راودتني ابتسامة صغيرة وأنا أردد همسًا: ”لا تقُل ولا تقُل".

نقلاً عن الشروق القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قُل وقُل قُل وقُل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon