توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

درس من كندا

  مصر اليوم -

درس من كندا

بقلم : عبد الناصر سلامة

 هو درس من كندا إلى كل دول العالم المتخلف، درس من الأطباء للأطباء وغير الأطباء، درس للمدنيين وغير المدنيين، للرجل وللمرأة، للكبير والصغير، للشاب والفتاة، للأطفال والشياب، هو درس كان يجب أن يتصدر عناوين الصحف، كان يجب أن يتصدر نشرات الأخبار، كان يجب أن يكون جل اهتمام المواقع الإخبارية، مناقشات البرلمان، علماء النفس والاجتماع، خبراء السياسة، الخطبة الورقية لوزارة الأوقاف، الأهم من ذلك مناهج الدراسة، يجب أن تتضمنه مناهج العام المقبل على الفور، من أجل الأجيال المقبلة ليس أكثر، ذلك أن الأجيال الحالية قد فاتها فيما يبدو قطار التعليم.

أكثر من ٥٠٠ طبيب و١٥٠ من طلاب الطب فى كندا، وقعوا عريضة، أرسلوا بها إلى الحكومة، يحتجون فيها على زيادة رواتبهم، أى والله، زيادة رواتب الأطباء وليس الحكومة! قالوا فى رسالة الاحتجاج، إن المرضى يعانون، وأطقم التمريض كذلك، أى أن الآخرين هم الأولى بالاهتمام، أو على الأقل المساواة، يرى الأطباء أن هذه الزيادة كبيرة للغاية، ولا يمكنهم قبولها فى الوقت الذى يعانى فيه آخرون، قالوا إن الزيادات فى رواتبهم صادمة، لأن أطقم التمريض والعاملين الآخرين فى القطاع الطبى يواجهون صعوبات فى العمل، كما يعانى بعض المرضى من ضعف الخدمات المقدمة إليهم، نصح الأطباء بإعادة توزيع المواد الطبية بشكل أفضل وأكثر عدلاً فى مقاطعة «كيبيك» التى ينتمون إليها، لتطوير القطاع الصحى وتلبية احتياجات المرضى.

السؤال هو: هل سمعنا بمثل ذلك فى عالمنا المعاصر؟ هل يمكن أن نسمع ذات يوم بمثل ذلك فى عالمنا المصرى المحدود، لا شك أن الدين يأمرنا بالمساواة، والعدالة الاجتماعية، وحب لأخيك ما تحب لنفسك، وليس مِنّا من بات شبعان وجاره جائع، والناس سواسية كأسنان المشط، إلى غير ذلك من كثير لن ترتقى إليه أى قوانين أو أخلاقيات عامة، إلا أننا الآن أمام جوانب من هذه السلوكيات على الطبيعة، سواء بوازع دينى، أو من صنع الإنسان الذى بلغ درجة من الرقى والانتماء والوطنية والإنسانية، لم تبلغها أية دساتير وضعية.

هى رسالة من أطباء كندا إلى العالم الخارجى، بأن الوطنية ليست شعارات جوفاء، ولا أناشيد للاستهلاك المحلى، ولا نياشين للزينة، ولا احتفالات وخطبا عنترية، ولا أى شىء من هذا القبيل، الوطنية أفعال وليست أقوال، ممارسات على أرض الواقع وليست على الورق، وإلا فليدلنا أحد على موقف مشابه من الأنظمة التى لا حديث لها سوى عن الانتماء والوطنية وحب الوطن والإيثار، إلى غير ذلك من شعارات لم يعد أحد ينصت لها، أو يعيرها اهتماماً.

للأسف اعتادت دول العالم الثالث الإعلان عن زيادة رواتب فئات دون أخرى، أو بمعنى أدق فئات بعينها، ربما زيادة رواتب الفئات التى لا تحتاج إلى زيادة! أو لا تحتاج إلى زيادة مقارنة بالفئات الأخرى، جرت العادة على استمالة هذه الفئات المعنية بالزيادة لصالح الأنظمة، بالتأكيد هى أنظمة ضعيفة التى تفعل ذلك، لو أنها كانت قوية لما لجأت إلى مثل هذه الأساليب، ذلك أن الأنظمة أو الحكومات يجب أن تكون معنية بالشعب كل الشعب، استقرار كل الفئات يصبّ فى صالح النظام على المدى البعيد، أما استقرار فئات بعينها لا يخدم النظام سوى على المدى القريب فقط، ذلك أن الطوفان فى النهاية لا يرى ولا يسمع.

أعتقد أن أول دروس الوطنية، هو ذلك الدرس الكندى، هو بمثابة نشيد لطابور الصباح فى المدارس يجب أن يردده التلاميذ بشكل يومى، هو الدرس الذى يجب أن يتعلمه كل مواطن قبل أن يتعلم فكّ الخط، أو قبل محو أميته، درس المساواة، السواسية، عدم التفرقة، المواطنة، حقوق الإنسان، الوطن للجميع، الإيثار، حتى لو جاء التفضيل من الحكومة فى هذه الحالة سوف يرفضه المواطن، ذلك أنه قد تعلم فى مدرسة المواطنة الحقيقية، وليست مواطنة الزيف والنحنحة والسهوكة، وغير ذلك من الممارسات التى اقترنت دائماً وأبداً بترسيخ قواعد التمييز والتفضيل لفئة دون أخرى دون أى مبررات منطقية.

هذا السلوك القادم من كندا، يجيب عن السؤال المطروح طوال الوقت: لماذا تقدموا، ولماذا تخلفنا، لماذا التقدم هناك مستمر، ولماذا التراجع لدينا مستمر، لماذا أصبحوا كذلك، ولماذا أصبحنا كذلك؟! لنراجع فقط قرارات أى دولة من دول العالم الثالث خلال السنوات الأخيرة فيما يتعلق منها بالأجور والمعاشات لنقف على حجم الأزمة، أو حجم الفجوة، من هى الفئات التى كانت اكثر استهدافاً بالزيادة، وهل سمعنا أى رد فعل على غرار الفعل الكندى، أو هل يمكن أن نسمع ذات يوم، لتكن مصر مثالاً حتى لا نصطدم بأنظمة أخرى صديقة أو شقيقة؟ إنها الوطنية الكندية شعبياً وتنفيذياً، إنها العدالة، لنتأسى بكندا وأطباء كندا، قبل أن تتسع الفجوة إلى مساحات يصعب التعامل معها فى المستقبل.

نقلاً عن المصري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

درس من كندا درس من كندا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon