توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

غارمات خارج الأسوار

  مصر اليوم -

غارمات خارج الأسوار

بقلم : نوال مصطفي

 لاتزال قضية »سجينات الفقر»‬ تؤرقني، أحملها داخلي وأسير كوجع مقيم لا يفارقني. كنت أول من كشف عن تلك الظاهرة المنتشرة في سجون مصر وكان ذلك عام 2007، الغارمات أو »‬سجينات الفقر» كما أطلقت عليهن منذ أن اكتشفت قضيتهن المغرقة في التراجيديا. انتبه المجتمع وتعاطف معهن، وبدأت جمعية رعاية أطفال السجينات التي أشرف بكوني مؤسستها في تحرير أول سجينة، »‬أميمة» كانت تميمة الحظ والفرج لمئات بل آلاف الغارمات والغارمين، وزاد فخري بتبني الرئيس عبد الفتاح السيسي للقضية وتوجيهه لمؤسسات المجتمع المدني وصندوق تحيا مصر للمشاركة في تسديد ديون الغارمات، بعدها شاركت جمعيات كبري ومنها "مؤسسة مصر الخير" في تسديد ديون الغارمات والغارمين، وإجراء التصالح مع الدائنين ثم الإفراج عن السجينة الغارمة.

مرت القضية خلال الأحد عشر عاما الماضية بمراحل كثيرة، ازداد وعي المجتمع بوجودها، بعدما سلطت الضوء عليها من خلال حملتي الصحفية الممتدة "سجينات الفقر" وأصبحت في بؤرة اهتمامات المصريين الخيرين الذين يسعون إلي عمل الخير بل يركضون سعيا إليه. حمدت الله وشكرته أن جعلني سببا في تحرير رقاب العديد من الغارمات والغارمين في مصر، لكنني وخلال مشواري الطويل معهن لاحظت أن تسديد الدين والإفراج عنها من أجل أن تعود إلي بيتها، وتحتضن أطفالها لتحميهم من شرور الدنيا وقسوتها في غياب الأم لم يحل المشكلة بشكل جذري وحاسم. الكثير منهن كن يعدن إلي السجن مرة ثانية لأن الأسباب التي ألقت بهن في السجن في المرة الأولي لاتزال قائمة. الفقر، الجهل، عدم الوعي بالقانون، استغلال التجار الجشعين لكل ذلك.

بدأت مشروع حياة جديدة من أجل تدريبهن علي حرفة تساعدهن علي كسب رزقهن من خلال عمل شريف، بدأنا بورشة داخل سجن القناطر بالتعاون مع مصلحة السجون ومن خلال بروتوكول موقع بين جمعية رعاية أطفال السجينات ومصلحة السجون، ثم افتتحنا ورشة خارج السجن بحي الهرم لتوظيف السجينات بعد خروجهن من السجن، بالإضافة إلي التأهيل النفسي الذي يجري معهن وأطفالهن من خلال الجمعية. رغم كل الجهود الجادة المبذولة من أجل تحسين حياة تلك الفئة المظلومة، المقهورة، أشعر كلما تعمقت وحفرت في دهاليز تلك القضية الشائكة التي احتلت اهتمامي، وحفزت شغفي من أجل فعل شيء ما لتغيير حياة هؤلاء. إن الحل الجذري، الحقيقي، يجب أن يكون عبر تعديلات قانونية، تتعامل بروح القانون، لا نصوصه المجردة، الصماء.

لذلك أواصل لقاءات التحالف الوطني لحماية المرأة بالقانون ومبادرتي »‬غارمات خارج الأسوار» وأمس الأربعاء 4 أبريل 2018 كان اللقاء الثالث مع قضاة، وخبراء في التشريع والقانون علي أعلي مستوي من العلم والخبرة، بالإضافة إلي أعضاء البرلمان الذين أبدوا حماسا شديدا للمبادرة المطروحة منذ أكثر من عام ونصف العام نقدم من خلالها فكرا جديدا لعقوبات بديلة تؤديها الغارمة خارج السجن، وهو أسلوب حضاري اعتمدته الكثير من الدول ورأت فيه فائدة للمجتمع والفرد والأسرة.

الغارمة ليس مكانها السجن، لم تسرق، لم تقتل، لم ترتكب أي جرم يستحق السجن، فقط تعثرت، ووقعت في فخ الفقر والجهل بالقانون. لذلك وجب علينا البحث في أعماق المشكلة والخروج بحلول جديدة خارج الصندوق، العقوبات البديلة التي أطلقتها في مبادرتي "غارمات خارج الأسوار" من خلال مائدة مستديرة جرت وقائعها بمكتبة القاهرة في العشرين من يناير 2017 ألقت بحجر في البحيرة الساكنة، وحفزت العقول والقلوب لفعل شيء منطقي ويمكن تطبيقه، تحمس رجال القانون وأعضاء البرلمان للمبادرة وها نحن نقطع أشواطا في اتجاه الخروج بتشريع مدروس، يراعي حقوق الدائن، وفي الوقت نفسه يمنع سجن الغارمة الفقيرة، وبذلك نحمي الأسرة والمجتمع، ونحمي أطفال السجينات من أن يصبحوا قنبلة موقوتة تنفجر في وجه المجتمع لو تركناهم في العراء، بعيدا عن حضن الأم وجدران بيت يحميهم من تجار الشر والجريمة والتطرف.

أول الغيث قطرة، وقد قطعنا خطوات وخطوات في مشوار الألف ميل. وفقنا الله جميعا لما فيه خير مصر وأهلها. آمين

 نقلاً عن الآخبار القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

غارمات خارج الأسوار غارمات خارج الأسوار



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon