توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ريم بنّا.. وصوت الوطن الذى يبقى

  مصر اليوم -

ريم بنّا وصوت الوطن الذى يبقى

بقلم : عزة كامل

 -1- رحل الجسد، حلق بعيدا إلى مقام الحلم والرؤيا، هزم الموت جسدها، ولكنه لم يهزم روحها، فقد مرت كالشهاب فى عالمنا، كالنور الذى ينهض من قاع الأساطير، رمت على الأحجار معاطفها وهزّت الجبال مواويلها، وانطلق صوتها يرمّم الوجع والألم، نصعد معه إلى مقام الكشف والتجلى ليكتمل قرب النهاية، وتكمل رحلتها، رحلة «ريم بنا» الفلسطينية الاسم والهوية والروح، فى سلم معراجها السرى عبر ألحانها وأغنياتها للوطن وللجرح الإنسانى عموما، رحلت عنا بعدما امتلأ العالم حولها بكل أسباب الرحيل، تركت رائحتها المختلطة برائحة القهوة واللوز، وغرست زيتونتها.

-2-أوقفها القدر عنوة عند مفترق طريق متعثر وصعب، ومضت مع الريح وهى تحمل قلبا لا تخفت صلاته، مرتبكة فى ضبط إيقاعاته، حائرة بين العشق والهوى، وهى تحاول النهوض من حلم عابر وتجرى كغزالة نحو الشمس، وترشف ضوءها، من قمر فى الماء يسبح فينعش المساء، لم يمنعها مرض السرطان اللعين فى أيامها الأخيرة أن تقاوم الموت وتتحداه فتغرد «حين وقفت على قدمى هذا الصباح، وكابرت على وجع شديد أصابهما ومشيت، كأننى ولدت من جديد، أدركت أنى سأتبع درب الورد، لا درب الآلام، وعرفت أنى ماضية مع الريح، كلما علوت وجعى وابتعدت، كلما صغر وضاق»، وعندما أصاب الشلل أحبالها الصوتية التى كانت سلاحها فى مقاومة الاحتلال بعد مرضها، ظلت تغرد، رغم أنها تعلم أن خلف الجدران تولد الأحلام الملونة وتمضى، ولكنها ظلت تكابر وتحاول الغناء، ورغم أنفاسها القصيرة المتقطعة التى تعاندها، حاولت جاهدة، ونجحت بإرادتها وبشغفها للحياة أن تسجل «ألبوم»، ربما يرى النور فى الشهر القادم.

-3-كتبت ريم لأولادها قبل رحيلها بأسبوعين «لا تخافوا، هذا الجسد كقميص رث، لا يدوم، حين أخلعه، سأهرب خلسة من الورد المسجّى فى الصندوق، وأترك الجنازة و(خراريف العزاء) عن الطبخ وأوجاع المفاصل والزكام.. مراقبة الآخرات الداخلات، والروائح المحتقنة، وسأجرى كغزالة إلى بيتى، سأطهو وجبة عشاء طيبة، سأرتب البيت وأشعل الشموع، وأنتظر عودتكم فى الشرفة كالعادة، أجلس مع فنجان الميرمية، أرقب مرج ابن عامر، وأقول.. هذه هى الحياة جميلة، والموت كالتاريخ فصل مزيف».

كان حلمها أن يكون صوتها هو صوت الحرية الفلسطينية، وقد تحقق عندما أطلقت ألبوم «مرايا الروح» وأهدته إلى الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية، وحملت صوت وتاريخ فلسطين عبر أغانيها التراثية، بقلب طاف فى الهوى وإلى الحرية، كما تقول فى ثلاثة حروف «هى اسمى وحلمى لا يساوم وغزالتى فى الريح سارحة».

-4-أخذت تؤسس فوضى عواطفها على حافة الهوية وبين عشقها لشجر الزيتون والميرمية واللوز المعجون بعشق تراب الوطن، تصرخ مثل الغزالة، تريد أن تعيد الحياة للغيوم المهاجرة، والمخيلة النازفة، تحمل تاريخ وطنها فى صوتها، تتأمل الهواء وورد الشبابيك ودرب الأحلام الذى لم تعد تطؤه قدماها، والأصدقاء والجسد والوجع والروح، والمشافى التى لم تسع جسدها الصغير، والوطن الذى عشقته.

يا ريم رحلت ولكن مرايا الروح مازالت تحاصرك فى رحلتك إلى أفق الأقحوان وأنت تترقرقين توهجا فوق عوسج الجدران، ورمقك الأخير يشتعل فى صمت الحنايا ويمتد إلى الوطن ترنيمة للسفر ومطر ينعش أغنيات القمر.

نقلاً عن المصري اليوم

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ريم بنّا وصوت الوطن الذى يبقى ريم بنّا وصوت الوطن الذى يبقى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon