توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فرصة نادرة في العراق... قد تضيع من جديد

  مصر اليوم -

فرصة نادرة في العراق قد تضيع من جديد

بقلم : مينا العريبي

  تتواصل المشاورات بين القيادات السياسية في العراق حول التحالفات الجديدة التي ستؤمن تشكيل الحكومة المقبلة وسط ضغوط داخلية وخارجية متعددة. فكل طرف يريد أن يؤمن مصالحه والخوف من أن تضيع مصلحة العراق خلال عملية المساومة الجارية. وهي عملية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من العمل السياسي العراقي بسبب النظام البرلماني الذي فرض على العراق بعد حرب 2003 وانقسامات الأحزاب مما يجعل خروج حزب واحد بأغلبية تشكل الحكومة شبه مستحيل. المشاورات الجارية حول قيام ائتلاف جديد لتشكيل الحكومة تعطي رجل الدين مقتدى الصدر الأولوية مع تقدم قائمته «سائرون» بـ54 مقعداً من أصل 329 مقعداً في البرلمان. ومن المفارقات أن تعلق الآمال اليوم على الصدر لإخراج العراق من مأزق الفساد وعسكرة المجتمع وتشكيل حكومة تكنوقراط، بعد أن كان من أبرز الداعمين للتسليح خارج الدولة من خلال جيش المهدي المنحل.

اليوم، هل يمثل الصدر رجال الدين أم الشعبويين أم الشيعة أم الإصلاحيين أم المسلحين؟ هناك الكثير من التناقضات قد لا نجدها إلا بدولة مثل العراق، مما تجعل الصدر قادراً على تمثيل كل هؤلاء، ولو جزئياً. التزامه بخط مكافحة الفساد والهوية العراقية قبل كل شيء جعل شعبيته في تصاعد بين فئات مختلفة ذات توجهات متعددة. اقتحام البرلمان العراقي والمنطقة الخضراء من قبل الموالين للصدر عام 2016 كانت نقطة مفصلية للصدر ومؤيديه، إذ وجدوا إقبالاً شعبياً للتحرك ضد فساد الطبقة الحاكمة حتى وإن كانت عملية الاقتحام نفسها مرفوضة من حيث مبدأ احترام الدولة. ولكن إذا كان المخول لقيادة الدولة فشل في احترامها، من الصعب فرض ذلك على من تضرر منها. منذ 2016 أصبح الصدر الصوت الأعلى ضد الفساد والمطالبة بحكومة يقودها المختصون والتكنوقراط. واليوم، الفرصة أمام الصدر لتحقيق وعود مكافحة الفساد وبناء الدولة. المعارضة تختلف عن الحكم، وينتظر العراقيون من الصدر، ومن يتحالف معه، ألا يفشلوا في اختبار الحكم، كما حصل في السابق.

عاش العراقيون مثل هذه الأجواء قبل 8 أعوام، عندما فازت قائمة «الوطنية» بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي بأكبر عدد من المقاعد في البرلمان. وكانت «الوطنية» تعد الناخب بتخطي الانقاسامات الطائفية. إلا أن المشاورات بين الكتل السياسية، وبدعم من طهران وبتخلٍ من واشنطن، أدت إلى عودة نوري المالكي للحكم وبتأييد من أحزاب إسلامية شيعية مدعومة من إيران. وكانت تبعات ذلك وخيمة على العراق.
اليوم التوقعات بنهوض بغداد من خلال حكومة قادرة على تخطي التحديات الأمنية والخدمية والمالية رهن الائتلاف الذي سيشكله الصدر، والذي يجب أن يفي بوعود التخلي عن الطائفية والاعتماد على الكفاءات في الحكومة. بعد لقائهما الأخير، تعهد الصدر ورئيس الوزراء حيدر العبادي بتشكيل حكومة «أبوية»، أي تكون عابرة للطائفية والاختلافات الداخلية وغير مفسدة، تعتني بالمواطن وترعاه. لكن المجتمعات والاقتصادات المتطورة تعتمد على أنظمة حكم متقدمة وبرامج سياسية ناضحة للتطور. تعبير «الأبوية» أثار تساؤلات من أن تكون الحكومة تعتمد على شعارات «الإبوة» بدلاً من نظام مبني على حقوق المواطنين ومسؤولياتهم.
من أبرز نتائج الانتخابات التي أحدثت تغييراً في التوازنات داخل الأحزاب الشيعية الإسلامية، فوز لوائح مثل لائحة «النصر» للعبادي العابرة للطائفة، وحصول وزير الدفاع السابق خالد العبيدي، وهو من منتسبي الجيش ومن أبناء الموصل، على أكبر عدد للأصوات في الموصل من خلال لائحة العبادي، الأمر الذي يعد ذا دلالات إيجابية.

لكن هناك مؤشرات تثير القلق؛ أبرزها محاولة جهات إسلامية شيعية مدعومة من إيران أن تفرض نفسها على الائتلاف الحكومي. وقد فشلت جهود المالكي حتى الآن في تشكيل «حكومة أغلبية» (أي أغلبية شيعية إسلامية)، وهي كانت من وعوده الانتخابية. وقد تراجعت حظوظه مع تراجعه في النتائج الانتخابية.

لا شك أن حصول المالكي على عدد من الأصوات يثير الانتباه، ولكن في الواقع تراجع عدد الاصوات له من عدة مئات الآلاف في الانتخابات السابقة إلى 100 ألف هذه المرة.

إلا ان إيران لديها عناصر أخرى تدعمها قد تدخل التشكيل الحكومي، وستعمل على فرض الانقسامات الطائفية من جديد. فقد أسرعت طهران بإيفاد قائد «فيلق القدس» والمسؤول عن عمليات إيران العسكرية الخارجية قاسم سليماني إلى بغداد، سعياً لفرض وجود القوى التي تدعمها إيران في المرحلة المقبلة. على رأس القائمة هادي العامري الذي يقود لائحة «الفتح» التي تمثل عناصر «الحشد الشعبي» المدعومة من إيران، والتي حصلت على المرتبة الثانية من حيث عدد المقاعد في البرلمان. وعلى الرغم من التوقعات الأولية بأن يكون تحالف الصدر مع رئيس الوزراء العراقي العبادي وعدد من القوائم التي تمثل تنوعاً سياسياً وعرقياً وطائفياً، إلا أن خطر الخروج بائتلاف من الأحزاب الشيعية الإسلامية قد يجعل شريحة كبيرة من العراقيين ترفض هذه الحكومة. كما أن السعي للقضاء على الفساد والمحاصصة الطائفية يعتمد على ائتلاف متنوع مبني على برنامج سياسي بعيد عن المسميات الطائفية.

وتحرص إيران على تثبيت موقعها في العراق مع زيادة الضغوظ الإقليمية والأميركية عليها. وبالتزامن مع وجود سليماني في العراق، يتجول المبعوث الأميركي الخاص بريت مكغريك بين بغداد ومدن عراقية أخرى سعياً للتأثير على العملية السياسية. إيران ستزيد من جهودها في العراق وستسعى لمحاربة واشنطن هناك، وهذا ما ينذر بفترة عصيبة على العراق إن لم تنجح القوى السياسية العراقية بمواجهة طهران. وفي خطابه عن إيران يوم الاثنين، قال مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي في خطابه «دعم سيادة العراق ودعم نزع سلاح الميليشيات الشيعية» من المطالب الأميركية من إيران. وهناك اليوم 12 مطلباً أميركياً تتمحور حول موقع إيران في المنطقة، حيث قال بومبيو إن العقوبات الأميركية ستفرض لأنه «لا يمكننا أن نواصل تمويل قاسم سليماني».

سليماني، الذي برز في العراق ويتجول في أراضيه وأراضي سوريا، لن يفوت فرصة في تثبيت مصالح طهران. المطلوب ألا يفوت العراقيون وجيرانهم العرب الفرصة الحالية لتشكيل حكومة يمكنها أن تثبت الهوية العراقية وتسعى لصد التوسع الإيراني. الفرصة لن تتكرر.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندتية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فرصة نادرة في العراق قد تضيع من جديد فرصة نادرة في العراق قد تضيع من جديد



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon