توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حول غولنة إسرائيل

  مصر اليوم -

حول غولنة إسرائيل

بقلم : د. آمال موسى

  إنّ الحديث عن مخاوف من إشعال منطقة الشرق الأوسط والزج بها في حروب مدمِّرة لا نعتقد أنّه حديث مبالَغ فيه أو يتلاعب بمعانٍ كبيرة مخيفة؛ فمنطقة الشرق الأوسط تمر بالفعل بمرحلة عصيبة جداً تتسارع فيها الأحداث على نحو يكشف أن الوضع يمكن أن ينفلت في أي لحظة.

طبعاً للمنطقة توتراتها المعروفة ولكن الجديد هو أن السياسة الأميركية تجاه إسرائيل هي التي حوّلت الخطاب حول المنطقة من خطاب التوترات إلى خطاب الاشتعال وسيناريو حرب جديدة.

تسعى الولايات المتحدة إلى تلبية طموحات إسرائيل التاريخية بحماسة غير مسبوقة وجرأة صادمة. فبعد أن أعلن الرئيس دونالد ترمب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل وسط صدمة غالبية دول العالم ها هي إسرائيل تحاول تحقيق مكسب تاريخي إضافي من خلال تجنيد جهودها الدبلوماسية لنيل اعتراف ثانٍ، يتمثل في الاعتراف بسيادتها على هضبة الجولان المحتلة منذ حرب 1967 والتي أعلنت إسرائيل ضمّها لأراضيها سنة 1981 من دون أن تلقى اعترافاً دولياً بخطوتها هذه آنذاك.

تبدو شهية إسرائيل مفتوحة على مصراعيها في عهد الرئيس ترمب.

السؤال الآن: هل الولايات المتحدة تدرك تداعيات غولنة إسرائيل في المنطقة وجعلها تحصد ما لم تكن تتوقع الوصول إليه؟ ثم هل هذه الغولنة فعلاً تصب في جهود تحقيق السلام في المنطقة؟

إنّ الولايات المتحدة لم تكتفِ باعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، وها هي توظّف الوضع في سوريا لمزيد من تحقيق طموحات إسرائيل. والمشكلة أنه لا اعتبار لما يمكن أن ينجرّ عن ذلك من إشعال للمنطقة ومن تنمية للتوترات والأحقاد.

بل إنّ حماسة الإدارة الأميركيّة مع إسرائيل قد تنقلب إلى ضد مصلحة إسرائيل أصلاً التي لن تنعم بالاستقرار، والأحقاد تتراكم ضدها. أيضاً نلحظ أن هذه السياسة تخدم الأصوات، التي تدعو إلى الإرهاب وأنْ لا حل في الرّهان على السلام دون قتال. فالقضية الفلسطينية الآن مختلطة الأوراق بعد الإرباك الذي حصل بسبب اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل، خصوصاً أن الوضع الفلسطيني الداخلي يعاني من مشكلات عدة. لذلك فإنه إذا صدق توقع القادة الإسرائيليين بأن ضغوطهم على الجانب الأميركي تسير في طريق إيجابية وخلال أشهر قليلة سيتم الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، فإن ذلك يعني أن الاشتعال لا مفر منه من منطلق ما تحمله هذه الاعترافات القوية المتتالية من استفزاز وظلم واعتداء على حقوق تاريخية.

لا شك في أننا أمام أقوى استثمار إسرائيلي لحالة الوهن العربية وللمشكلات الحاصلة منذ حرب الخليج الأولى وصولاً إلى ما سُمي الثورات العربية التي مع تراكم الأحداث ننتبه إلى أنها لم تكن صدفة أو ربما بدأت صدفة تاريخية ثم تم توظيفها من طرف الأذكياء الذين يستثمرون في الضعف العربي والانقسامات العربية.

وكما هو واضح على الأقل على المدى القصير، فإن البلدان العربيّة والإسلاميّة هي المتضررة من سياسة الاندفاع الأميركية لتلبية طموحات إسرائيل، لذلك فإن العقل يملي على بلداننا أن تنتبه النخب الحاكمة فيها إلى سيناريوهات الاشتعال المنتظرة التي ستزيد تعقيد الوضع وإهدار الإمكانات التي أضحت بدورها قليلة.

إنّ الرّهان على أوروبا مهمّ في المرحلة الراهنة ولا بدّ من تكثيف الجهود على نحو يتم فيه إنصاف الجانب الفلسطيني وحقه في القدس. كما أن منع الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان وفك الصلة بين اتخاذ هذه الخطوة وعلاقة ذلك بالملف النووي الإيراني من شأنه أن ينقذ منطقة الشرق الأوسط من الاحتمالات الصعبة على الجميع بما فيها إسرائيل ذاتها التي لم تفكر جيداً في أن أمنها تحدّده دول الجوار قبل الولايات المتحدة. نعتقد أن ما يحدث ليس شأناً شرق أوسطي فقط بل هو يهم العالم الذي ليس في صالحه بالمرة المزيد من تعقد أمر الإرهاب ونشوب حرب عالميّة جديدة.

ما يحصل الآن هي سياسة ممنهجة تهدف إلى رفع عدد اليائسين وحجم الاحتقان في مسائل حساسة جداً مثل القدس ورمزية القدس وعلاقتها بالهوية الدينية والثقافية. وكما نعلم فإن اليائس هو عبارة عن قنبلة موقوتة لأنه لا شيء لديه يخسره. الظاهر أن هناك حاجة مؤكدة اليوم إلى إنعاش دور وسطاء السلام والمفاوضات من أجل السلام: الوسطاء الذين ما فتئت تخذلهم سياسة إدارة الرئيس ترمب وتقوّي ضدهم محور الممانعة والرفض.
هل يعلم الرئيس الأميركي أنه حين يُهزم العقلاء والذين يؤمنون بالحوار والمفاوضات يُهزم السلام فكرةً وقيمةً ووضعاً؟

إن غولنة إسرائيل باب لن يؤدي إلا إلى إضعافها، لأنه لا معنى لأي شيء في بلد يكون محاصراً بقنابل بشرية موقوتة، الحياة والموت عندها سيان، بسبب الهيمنة والبطش.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول غولنة إسرائيل حول غولنة إسرائيل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon