توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ذوو الاحتياجات الخاصة.. وجوائز السماء

  مصر اليوم -

ذوو الاحتياجات الخاصة وجوائز السماء

بقلم - ناجح إبراهيم

لم تكن لى سابقة تعامل مع ذوى الاحتياجات الخاصة حتى دخلت الجامعة وأقمت مع أشقائى ومع أ.د.محمد يوسف عبدالحكيم، الأستاذ بعلوم أسيوط حالياً، الذى كان وقتها طالباً بالكلية، مشروعاً لتقوية الطلاب وتأهيلهم للشهادات التعليمية، وكان بينهم طالب لديه شلل أطفال اشترط علينا والده توصيله لبيته بعد الدراسة فتعهدت له بذلك.

كنت آخذه وأسير معه ببطء لا تتحمله عجلة شبابى وقتها، فكنت أصابره حتى أسلمه لوالدته، فوقرت فى قلبى سعادة لذلك، وأصبحت خطواته البطيئة تسعدنى وتشعرنى بقوله «وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفاً»، وبنعمة الله على أمثالى الأصحاء، مضت الأيام سريعاً وانتهت الإجازة الدراسية ومهمتى السعيدة.

مرت الأيام ووصلت للسنة الثالثة بكلية الطب، كان زميلنا بالكلية والمدينة الجامعية يعانى من مرض شهير فى العضلات اسمه Myopathy لم أكن أسمع عنه من قبل، ثم أصبحت عبقرياً فى معرفته لأننى طالعت مع زميلى هذا طوال عامين كاملين كل ما كتب عنه.

كان زميلنا «موسى» لا يستطيع الاستيقاظ من نومه أو القيام أو دخول دورة المياه أو نزول وصعود السلم إلا بمساعدتى وزملائى، شحذت همتى وعزمت على أن أقوم بمساعدته، أكرمنى الله فى المقابل أنه كان السبب فى تفوقى الكبير فى الكلية، فقد كان لزاماً علينا المكوث فى الكلية بين المحاضرات وغيرها، فنضطر معاً للمذاكرة والمراجعة والتدقيق فى العلم.

وقد كان لصديقى هذا أسلوب متميز فى المذاكرة تعلمته منه وهو كتابة العناصر الأساسية فى أوراق صغيرة توضع بالجيب وتراجعها كل فترة سواءً فى حِلّك أو ترحالك.

تعلمت من «موسى» الكثير.. والأهم الصبر ممتد المفعول واللانهائى، كان يصعد السلم فى ربع ساعة وكنا نصعده فى دقيقة، عرفت منه أهمية تجهيز الحمامات الإفرنجية وسلاسة الطرق وعمل المصاعد لذوى الاحتياجات الخاصة.

تعطل مصعد الكلية يوم أحد امتحاناتنا، لم يكن أمامنا خيار سوى حمله مع زميل عمرى د.مصطفى السنارى، استشارى القلب الآن، إلى الدور الرابع مناصفة كل منا يحمله دورين، تعلمت منه عدم الحكم على الناس بالظاهر، كان يمشى كالبطة لعمل توازن بين العضلات فيظنه من لا يعرفه أنه يسير متكبراً متعالياً ولكن الحقيقة كانت شيئاً آخر، لم يكتشف علاج للمرض إلا بعد موت «موسى» بسنوات، تعلمت أن مكابدة هذا الصنف من الناس ليس يسيراً فهم فى غاية الحساسية، وقد يغضبون على من يخدمهم دون سبب ظاهر، وقد كان معنا فى المعتقل مصابون بالشلل يغضبون مراراً على من يخدمهم فيقابلون ذلك بالحلم والصبر الجميل.

بعد سنوات طويلة من عمرى رُزقت بطفلة «داون»، سميتها «نوران»، جمعت إعاقتين ذهنية وبدنية «داون مع ثقوب فى القلب» علمتنى الكثير، كانت تتنفس بصعوبة، كانت تحتاج من يحملها طوال الليل، كانت رائعة الجمال، ولكنها مثل مرضى القلب، تنام قليلاً وبطريقة معينة كأن الله هداهم جميعاً لها، كانت سبباً فى انطلاق أرواحنا وأبداننا نحو بذل جديد.

عزمت أسرتنا على ترك كل شىء من أجل رعايتها، تقاسمنا همها، عرفت من خلالها كل الأسر التى ترعى هؤلاء، كل أسرهم تجمع على حبهم وودهم وأنهم سبب خيرها وبركات وجوائز السماء التى تنهال عليهم.

من هؤلاء جميعاً دلفت إلى هذا العالم الجميل الرقيق الذى عذابه عذب، وتعبه راحة، أحببتهم، أقول لكل طبيب أو صيدلى أو تاجر ألا يتقاضى أجراً من هؤلاء، وأحاول فعل ذلك دائماً، أقدم لهم البيبسى الذى يعشقونه، فيشرب الطفل سريعاً كوبه مع كوب أبيه وأمه، ينظرون إليه بعتاب فأقول لهم إننى سعيد بهذا المنظر المتكرر.

استحضرت ذلك كله وأنا أتحدث فى ندوة مركز تأهيل ذوى الاحتياجات الخاصة بالإسكندرية، التى رعاها د.علاء رزق، صاحب الهمة العالية فى خدمة المجتمع، ووجدت هناك عمالقة خدمة هؤلاء الضعفاء بالإسكندرية وغيرها من أمثال د.مكرم رضوان، أ.نعمة حافظ، د.حاتم فهيم، اللواء.أسامة خليل، د.هدية السعيد، وغيرهم.

إنهم جميعاً يعيشون مع هتاف النبى الكريم «إنما تنصرون وترزقون بضعفائكم»، والذى عاتبه ربه لأنه أعرض عن كفيف من أجل دعوة قادة وساسة كبار غيره، لم يرَ الكفيف الإعراض ولكن الله رآه فكان العتاب الشديد {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَن جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى}.. فكم أعرضنا مراراً عن هؤلاء وقصرنا معهم، اللهم اغفر لنا تقصيرنا فى حقهم وحق غيرهم.

 

نقلا عن الوطن القاهريه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذوو الاحتياجات الخاصة وجوائز السماء ذوو الاحتياجات الخاصة وجوائز السماء



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon