توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

حكاية بنت اسمها فافى

  مصر اليوم -

حكاية بنت اسمها فافى

بقلم : فاطمة ناعوت

 هذا أصعب مقال فى الدنيا. لهذا سأكتبُه بالعامية المصرية. ليه صعب؟ لأن الكتابة من داخل الدائرة صعبة. وليه بالعامية؟ لأنه فضفضة لأصدقاء. مفيش قضية غير الكلام عن بنت من مصر. مناسبة المقال إن «المصرى اليوم» قررت تخصيص عدد النهارده للاحتفاء بكائن جميل اسمه المرأة، عشان النهارده «اليوم العالمى للمرأة». الحكاية عن بنت صغيرة شقية و«لمضة» اسمها «فافى». و«لمضة» دى لها حكاية.

وهى طفلة كانت بتسأل مامتها: «ليه الراجل ده أعمى؟ وليه البنت دى مشلولة؟ وليه الست دى بتشحت؟» وكانت الإجابات صادمة: «ربنا عاوز كده!» تسأل تانى: «ليه أنا باشوف والراجل لأ؟ ليه أنا بامشى والبنت لأ؟ ليه عندنا أكل فى البيت والست لأ؟ هو ربنا مش عادل يا ماما؟!» وكانت مامتها لما تزهق من كتر الأسئلة تقولها: «كفاية لماضة بقا!» وهكذا حصلت على لقب عمرها ما فهمت معناه، ولا فهمت هو مدح ولّا ذم. عشان أحيانا كانت مامتها تقوله وهى مكشَّرة وزهقانة، وساعات تقوله وهى بتضحك لصاحبتها: «فافى طالعة لمضة أوى وبتسأل كتير هاهاها». وكانت صاحبتها ترد: «ما شاء الله، بخريها يا سهير. هاهاها». وفضلت «فافى» محتارة فى تعريف هذا المصطلح الغامض حتى لما كبرت. وكبر السؤال معاها: «ليه مفيش عدل فى الدنيا؟ ليه البنت الحزينة بتقعد فى آخر الفصل تعيط عشان مامتها ماتت ومامتى أنا عايشة؟» ولم تقنعها عبارة: «ربنا عاوز كده!» ربنا جميل ومش بيظلم. بدأت تحلّ المشكلة بطريقتها.

فى الطريق للمدرسة تشوف أعمى، تروّح البيت تدخل أوضتها وتغمض عيونها نص ساعة وتمشى تتخبّط فى السرير والمكتب والدولاب. تشوف بنت عندها شلل أطفال، تدخل أوضتها وتثنى ساقها وتمشى بقدم واحدة لغاية ما تتعب وتقع. كانت متصورة إنها كده بتحقق مبدأ العدل، عشان الدنيا تمشى صح.

لما كبرت شوية بدأت تفكر بطريقة تانية. أكيد ربنا خلق عميان عشان يخلينا إحنا عيونهم. وخلق مشلولين عشان نكون إحنا سيقانهم. ربنا بيعلمنا درس الرحمة. كانت ساكنة فى شارع فيه جريك وأرمن كبار السن. ترجع من المدرسة ترمى الشنطة لعم عبده البواب وتجرى تساعد الستات العواجيز تشيل مشترواتهم وتمشى جنبهم لغاية ما توصّلهم لبيوتهم. وطبعا ترجع البيت تتعاقب من مامتها عشان خايفة عليها. «إزاى تروحى بيوت ناس غريبة؟ مين قالك تعملى كده؟!» فافى تجاوب وهى تبكى: «ربنا امبارح كلمنى وقالى أعمل كده». وكانت فاكرة إن مامتها بتصدق الكذبة دى لما تضحك فجأة وتقول: «ياااادى اللماضة!».

ووصلت «فافي» لقرار نهائى. «أكيد ربنا عادل. وأكيد عنده حكمة فى توزيع المنح. ومش بإيدينا نفهم الحكمة دى ولا نغيرها. لكن بإيدى وبإيد كل الناس على الأقل إننا نمنع الظلم اللى بنظلمه إحنا لبعض». تقف فى الشباك تشوف أطفال أشقيه رابطين كلب من رقبته بحبل وبيعذبوه. تنزل من ورا مامتها وتصرخ فيهم: «كان ممكن جدا ربنا يخلقكوا كلاب ويخلقه هو إنسان. تحبوا إنه يعذبكوا؟ صدفة جميلة خلتنا بشر، يبقى إزاى نعذب اللى نفس الصدفة مخلتوش إنسان؟» وكان الأطفال يضحكوا ويسخروا منها، ويرفضوا يحرروا الكلب، إلا لما ياخدوا مصروفها. وأصبح ده قانون. جزء من مصروفها اليومى رايح للعيال السخفاء اللى بيعذبوا الكلاب والقطط.

وكبرت فافى وقضية «العدل» شاغلة كل تفكيرها. تشعر بالخجل من كل إنسان ماشى على الأرض وهى راكبة عربية. تشعر بتأنيب الضمير كل ما تشوف حد مريض وهى سليمة. تشعر بالكسوف وتبص فى الأرض كل ما تشوف حد كفيف ماشى بعصاية. ولما تتكاسل عن مساعدة حد فقير أو مريض، أو لما تتغاضى عن نُصرة مظلوم أو رد غيبة غائب، كانت تتعرض لمحنة تعذيب المرآة. وابتكرت نظرية طفولية اسمها: «عقاب المرايا». هاحكيلكم عنها فى مقال قادم. بس بالفصحى بقا عشان تعبت أوى فى كتابة المقال ده بالعامية. ياااااه! العامية صعبة قوى يا عم أبنودى، ويا عم حجاب، ويا عم بيرم، ويا عم حدّاد. أنحنى أمام عظمتكم. كل سنة وكل نساء العالم جميلات.

نقلًا عن المصري اليوم

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حكاية بنت اسمها فافى حكاية بنت اسمها فافى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon