بقلم - حمدي رزق
صمت فضيلة الإمام الأكبر الدكتور الطيب أحمد الطيب، شيخ الجامع الأزهر، عن الانتخابات صمتاً حميداً يحمد لفضيلته، كما أن حظر وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة حديث السياسة فى المساجد جميعاً يحمد لفضيلته، وتحذيراته العلنية للأئمة ألا يتورطوا فى الخطاب السياسى الانتخابى من قبيل إبعاد رجال الدين عن وحل السياسة، وكانوا قبلاً يتحزبون.
هذا ما نرجوه، يستوجب ابتعاد المؤسسات الدينية عن الانتخابات الرئاسية بمسافة، الانتخابات فيها ما يكفيها من صراعات سياسية، والمؤسسات الدينية لطالما تورطت قبلاً فى الحكى السياسى، ونالها ما نالها من تلويم بلغ حد الإشانة والتقبيح، وهى أطهر من هذا التترى فى الوحل السياسى.
وأستميح فضيلة المفتى الدكتور محمد شوقى علام قولاً، مسؤولية حشد الناخبين يا مولانا يقيناً تخرج عن مهمة دار الإفتاء، ولا يستحب أن يتطوع فضيلته والتابعون بالفتيا فى الشؤون الانتخابية، ولم أستحب وكثيرون من فضيلته التطوع بتأثيم المقاطعين أو المتقاعسين.
هذا أمر ينظمه القانون ويعاقب على عدم الإدلاء بالأصوات بالغرامة، حتى هذا من قبيل الجبر القانونى الذى ربما يستنكفه البعض باعتبار المقاطعة فعلاً سلبياً مقابل فعل إيجابى، وشخصياً أستنكفه سياسياً، سلوك فى منتهى السلبية، مثل التولى عند الزحف، كيف نغير إذا فرّطنا فى حقنا فى التغيير؟!.
التأثيم (آثِـمٌ قَلْبُـهُ) الذى أعلنه فضيلة المفتى توصيفاً للمقاطعين، لا يستقيم مع مبدئية الفصل بين الدين والدولة، وليس من قبيل الحكمة أن يتورط فضيلة المفتى فى الانتخابات تأثيماً حتى فى هامش حفز المواطنين على الإدلاء بالأصوات، مال فضيلة المفتى بالتصويت والامتناع السلبى، لما يدخل المفتى نفسه فى صراعات السياسة، ويستجلب لعمامته ما لا نرتضيه من تفلتات البعض فيسبوكياً. فضيلة المفتى ابق بعيداً فى دارك، فالسياسة فن الكذب، وما عهدتكم إلا صادقاً وإن كذّبك الإخوان والتابعون.
أقول قولى هذا من أرضية معرفية بمفتى الديار المصرية، أعرف فضيلته جيداً، ولذا أرجوه ألا يستجيب لأسئلة من نوعية ما حكم الشرع فيمن يقاطع الانتخابات، أو يتقاعس تصويتاً، من يبيع ويشترى التوكيلات والأصوات، ومن يفعل كذا وكذا، وكلها من تصرفات سياسية محكومة باعتبارات مصلحية، خلّوا بين الدين والسياسة.. أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ.
يوم قريب استحل الإخوان والسلفيون الدين، اتخذوه بضاعة يجولون بها على الناس، واهتبلوا خلقاً كثيراً بأن أصواتهم فى صناديق الأخوة قربى إلى الله، وسموا الانتخابات غزوة، وطاحوا فى الشوارع يؤثمون الناس، ويغرونهم بالسكر والزيت واللحوم، والرشاوى كانت تتم تحت لافتات تحمل الآيات الكريمات، وما استحرموا الأمر، ولا استقبحوا أن يتخذوا من الآيات سبيلاً إلى جمع الأصوات، وشاء ربك أن يسقطوا فى شر أعمالهم، ويزول سلطانهم.
خلاصته: إقبال المواطنين على صناديق الانتخابات وليد قناعات شخصية، والمصلحة المباشرة هى التى تحرك المواطن إلى الصندوق، والمواطن حر فيما يراه صالحاً، وحزب الكنبة ما تحرك إلا بعدما استشعر خطراً يهدد الوطن، وما تحرك لفتاوى أو لرشاوى. دع الخلق للخالق يا مولانا. السياسة مستنقعات تلوث الثياب الطاهرة.
نقلا عن المصري اليوم القاهرية