توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية

  مصر اليوم -

ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية

بقلم - جبريل العبيدي

بمجرد أن أطلق الجيش الليبي عملية غضب الصحراء لملاحقة فلول العصابات والجماعات الإرهابية في الصحراء الليبية، حتى سارعت الحكومة الإيطالية بتزكية من البرلمان الإيطالي إلى الموافقة على إرسال قوات إضافية للأراضي الليبية، ضمن أجندة لا تخفيها الحكومة الإيطالية بلسان رئيسها باولو جينتيلوني الذي قال: «لدينا أجندتنا بشأن ليبيا». هكذا قال، كأن ليبيا جزء من الأراضي الإيطالية.

بيد أن الوجود الإيطالي، مهما كانت مبرراته، لا يمكن فهمه إلا أنه انتهاك للسيادة الترابية والمياه الإقليمية الليبية، فوجود قوات برية أو غيرها تحت أي اسم دون إذن من البرلمان الليبي (السلطة العليا في البلاد)، يجعلها قوات غازية، ما يعطي الجيش الليبي حق الرد، فالتعاطي الإيطالي مع الأزمة الليبية تقلب من حالة الابتعاد إلى حالة التدخل المافيوي المباشر.
وقد سبق لإيطاليا أن أرسلت قطعاً بحرية عسكرية استفزازية إلى الشواطئ الليبية، بمجرد الإعلان على توافق بين المشير خليفة حفتر وفائز السراج في باريس تنافساً على من تكون له اليد الطولى في ليبيا.

في المقابل، هناك أصوات سياسية إيطالية تطالب بالتنسيق والاتفاق مع الجيش الليبي، ومن هؤلاء النائب الإيطالي المعارض السندرو باجانو، الذي أشار صراحة إلى ضرورة «الاتفاق مع المشير حفتر وقوات الجيش الليبي في شرق البلاد للتعاون في مجال بسط الاستقرار في ليبيا»، إلا أن الحكومة الإيطالية لا تزال تركن إلى العمل مع الميليشيات في محاولتها الحد من تدفق المهاجرين عبر البحر.

التدخل الإيطالي بل والاستقواء به جاء في أوضح صورة له في نقل السراج وحكومة «الوفاق» على متن فرقاطة إيطالية من تونس إلى ليبيا، في أول دخول لهم للأراضي الليبية في عام 2016، بعد أن هددت حكومة «الإنقاذ» التي شكلها المؤتمر الوطني، منتهي الولاية، والمسيطر عليه من جماعات الإسلام السياسي بمنعهم من دخول طرابلس.
قرار البرلمان الإيطالي - الذي لا يزال بعض أعضائه المهيمنين يعيشون في جلباب الفاشي موسيليني ويتعاطون مع ليبيا على أنها الشاطئ الرابع - إرسال قوات إضافية إلى ليبيا تتمركز في أجزاء من الأراضي الليبية، يجعل من إيطاليا طرفاً في الصراع وليس وسيطاً يمكن التعويل عليه لتحقيق الاستقرار، كما أنه يطيل من أمد الصراع في بلد يعاني التشظي السياسي منذ سنين.

التدخل الإيطالي والاستهتار بالسيادة الليبية جاهر به بعض السياسيين الطليان، ومنهم السياسي الإيطالي (من الحزب الفاشي) سيمون دي ستيفانو بتغريدة على «تويتر» صحبة سياسي آخر، عبرا فيها عن رغبتهما الصريحة في الاستحواذ على النفط الليبي، ولكن «خطوة، خطوة»، حسب قولهما.

التدخل الإيطالي تسبب في غضب الشارع الليبي، واعتبرته النخب الليبية عودة للمستعمر القديم بترحيب ممن صفق أجدادهم للمستعمر قبل مائة عام، ليتكرر التاريخ بحنينهم للمستعمر والاستقواء به والتحصن خلفه، رغم خروج النخب المختلفة في بيانات استنكار وتنديد بهذا التطاول الإيطالي على الأراضي الليبية، في ظل صمت حكومة «الوفاق»، إلا من بيان خجول هزيل وضعيف عبر مطلبه الإيضاح من الحكومة الإيطالية دون الجرأة على إدانة انتهاك السيادة الوطنية.

ليبيا في زمن السيادة الوطنية، قام الملك الراحل إدريس السنوسي بمعاقبة والي برقة سنة 1954، لمجرد استضافة الإقطاعي الإيطالي مازاروتو، الذي كان يستغل مساحات شاسعة من الأراضي الليبية زمن الاحتلال الإيطالي، حيث رتّب له استقبالاً حافلاً، ورتب له أيضاً جولة على «أملاكه» السابقة، ما تسبب في احتجاج القبائل الليبية، فصدرت الأوامر الملكية بإيقاف والي برقة حينها عن العمل. وحتى في زمن القذافي الذي طرد المستوطنين الطليان الذين اغتصبوا مزارع الليبيين زمن الاحتلال الإيطالي في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) عام 1970، وقام بتأميم المزارع التي كانوا يسيطرون عليها، وأصدر أوامر مشددة للجوازات والهجرة بمنعهم من الدخول إلى ليبيا، أو إعطائهم تأشيرات دخول للأراضي الليبية تحت أي مسبب لسنوات طويلة.

اليوم وفي زمن «الربيع» العربي، يتم انتهاك السيادة الليبية في ظل تهاون وتراخٍ ممن يزعمون الشرعية الدولية ومنها حكومة «الوفاق»، وتسويف الجانب الإيطالي الذي يظنّ أن ليبيا مجرد بئر بترول من دون راعٍ يحرسه أو يذود عنه، وتناسى أنها شعب وأرض وتاريخ أنجب عمر المختار، الذي حاربهم لعشرين عاماً وهو شيخ طاعن في السن، وما ترك السلاح حتى أسقط بالرصاص عن فرسه واستشهد قائلاً: «نحن لا نستسلم... ننتصر أو نموت، وستكون عليكم محاربة الجيل القادم والذي يليه».

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنيه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية ليبيا بين غضب الصحراء والتدخلات الخارجية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon