توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المصريون القدماء والمصريون الجدد

  مصر اليوم -

المصريون القدماء والمصريون الجدد

بقلم - أحمد جلال

زرت فى يناير المنصرم مدينة إيطالية اسمها «بومبى»، ولهذه المدينة قصة تستحق أن تروى فى معرض حديثنا عن المصريين القدماء والمصريين الجدد. قصة هذه المدينة أنها تعرضت للزوال تحت الرماد الحارق لثورة بركانية من جبل يعتليها اسمه فيزوف عام 79 م. وظلت المدينة تحت الرماد، بقصورها، ومعابدها، ومسارحها، وساحاتها الرياضية، وتماثيلها، وبيوتها، وشوارعها، وسكانها، حتى بدأ الإيطاليون الجدد عمليات حفر وتنقيب وترميم لها عام 1748 م. لم تهدأ هذه الصحوة حتى عادت المدينة للحياة، مع شروح لقصة كل قصر، وساحة، ومعبد، وطريقة حياة السكان، ومعتقداتهم، وأسماء الشوارع... إلخ، وأصبحت مزارا سياحيا قادرا على جذب حوالى 7-8 ملايين سائح سنويا، وهذا رقم مماثل لعدد السياح الذين يأتون لمصر فى العام هذه الأيام.

وإذا كان الإيطاليون الجدد قد عرفوا كيف يستغلون ما تركه الأجداد بجدارة.. فماذا فعلنا نحن كمصريين جدد بما تركه لنا المصريون الأوائل؟ أظن أننا ارتكبنا خطايا ثلاثا، الاعتراف بها مقدمة أساسية للتغلب عليها. هذه الخطايا يمكن عنونتها كالآتى، مع الاعتذار مقدما على حدة اللغة: قصر النظر، وقصور الأداء العام، والتباهى.

بالنسبة لقصر النظر، ليس من الصعب ملاحظة أن بعض المتعاملين مع السياح يرون فيهم فريسة يجب ابتلاعها اليوم، وليس غدا، بحيل مختلفة. هذا السلوك ينطبق على بعض أصحاب الجمال والأحصنة فى منطقة الأهرامات وغيرها من المناطق السياحية، وبعض بائعى المشغولات المصرية فى خان الخليلى وغيرها من الأسواق، وبعض سائقى التاكسى، وبعض عمال الفنادق العريقة، وحتى بعض المسؤولين عن حراسة الآثار. بالطبع هذا السلوك يحقق منفعة آنية وشخصية لهؤلاء، لكنه يؤدى فى نفس الوقت لضرر عام فى الأجل الطويل، نتيجة إحجام السياح ومعارفهم عن المجىء مرة ثانية لمصر.

ما يسمح باستمرار سلوك قصر النظر هو تقاعس المسؤولين عن القيام بدورهم بما يحقق الصالح العام. صحيح أن الوزارات المعنية تعمل على تشجيع المستثمرين فى مجال السياحة، والتنقيب عن آثار جديدة، والترويج للسياحة، والحفاظ على الأمن، ولكن هناك قصور بين فى استغلال الآثار التى تركها لنا المصريون الأوائل (خاصة أن مصر لديها ما يقدر بثلث آثار العالم)، وما أعطانا الله من سواحل وجو معتدل، وما لدينا من فرص للسياحة الترفيهية، والثقافية، والعلاجية. مقارنة بالدول الجاذبة للسياح، ليس لدينا ما يكفى من متاحف، ومعارض فنية، وحفلات موسيقية، ومنتجعات سياحية، وقواعد عمل يتم الالتزام بها. إضافة لذلك، ما يتم تقديمه من خدمات تنقصها الجودة بسبب غياب التنسيق بين الوزارات المختلفة، وضعف الوعى السياحى لدى المواطنين، وغياب التخطيط الرشيد، وانظر إلى هضبة الأهرام وما يجاورها من عشوائيات. إذا أردنا أن نستغل ما لدينا من ثروات سياحية، فالمطلوب لا يقل عن ثورة فى هذا القطاع الواعد من قبل المؤسسات المعنية، وعلى رأسها وزارات السياحة والآثار والمحليات.

وأخيرا.. ماذا عن فكرة التباهى؟ بداية، من الطبيعى أن تتباهى الدول بتاريخها وحاضرها، لكن ما يلفت النظر أن هذه الصفة تبدو أكثر شيوعا فى مصر وأمريكا أكثر من غيرهما من الدول. ففى أمريكا يصل حد التباهى بالحاضر إلى إضافة كلمة «الدولية» إلى المسابقات الرياضية المحلية، مثل مباريات المصارعة والبيسبول، وفى مصر، نسمى بلدنا أم الدنيا. وإذا كان للأمريكان الحق فى المباهاة بحاضرهم، بحكم قوتهم الاقتصادية والعسكرية، وبحكم نصيبهم الكبير من جوائز نوبل فى العلوم والطب والأدب والاقتصاد، فمباهاتنا تتوقف بدرجة كبيرة على إنجازاتنا فى الماضى. طبعا لدينا بعض الإنجازات فى الحاضر، بما فى ذلك جائزتا نوبل فى الأدب (نجيب محفوظ) والكيمياء (أحمد زويل)، لكننا لسنا فى مصاف الدول المتقدمة بعد، كما أن جوائز نوبل ترجع بدرجة كبيرة إلى مواهب فردية فذة لمن حصلوا عليها.

فى نهاية الأمر، وحتى لا يؤخذ كلامى على أنه نوع من جلد الذات، ليس لدىّ شك فى أن لدينا ما نفخر به من ماض عريق وبعض الإنجازات فى الحاضر. لكن ظنى أن هذه الإنجازات أقل بكثير مما نحن قادرون عليه، بسبب قصر نظر البعض، وتقاعس البعض الآخر، والاكتفاء بالتباهى بالماضى. ما نحتاجه بشدة أن نربط ماضينا بحاضرنا، وخير مثال على ذلك قصة مدينة «بومبى» التى ذكرتها فى مقدمة المقال.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصريون القدماء والمصريون الجدد المصريون القدماء والمصريون الجدد



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon