بقلم - سوسن الشاعر
أرسل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رسالة قوية إلى العالم بأن المملكة العربية السعودية قادرة وعازمة على قطع دابر الإرهاب ليس اقتصادياً فحسب بل جغرافياً كذلك، وتلك رسالة ستصل للمجتمع الدولي، فـ«مصالح المملكة» هي التي تحكم طبيعة علاقاتها بمختلف الدول. هذه لغة سعودية جديدة يتعرف عليها المجتمع الدولي.
فإذا أضفنا لها رسالة الأمير محمد بن سلمان التي أطلقها عبر تصريحه في صحيفة «وول ستريت جورنال» حين قال «يجب على المجتمع الدولي أن يواصل الضغط على إيران اقتصادياً وسياسياً، لتجنب اندلاع مواجهة عسكرية مباشرة في المنطقة»، مضيفا: «العقوبات ستكون أداة ضغط على النظام الإيراني».
وتابع ولي العهد السعودي: «يجب أن ننجح في تجنب الحرب مع إيران»، مضيفاً: «إذا لم ننجح في ذلك، فإنه من المرجح أن تندلع الحرب خلال 10 إلى 15 عاماً من الآن».
نحن هنا أمام رجل لا يتكلم عبثاً ولا يعطي تاريخاً اعتباطياً ولا يصرح بلا استعداد لفعل، فقد نبه الأمير محمد بن سلمان إلى ضرورة أن يتحلى المجتمع الدولي بمسؤوليته الأخلاقية ويتخذ موقفاً تجاه الإرهاب الإيراني الموجه للعالم أجمع وليس لدول الخليج أو المنطقة العربية فحسب، كي يتجنب العالم حرباً وإن بدت مباشرة بين السعودية وإيران إلا أنها حرب ستجري في منطقة حيوية تهم العالم أجمع ويعتمد عليها.
تلك حرب كما يعرف الجميع - إن وقعت لا قدر الله - فإنها لن تقع بين الدولتين فقط، ولن يقع ضررها على الدولتين فحسب، بل على العالم أجمع الذي يعتمد على النفط الخليجي والإيراني ويعتمد على استخدام الممرات المائية والهوائية في هذه المنطقة، وعلى الموقع الاستراتيجي الجغرافي والاقتصادي لهاتين الدولتين.
مع الأخذ في الاعتبار أن إيران تشن الحرب الآن علينا كدول خليجية وعربية بالوكالة منذ أكثر من ثلاثين عاماً من خلال تسليح ميليشيات إرهابية شيعية في العراق ولبنان وسوريا واليمن والبحرين والكويت بعد أن هربت لهم جميع أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، وتلك الميليشيات تشن حرباً على شعوبها العربية نيابة وخدمة لإيران، ونحن نواجه تلك الميليشيات منذ عقود وندفع أرواحنا ثمناً لمنعها من السيطرة والهيمنة على مقدراتنا.
ولي العهد السعودي أرسل رسالة تحذير للمجتمع الدولي بأننا نخوض حربا فعلية مع دولة توسعية تهدد الأمن الدولي ونحن الوحيدون الذين نتصدى لها والعالم يتفرج ومحاولاتها لم ولن تتوقف ما دام المجتمع الدولي يفكر بصفقاته التجارية التي تستخدمها إيران لشراء مواقفه!!
الأمير محمد بن سلمان قال باختصار إن كان الإرهاب جزيرة فسأعزلها، وقال إنه لا يمكن أن تستمر حرب الوكالة إلى الأبد، كما لا يمكن أن تقوم السعودية وشقيقاتها كالبحرين والإمارات أن تدافع عن المصالح الدولية نيابة عن أصحابها. ولي العهد السعودي يطالب المجتمع الدولي بأن يوقف حرب الوكالة هذه حتى لا تتطور إلى حرب مباشرة حينها سيكون قد فات الأوان.
الضغط على إيران اليوم سيوقف إرهابها حتماً ويمنع الحرب غداً، النظام الإيراني لن يحتمل تبعات عودة العقوبات خاصة والشعب الإيراني يحمله مسؤولية هذه السياسة التوسعية التي جاءت على حساب رفاهيته بمظاهرات لم تتوقف وبتصعيد في التمرد ورفض السكوت.
ما ستخسره أي من الدول الأوروبية والآسيوية من جراء الانضمام لقرار المقاطعة الإيرانية كعقوبة عليها اليوم، سيكون أقل بكثير مما ستتحمله لاحقاً من خسائر حال وقوع مثل هذه الحرب في هذه المنطقة.
إن السعودية لا تحارب وتحمي المياه الإقليمية لصالحها فقط بل لصالح أمن الممرات المائية الدولية التي يستخدمها الجميع أيضاً والكل يرى بأم عينيه حجم الأسلحة التي تصدرها إيران لمناطق الصراع عبر تلك الممرات، بل إن من يصادر تلك الأسلحة هي دوريات أجنبية أوروبية وأسترالية وغيرها، دون أن تدفع تلك الوقائع الدول الأوروبية لأن تتخذ موقفا أكثر صرامة من مجرد تصريحات لا يتبعها أفعال تؤخذ على محمل الجد.
نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع