توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مقاطعة الانتخابات لن تحل المشكلة

  مصر اليوم -

مقاطعة الانتخابات لن تحل المشكلة

بقلم : عماد الدين حسين

 قرار بعض أحزاب المعارضة المصرية مقاطعة الإنتخابات الرئاسية المقبلة، لن يحل مشاكل مصر، كما يقول الكاتب الصحفي عماد الدين حسين في مقاله* لـ DW عربية، معللا رأيه بالحجج التالية:

يحق للمعارضة المصرية أن تنتقد كل أو معظم أو بعض سياسات الحكومة.. لكن هل مقاطعة الانتخابات الرئاسية هى الخيار الأمثل؟!

ظنى الشخصي أن المقاطعة ليست القرار الافضل الذي تتخذه الأحزاب والقوى السياسية ليس في مصر فقط بل في كل المنطقة العربية.

يوم الثلاثاء الماضى قررت "الحركة المدنية الديمقراطية" المكونة من ثمانية أحزاب، مقاطعة الانتخابات الرئاسية المصرية، المفترض أن تبدأ منتصف مارس/آذار المقبل، حيث اعتبرتها "مسرحية عبثية" وحسب وصف حمدين صباحي مؤسس "تيار الكرامة" والمرشح الرئاسي السابق فإن "الانتخابات المقبلة لا توجد بها ضمانات ولا مرشحين ولا حريات وان الحركة المدنية سوف تطبق شعار "خليك فى البيت" .

أتفهم موقف الحركة المدنية الديمقراطية، والظروف التي دفعتهم إلى اتخاذ هذا القرار الصعب، لكن ثبت من التجارب المختلفة طوال العقود الماضية، أن قرار المقاطعة لم يحقق أي نتائج، بل ربما يرسخ الأوضاع الخاطئة التي تقول المعارضة إنها تريد تغييرها.

الحياة السياسية المصرية ليست فى أفضل أحوالها، بل هناك من يقول أن السياسة ماتت أو أصيبت بالشلل بفعل عوامل كثيرة، لكن السؤال الذي ينبغي ان يشغل الجميع خصوصا المقاطعين هو: هل المقاطعة ستغير هذا الواقع أم تجعله أكثر رسوخا؟!

وسؤال آخر مرتبط به هو: ما هي الثمار التي جنتها المعارضة، حينما قاطعت أكثر من استحقاق انتخابي فى عهد حسنى مبارك، بل وفي عهد الإخوان؟!

للأسف لم يحدث شيء.
 
أما التجربة الأكثر أهمية فهي ما فعلته جماعة الإخوان طوال عهد حسني مبارك. المعارضة المدنية، قاطعت الانتخابات أكثر من مرة، فى حين أن جماعة الإخوان التي كانت القوانين تتعامل معها باعتبارها محظورة، لجأت إلى كل الحيل والأساليب من أجل المشاركة. كانت الجماعة ترى ان ذلك يحقق لها التواجد والاحتكاك بالمواطنين، واستغلال الهامش الموجود أثناء الانتخابات من أجل التحرك وكسب المزيد من الاتباع بكل الطرق الممكنة، بدءاً بـ "كراتين الزيت والصابون" ونهاية بشعارات تدغدغ مشاعر البسطاء مثل "الإسلام هو الحل". بهذا الإصرار البراغماتي، تمكنت الجماعة من التغلب علي كثير من القيود الحكومية والأمنية وقتها، ونجحت فى السيطرة على معظم النقابات المهنية، بل والحصول على 20% من مقاعد البرلمان عام 2005 رغم أنها كانت محظورة رسميا، كما ان العديد من قادتها كانوا داخل السجون، خصوصا خيرت الشاطر نائب المرشد، في المقابل كانت القيود المفروضة على الأحزاب المدنية أقل بكثير، ورغم ذلك استسلمت هذه الأحزاب واستخدمت شماعة - الحصار الحكومي - لعدم التحرك الجاد والوصول إلى الجماهير.

الحصار كان حقيقيا بالفعل، بل ربما يراه البعض انه كان أشد من الحصار المفروض على القوى المتطرفة، ولكنه ليس قدرا مفروضا لا فكاك منه!

النقطة الثانية هي أن جماعة الإخوان أيضا أعطت انطباعا قبل أيام، بأنها يمكنها دعم سامي عنان قبل أن يتم ابعاده عن الانتخابات. هذه الجماعة تم طردها من المشهد السياسي وتم القبض على معظم قادتها، وهرب بعضهم للخارج وتعتبر نفسها فى حالة ثأر مع الدولة. ورغم ذلك دعا بعض كوادرها إلى التصويت لمرشح ينتمي للمؤسسة العسكرية، اعتقادا بأن ذلك قد يؤدي إلى تفكيك المشهد الحالي بما يسمح لها بالعودة أو حتى بدايات التواجد.

ونتذكر ان الاحزاب المدنية قررت أن تقاطع الاستفتاء علي دستور جماعة الاخوان عام 2012 ، ثم غيرت رأيها في اللحظات الأخيرة، ودعت الجماهير إلى التصويت بـ "لا"، لكن الإخوان والسلفيون والقوى التقليدية حشدوا كل قواهم وتم تمرير هذا الدستور، الذي اسقطته ثورة 30 يونيو في 2013.

الإخوان براغماتيون جدا فى هذه النقطة، بما يتعارض ويتناقض مع كل ما يقولونه عن مبادئهم وعقائدهم!!!.

فى حين أن بعض الأحزاب المدنية، تتعامل مع القضية، وكأنها مباراة صفرية، بمعنى أما أن تتوافر لها كل الشروط المثالية للمشاركة، أو تقاطع تماما، وهو أمر، يتناقض إلى حد كبير مع الممارسة السياسية الطبيعية.

فى تقدير المعارضة أن غالبية الضمانات غائبة، من أجل المشاركة فى العملية الانتخابية، وهو أمر صحيح الي حد كبير، لكن العبرة الأساسية هى النتيجة المتحققة من هذا القرار أو ذاك.

قرار المقاطعة يمكن تفهمه، لو كان لدينا وعى سياسى كبير بين أفراد المجتمع، لكن يعلم الجميع أن هذا الأمر مفقود إلى حد كبير، و"حزب الكنبة"، هو الأكبر فى مصر على الإطلاق!!!، وبالتالى فإن تأثير المقاطعة لن يكون ذا جدوى كبيرة، وضرره أكبر من نفعه.

السؤال المنطقى: ما الذي سيكون مفيدا أكثر أن تقاطع هذه الأحزاب الاستحقاقات الانتخابية أم تنزل وتصوت بأي طريقة سواء بالتأييد أو المعارضة أو حتى بإبطال الأصوات؟!

النقطة الجوهرية التي اعتقد بجدواها في هذا الموضوع، هو أن غالبية المصريين تحتاج لمن يتحدث إليها، بأي فكرة طالما كانت سلمية، وليس بالمقاطعة والانعزال.

التربة السياسية وبالأخص الحزبية فى مصر هشة للغاية، ولدينا 104 حزبا رسميا وتحت التأسيس، لكن تواجدهم السياسي الحقيقى شبه غائب، لدرجة أن غالبية الأحزاب لا تستطيع جمع ألف مواطن فى ندوة أو مؤتمر.

فى هذه الحالة فإن الأجدى هو النزول إلى الجماهير والاحتكاك بها ومحاولة اقناعها بالانضمام لهذه الاحزاب التي تعتقد انها الأكثر تعبيرا عن المواطنين، من أجل التغيير السلمي.

لماذا لم تنزل هذه الأحزاب إلى الشارع. وتختار شخصا مدنيا بارزا، وتعطى له توكيلات شعبية لكى يترشح للرئاسة، ويحقق أهدافها؟!

سيجيب بعضهم بأنها تحاول، لكن القيود الحكومية تمنعها؟!

حسنا، ولكن المعارضة فى أي بلدان بالعالم الثالث، لا تعمل فى بيئة مثالية، بل تقدم تضحيات تصل إلى الأرواح من أجل التغيير السياسي بالطرق السلمية.

مرة أخرى أتفهم دوافع مطالبة البعض بمقاطعة الانتخابات الرئاسية، لكن أرفضه تماما، لأنه لا يحل القضايا، بل يزيدها سوءا.

الواقع السياسي المصرى صعب وشديد التعقيد وتتحكم به عصبيات قبلية وعائلية، ومصالح متضاربة ومحليات يعشعش فيها الفساد، وهذا الأمر مختلف تماما عن القيود السياسية، وبالتالي ينبغى أن تسأل كل القوى السياسية بما فيها الحكومة نفسها: كيف يمكن تغيير هذه المعادلة الصعبة؟!!. وعلى الحكومة أن تسأل نفسها: أليس فى مصلحتها وجود حياة ديمقراطية سليمة، أو على الأقل تعددية فى إطار مصالح الوطن العليا؟!

أتمنى أن تعيد الأحزاب التى قررت المقاطعة موقفها، وأن تبدأ مشوارا حقيقيا للإصلاح السياسي، شرط أن تطبق ذلك على نفسها أيضا!

التحدي الحقيقي أمام كل الأحزاب السياسية ليس هو فقط التصويت فى الانتخابات الرئاسية، بل اقناع البسطاء أو غالبيتهم بالمشاركة في الحياة السياسية عموما،خصوصا الانتخابات المحلية.

* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي مؤسسة DW.

  نقلا عن دوتش فيلا الالمانيه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مقاطعة الانتخابات لن تحل المشكلة مقاطعة الانتخابات لن تحل المشكلة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon