توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سر التقفيل

  مصر اليوم -

سر التقفيل

بقلم - عمر طاهر

بخصوص سؤالك عن ضعف سمعة «التقفيل المصرى»، والشكوى المستمرة عندنا من الصنايعية، عام 1517 قرر السلطان «سليم الأول» نقل العمال المهرة فى مختلف التخصصات إلى «اسطنبول» عاصمة الدولة العثمانية، واختار كل «الشطار» الذين كانت مصر تبرق بـ«شغل إيديهم»، كان قرارا قاسيا بعقوبات مؤلمة لم يقو أحد على الفرار منه، كان سليم الأول قد جعل لكل حرفى ضامنا مسؤولا عنه، وتتم معاقبة الضامن إذا «خلع» الحرفى، فتورط الشعب فى تسليم بعضه البعض لمركز التجمع فى ميناء الإسكندرية.

وحسب كتاب حلمى النمنم «أيام سليم الأول فى مصر» كان عدد العمال وقتها 1800، وفى رواية أخرى أضعاف هذا الرقم تم تحميلهم على مركبين، وكانت ذروة القصة أن غرقت مركب تحمل معظمهم ومات كل من عليها، وبعد عام وصلت إلى القاهرة أخبار المركب الآخر عبر خطابات حملها شخص عثمانى إلى القاهرة، وكانت هذه الخطابات تنقل اللوعة والأسى وأخبار من ماتوا هناك.

انتهى كلام كتاب التاريخ، وتبدأ الآن فقرة «الفتى»، أعتقد أنه بعد كل ما حدث لجأ الصنايعية المصريون إلى تخبئة مهارتهم، خوفا من أن تقتلهم كما قتلت من سبقوهم، اضطر الصنايعى المصرى إلى وضع لمسة على عمله تقول إنه لا يستحق شرف السفر إلى اسطنبول، وكانت رداءة التقفيل سببا كافيا لاتقاء شر سليم الأول، حيلة دفاعية قد تكون أفسدت المهنة لكنها أنقذت حياة كثيرين.

ستقول لى إن هذا الكلام مرت عليه قرون طويلة ولا معنى لاستمراره، دعنى «أفتى» من جديد وأقول لك إن تفصيلة وضع لمسة تنفى المهارة تحولت بالوقت إلى تفصيلة فى «جينات» الصنايعى، لم تعد اختيارا، أصبحت خاضعة لقوانين التطور والوراثة، عندك مثلا الزرافة، عندما جفت الحشائش فى الأرض لم يكن هناك مصدر للطعام سوى ورق الأشجار، وبالوقت طالت رقبة الزرافة حتى تطول هذا الطعام، ثم انتهى الجفاف وعادت الحشائش، ولكن رقبة الزرافة لم تعد كما كانت، كذلك اختفى سليم الأول لكن مهارة العمال لم تعد كما كانت.

أحد المستشرقين أعد كتابا عن «الطوائف والحرف المصرية فى القرن 18»، اندهش من ضعف المهارة فى المهن الصريحة مثل «النجارة» مقارنة بمهارة هائلة فى مهن «متدارية» مثل «الأرابيسك»، وعندنا حاليا قد يبدى الصنايعى دهشته إذا ما خرجت صنعته بدون خطأ واحد وقد يصارحك كزبون بأن «قرفتك حلوة» وأنه لم يكن يقصد هذه الجودة، ويجتهد فى البحث عن تفسيرات من نوعية «انت ابن حلال»، ويؤكد أحيانا أنه «والله ما أعرف أعملها تانى».

تسألنى وكيف تمضى الحياة بهذا الشكل؟ إذا وجدت صنايعى مهارته تقترب من الـ70% فأنت أمام أحد هؤلاء المهرة الذين ابتلعهم البحر، وكل ما يحتاجه لتعويض الـ30% الناقصة هو الشعور بالأمان، يرى الحرفى فى كل زبون «سليم أول»، ولا أحد فينا يدخر جهدا ليظهر كمستبد، فيلجأ الحرفى دفاعا عن نفسه إلى «العك» وضرب المواعيد و«الطلسقة»، ليس فى الأمر إهانة لك كزبون لكنها حيل دفاعية نفسية موجودة بداخله تخضع لقوانين الوراثة. لابد أن يتمرن الواحد على طولة البال والتفهم وتقدير هذا الخوف ومنح الحرفى صلاحيات «المعلمة» واستبدال «شغل وحش زى وشك» بـ«تسلم إيدك بس فيه أحسن بكتير».

رقبة الزرافة العالية تنحنى بمرونة عالية لمن يقدم لها «جزرة» وعلى وجهه ابتسامة.

محبتى.. عمر

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سر التقفيل سر التقفيل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon