توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

صانعات الهوية فى السينما

  مصر اليوم -

صانعات الهوية فى السينما

بقلم - نبيل عبد الفتاح

 تشكيل الهويات الوطنية من العمليات التاريخية المعقدة، ومن ثم يبدو من الصعوبة بمكان اتخاذ متغير واحد كصانع لهوية جماعة ما بما فيها الديانة أو المذهب فقط، لأن الجماعات تتشكل هوياتها ووعيها بها عبر تشكلات مختلفة يتداخل فيها الدين واللغة والعرق، وطبيعة تكوين بناء القوة داخلها، وما يفرضه من قواعد للسيطرة على الجماعات، من خلال العادات والأعراف والدين وسياسة الجماعة ومخيالها الجماعي، ثمة سرديات حول هوية كل جماعة إنسانية وتاريخها، وغالبًا ما تكون سردية الهوية هى تعبير عن بناء القوة داخلها، وما يفرضه المسيطر سياسيًا عليها، من سردية محددة تعبر عن مصالحه الاقتصادية والاجتماعية، هذا التكوين المتعدد للهوية صاحب التطور الإنسانى دون التعبير عنه بمصطلح الهوية، من ثم لا نستطيع الحديث عن مصطلح الهوية ومكوناتها وتمثيلاتها الرمزية، بل وسياسة الهوية قبل التشكل التاريخى لمفهوم الأمة، والدولة القومية فى إطار تطور الرأسماليات الغربية فى الإطار التاريخى لتشكل الدول الأوروبية الحديثة، حيث تم توحيد المكونات الداخلية فى إطار سلطة مركزية ولغة واحدة، والسوق الاقتصادى الواحد، من هنا تشكلت الهويات الفرنسية، والألمانية، والإيطالية ... إلخ.

الهوية الواحدة الفرنسية أو الألمانية لا تعنى نفى التعددية فى المكونات والرموز والمتخيلات الجماعية المكونة لها، إنما هى هوية الواحد المتعدد المكونات والأبعاد.

أحد أبرز تعبيرات الهوية القومية وتمثيلاتها الثقافية، تدور حول أنماط الحياة اليومية وحركيتها فى الزمن، وعلى رأسها نظام المطبخ فثمة نمط غذائى يُعبر عن مجتمع ما ويتجاوز التراتبية الطبقية والتفاوتات الاجتماعية بين المواطنين، خذ الدور الذى لعبته السينما وموسيقى الجاز فى بناء الحلم الأمريكي، وفى التعبير عما كان يسمى «العالم الجديد» فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، من هنا تبرز أصوات فيتزجرالد، ولويس أرمسترونج وفرانك سينترا وفى السينما الإيطالية، تظهر أنا منياني، وصوفيا لورين جزء من تعبيرات الهوية الإيطالية، مثلها مثل كبار الروائيين والمسرحيين والموسيقيين العظام.

من أهم رموز الهوية المصرية، الممثلات المصريات، فى تعبيرهن عن الهويات الاجتماعية «الطبقية» للمرأة المصرية، وانتماءاتها الجيلية والطبقية، من مثيل وداد حمدي، وهدى سلطان، عن المرأة رقيقة الحال التى تسعى بجدية للتحقق والبحث عن التوازن فى واقع معقد، وأمينة رزق فى أدوار الأم المصرية التى تعبر عن سعيها لتحقيق التماسك الأسري، ثمة ممثلات أخريات لعبن دورًا مهما فى تشكيل صورة الفتيات والسيدات المصريات - من مختلف الشرائح الاجتماعية- عن هوياتهن، من حيث العمل والتفكير والسلوك والتعليم والفعل الاجتماعى، والتفضيلات فى الحياة اليومية للأصدقاء، والمحبين والأزواج. ساهمت بعضهن فى تطور السينما، والتأثير على المرأة المصرية، لاسيما منذ نهاية المرحلة شبه الليبرالية، وسعى النساء للتحرر من أسر قيود اجتماعية ذكورية وعرفية ودينية وضعية صعبة، وذلك للانعتاق من هذا النمط من المعتقلات الاجتماعية للمرأة وأدوارها وكسر سياجاتها المبنية على الأدوار الوظيفية للمرأة فى إطار نظام الأسرة، للخروج إلى رحابة المجتمع والانخراط فى النظام التعليمي، والعمل، وحرية اختيار شريك الحياة . يمكنك أن تختار أربع ممثلات لعبن هذه الأدوار بامتياز فاتن حمامة التى ساهمت فى إضفاء رمزية على سيدات وفتيات «البرجوازية العليا»- أو الشرائح المتوسطة العليا- فى خطابهن اليومي، وفى اختيار المفردات المتأنقة، وفى نظام الزى واختياراته المترفة، وفى سلوكها المتحفظ، وفى بعض من الدلال المتقشف والخجل المطبوع، والقيم المحافظة، فى أفلامها التى مثلت فيها دور «البرجوازية العليا» لاشك فى أنها أسهمت فى صياغة هوية هذه الشريحة الاجتماعية المتميزة وتعبيراتها عن ذاتها.

خذ شادية وأدوارها التى مثلت فيها فتيات الشريحة الوسطي/ الوسطي، والوسطي/ الصغيرة، وهى تكافح من أجل الخروج من شرنقات التقاليد المحافظة إلى رحابة الحداثة وآفاقها الواسعة فى التعليم والعمل واختيار الحبيب، وفى مصارعتها للقيم الذكورية.

سعاد حسنى ابنة الطبقة الوسطي، ذات الخفة والحيوية والدلال والدلع والقوة والتماسك والإقدام بلا خوف، فى سياق اجتماعى مختلف فى نهاية الخمسينيات وحتى عقد السبعينيات، حيث التعليم حتى الجامعة وما بعدها، والعمل المتاح للفتيات دون قيود، ومشاركة فعالة للمرأة فى الأسرة والعمل والمجال العام الاجتماعي.

أسهمت بفعالية فى تشكيل وعى المرأة من الطبقة الوسطى إزاء التعليم ومفهوم العمل خارج الدور الوظيفى للمرأة فى الأسرة، وفى تحديها وإقدامها على المبادرة الفعالة لإثبات ذاتها إزاء ذاتها وعالم الذكور والمجتمع كله.

زينات صدقى ابنة الفئات الشعبية الذكية، التى تمتلك طاقات هائلة من خفة الدم، وروح الدعابة والعفوية الجميلة الخلاقة فى التعبير عن ذاتها وآرائها إزاء المواقف المختلفة التى استطاعت أن تتجاوز الانتماء الاجتماعى لأدوارها فى السينما، لتعبر عن روح الشعب/ الأمة فى خفة ظله وقدرته على إطلاق النكات والسخرية اللطيفة غير الخادشة للآخرين.

الممثلات الأربع - وغيرهن- بمواهبهن المبدعة استطعن عبر السينما المساهمة فى التعبير عن هوية مصر فى بعض أبعادها المختلفة ببراعة وإبداع.

 

 

 

نقلا عن الاهرام القاهريه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صانعات الهوية فى السينما صانعات الهوية فى السينما



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon