توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شعوب وحكومات

  مصر اليوم -

شعوب وحكومات

بقلم - عبدالناصر سلامة

كنت أتمنى أن تظل الخلافات العربية البينية عالقة فى الأعلى، أى لدى القيادات العليا، أو بين القادة أو الحكومات بعضهم بعضاً، كنت أتمنى أن تعى الشعوب أن ما يجرى على الأرض مجرد أزمات طارئة، من صناعة هذا القائد أو ذاك، أو حتى أزمات مُمْلاة من عواصم خارج المنطقة، لحسابات لا دخل للمنطقة بها، بالتالى كان يجب ألا يكون للشعوب دخل بها، نحن نتحدث عن شعوب تربطها الكثير من الأواصر، الأصول، الأعراق، الأنساب، الدين، اللغة، التاريخ المشترك، المستقبل الواحد، ربما القادة ليسوا كذلك، أو لا يعنيهم الأمر على أقل تقدير، ربما كان كرسى الحكم هو الأهم، بعضهم لديه قناعة بأن الحماية تأتى من الخارج، لذا كانت التبعية والموالاة.

كنت فى سعادة بالغة حينما شاهدت كل أعلام ورايات دول المنطقة، العربية وغير العربية، على منصة افتتاح مؤتمر إعمار العراق، الذى استضافته دولة الكويت أخيراً، كانت أعلام السعودية وقطر والإمارات متجاورة، كما أعلام العراق وسوريا والأردن، كما أعلام تركيا وإيران ومصر، كما أعلام الولايات المتحدة وروسيا والصين، فى إشارة بالغة الدلالة على أن المؤتمر يُعقد فى دولة استثنائية بالمنطقة، تقف على مسافة واحدة من الجميع، أو ربما تتعالى على الصغائر والمتغيرات وتتعامل مع الثوابت، قد لا تتكرر هذه الحالة فى المنطقة كثيراً، سوف نجدها فقط فى سلطنة عمان، الدولة التى اعتمدت هذه السياسة مبكراً.

إلا أن المحزن هو ألا نجد تآلف أو تمازج الأعلام والرايات يلقى بظلاله على الأفراد أو على القلوب، شاهدت كل هذه الجنسيات البشرية على الطبيعة، كان الأمر مختلفاً، شاهدت مشاجرة بين إعلامى من إحدى الدول وأكاديمى من دولة أخرى، لمجرد الاختلاف الحاصل على الساحة السياسية، شاهدت كيف يتجنب أبناء الخليج الواحد بعضهم بعضاً، شاهدت العرب اسماً لا فعلاً، ربما كانت بعض المواقف نابعة من قناعة نتيجة الضغط الإعلامى على مدار الساعة، وربما كان بعضها لتسجيل مواقف أمنية قد تفيد حين العودة إلى أرض الوطن، وربما كان البعض الثالث نتيجة غباء أحد الأطراف، أو حتى نتيجة غباء مشترك، إلا أننا فى كل الأحوال يجب أن نعترف أننا أمام كارثة ما كان يجب أبداً أن تكون.

دار حوار مع بعض الأشقاء العرب حول هذه القضية تحديداً، أعجبتنى رؤية أحدهم حينما قال: معظم الشعوب العربية لم يكن لها رأى فى اختيار قادتها، بالتالى الأمر لا يستحق، كما أن معظم الشعوب لم يكن لها رأى فى صناعة أو حتى كيفية إدارة مثل هذه الأزمات، بالتالى أيضاً الأمر لا يستحق، فما بالنا حينما يصل الأمر إلى مواجهات هنا وحروب هناك، بالتالى كان يجب ألا تكون الشعوب طرفاً، لأن مثل هذه الأوضاع لا تدوم طويلاً، والدليل هو المؤتمر الذى نحن بصدده الآن، مؤتمر لإعمار العراق تنظمه دولة الكويت، وهل كان بين دولة وأخرى مثلما كان بين هذه وتلك، إلا أن لغة العقل والحكمة فرضت نفسها فى نهاية الأمر، هكذا يجب أن نتعلم من دروس التاريخ.

فى كثير من الحالات على المستوى الدولى، تتأزم الأوضاع بين دولة وأخرى إلى درجة الاحتدام، إلا أن العلاقات التجارية والاقتصادية لا تتأثر أبداً، ذلك أننا أمام مصالح شعوب بالدرجة الأولى، الإعلام فى هذه الحالة أكثر وعياً، قد يصل الأمر بخصوص خلاف ما إلى التحكيم الدولى أو المنظمات الدولية والأممية بشكل عام، إلا أن النشاط السياحى بين البلدين يظل كما هو دون تأثير، كما الأنشطة الأخرى الرياضية والثقافية وغيرها، نحن هنا نتحدث عن أنظمة تعى مصالح شعوبها، لا تتعامل بالأهواء أو الحسابات الشخصية والآنيّة، هذه هى الأنظمة التى صعدت إلى سدة الحكم بإرادة شعبية حقيقية، بالتالى كان القرار جماعياً فى كل شىء وأى شىء، تعمل من خلال مؤسسات، لا تستمد مواقفها من تبعية لعواصم أخرى أو إملاءات خارجية من أى نوع.

الغريب أنه فى الوقت الذى يتجه فيه العالم إلى التكتلات شرقاً وغرباً، تتراجع المنظومة العربية إلى ما قبل التاريخ شيعاً وقبائل، فى غياب الدولة القائد، وفى غياب العقل الرشيد، وفى غياب الحنكة السياسية، أو إن شئت قل الخبرة، وهو الأمر الذى أودى بالمنطقة ككل إلى هذه الحالة من التفتت والتشرذم والطائفية والحروب، مما أفقدها الجزء الأكبر من ثرواتها لحسابات التسلّح والاستثمار خارجها، والإنفاق على التطرف والإرهاب داخلها، رغم العجز الكبير فى موازنات معظم هذه الدول، والبطالة المستشرية فى صفوف الشعوب.

إلا أن السؤال الذى يظل يبحث عن إجابة هو: هل هو المخاض العربى الذى عاشته دول الغرب يوماً ما، وتحديداً فى أربعينيات القرن الماضى مع الحرب العالمية الثانية، قبل أن تنتفض من خلال مشروع مارشال وغيره من عوامل الإرادة الشعبية والسياسية، حتى استطاعت أن تنهض إلى الحد الذى أبهرت به العالم، أم أن العرب حالة مختلفة ميؤوس منها، مع خضوع الحكام لإرادات من خارجها، ومع استكانة الشعوب إلى الحد الذى تبنت فيه السياسات الرسمية، حتى لو كانت تصب فى غير صالحها؟ أعتقد أنه السؤال الذى يشغل بال الكثيرين الآن، ذلك أنه يتعلق برؤية المستقبل، وهل مازال هناك أمل أم لا؟!.

عن المصري اليوم الفاهريه

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعوب وحكومات شعوب وحكومات



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon