توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الربيع الروسى ومقاطعة الانتخابات

  مصر اليوم -

الربيع الروسى ومقاطعة الانتخابات

بقلم - عبدالناصر سلامة

بوادر ربيع روسى ظهرت بالتزامن مع الدعوة لمقاطعة الانتخابات الرئاسية هناك، المقرر عقدها ١٨ الشهر المقبل، خرج الآلاف إلى الشوارع فى عدد من المدن تأييداً للمقاطعة، تلبية لدعوة المعارض «أليكسى نافالنى» الممنوع من الترشح بزعم دعاوى قضائية ضده، المتظاهرون رددوا هتافات مناهضة للرئيس فلاديمير بوتين، المرشح الأبرز فى هذه الانتخابات لست سنوات أخرى، بعد أن قضى فى الحكم ١٧ عاماً، ما بين رئيس للدولة ورئيس للوزراء، مناصرو بوتين يرون أنه استعاد الكبرياء الوطنى لروسيا، وتعزيز دورها على المستوى الدولى، المناهضون يرون أن الحالة المعيشية تزداد سوءاً مع انتشار الفساد، وأنه ورّط البلاد عسكرياً فيما لا يفيد.

المعارض «نافالنى» هو مؤسس صندوق مكافحة الفساد فى روسيا، ويرى أن انحياز وسائل الإعلام لبوتين هو سبب شعبيته، كما يؤكد أن استبعاد عناصر المعارضة من خوض الانتخابات يفقدها شرعيتها، ذلك أنه قضى بالسجن عشرين يوماً على خلفية دعوة للتظاهر عبر وسائل التواصل الاجتماعى، تستند إليها لجنة الانتخابات فى منعه من الترشح، إلا أنه مازال يمارس النشاط نفسه، ومن المتوقع الزج به إلى محاكمة أخرى على خلفية دعوة المقاطعة الجديدة هذه، والتى على إثرها تم اعتقاله، واعتقال العشرات ممن نزلوا إلى الشوارع أيضاً.

قد لا يصل الأمر فى روسيا إلى الربيع الكامل المتعارف عليه، وقد يجد هذا الحراك دعماً غربياً بطريقة أو بأخرى، فى ظل توتر العلاقات مع روسيا خلال السنوات الأخيرة، على خلفية الأزمة مع أوكرانيا، أو مع الولايات المتحدة، أو حتى الوجود العسكرى فى سوريا، إلا أن كل المؤشرات تؤكد أننا أمام أزمة حقيقية، قد تأخذ فى التصاعد حتى موعد الانتخابات، وبصفة خاصة فى ضوء التعامل العنيف مع المتظاهرين، الذين نزلوا إلى الشوارع فى درجات حرارة ما دون الصفر، وهو ما يؤكد أن طريق بوتين إلى الكرملين لن يكون مفروشاً بالورود.

يبدو أن روسيا لم تتعاف من أمراض الاتحاد السوفيتى السابق، لا فى أبدية القادة، ولا فى التعامل مع المتظاهرين، ولا فى موالاة الإعلام للنظام، ولا حتى البرلمان، ثم جاء دور لجنة الانتخابات هى الأخرى لتكمل المنظومة، بما يجعل هذه الدولة، الأكبر جغرافياً فى العالم، الواقعة فى قارة أوراسيا، بالنصف الشمالى من الكُرة الأرضية، أقرب شبهاً مع دول العالم الثالث، فيما يتعلق بالمسار السياسى أو الديمقراطى، وفيما يتعلق بحقوق الإنسان بشكل عام، على الرغم من تلك التحولات شبه الجذرية التى طرأت على الأوضاع هناك منذ تفكيك الاتحاد السوفيتى قبل نحو ٢٥ عاماً.

أعتقد أنه من المهم دراسة ذلك التطابق الروسى مع بعض أنظمة الحكم العربية، أو ما يتعلق بذلك المسار تحديداً، الخاص بالانتخابات الرئاسية، التى يتم التعامل معها، على اعتبار أنها لا تُجرى فى جمهوريات محكومة بدساتير وقوانين، بقدر ما هى أبعديات أقرب إلى إمارات أو ملكيات غير دستورية، لا حقوق للمواطن فيها على أى مستوى، وهو الأمر الذى جعل مثل هذه الدول تعيش على حافة بركان طوال الوقت، ما بين احتجاجات وتظاهرات وبيانات، ناهيك عما تعانيه مع العالم الخارجى من مواقف سياسية، وتقارير حقوقية، وأحياناً عقوبات تنال من المواطن أولاً وأخيراً، وهو الأمر الذى يخصم طوال الوقت من رصيد اقتصاديات هذه الدول، ممثلاً فى السياحة والاستثمار، ناهيك عن الأزمات مع المنظمات الدولية، أو العالم الخارجى عموماً.

كما هو حال بعض دول العالم الثالث تماماً، المراقبون يتوقعون مستقبلاً قد يصل إلى الخريف فى روسيا، سواء تعلق الأمر بمرحلة الانتخابات ومدى تجاوب الناس مع دعوات المقاطعة، أو بما بعد الانتخابات فى ظل دعوات أخرى إلى العصيان المدنى، ذلك أن النار تسرى تحت الرماد بصورة متسارعة، حتى وإن كان البعض يراها كامنةً، نتيجة السيطرة على وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، واحتواء معظم القوى السياسية التى اعتادت العمل من الباطن فى مقابل تحقيق مكاسب آنية، وهو ما قد يرسم صوراً مغلوطة، تبعث برسائل وهمية للنظام السياسى على خلاف الحقيقة التى قد تكون فى أسوأ أوضاعها.

ليس هناك أدنى شك فى أن الرئيس فلاديمير بوتين سوف يفوز بفترة رئاسية جديدة، تضعه على قمة السلطة من جديد، إلا أن العالم الخارجى، كما الداخل الروسى تماماً، يدرك أن العملية السياسية والانتخابية هناك لا ترقى إلى أدنى درجات الديمقراطية أو النزاهة، هى مسرحية هزلية، فى ضوء ممارسات القمع والمنع من الترشح واضطهاد المعارضين، وإذا أضفنا ممارسات العالم الثالث ممثلة فى إلقاء عشرات الآلاف بالسجون، واستمرار بناء المزيد منها، فسوف نكتشف أن الطريق إلى الديمقراطية مازال شاقاً وطويلاً، سواء فيما يتعلق بروسيا أو أصدقائها فى القارات الأخرى، وهو ما يجعل كل التوقعات مفتوحة على الأسوأ دائماً.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الربيع الروسى ومقاطعة الانتخابات الربيع الروسى ومقاطعة الانتخابات



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon