توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ضوء عربى من الكويت

  مصر اليوم -

ضوء عربى من الكويت

بقلم - عبدالناصر سلامة

علمتُ من سفير الكويت بالقاهرة، محمد صالح الذويخ، أن مؤتمراً دولياً بمشاركة الأمم المتحدة تستعد الكويت لتنظيمه يهدف إلى إعادة إعمار العراق، (أُكرر: إعادة إعمار العراق)، وما أدراك ما العراق!، بما يشير إلى أن دولة الكويت قد تعافت نفسياً من الجرح العراقى إلى حد كبير، جرح الغزو والحرب والهجرة والقتل والدمار إلى آخر القائمة، وهو سمو ورقى يجب أن نتوقف أمامه طويلاً، وبصفة خاصة فى ظل هذه المرحلة التى تمر بها الأمة العربية، التى انعدم فيها السمو والرقى، بعد أن وصل الأمر فى بعض بقاعها إلى الخوض فى الأعراض، واستهداف كل شىء وأى شىء، حتى بدا كل شىء مباحاً.

أرى أن أهم ما تؤكده الرسالة الكويتية من المؤتمر المزمع هو أن الخصومات بين الدول الشقيقة، مهما بلغت حدتها، سوف تزول بمرور الوقت، وهو ما يوجب الإبقاء دائماً وأبداً على ما يسمى (خط الرجعة) الذى تسعى بعض دول المنطقة الآن إلى تدميره، أيضاً تؤكد دولة الكويت من خلال المؤتمر أنها مهمومة بمعاناة شعب العراق، حتى وإن بدا أن العراقيين أنفسهم ليسوا مهمومين به بنسبة أو بأخرى، ذلك أن الصراعات هناك تؤكد أنهم لم يرتقوا فيما بينهم إلى الحد الذى ارتقت به دولة الكويت، رغم الغصة الكبيرة التى خلّفها غزو عام ١٩٩٠.

كنا منذ البداية ضد الغزو، على اعتبار أنه عمل خارج عن كل العلاقات الإنسانية والمواثيق الدولية، كنا أيضاً طوال الوقت ضد الحصار الاقتصادى على العراق، على اعتبار أن معاناة الأطفال هناك مع الغذاء، ومعاناة الكبار مع الدواء لم تكن تجيزها أى شرائع بشرية أو سماوية، وفيما يبدو أن ٢٨ عاماً مضت على هذه الذكرى الأليمة كانت كفيلة بتجاوز حالة الأسى والمرارة على الجانب الكويتى، وأعتقد أنها كذلك على الجانب العراقى، الذى عانى هو الآخر دولياً على الأقل، إلا أن العلاقات بين الدولتين بشكلها الحالى تمثل رسالة مهمة إلى كل الأمة العربية، وفى مقدمتها بعض دول الخليج، التى تتصاعد فيها وبينها الضغائن دون بوادر تحكيم للغة العقل والمنطق ولحسابات التاريخ والجغرافيا.

يجب الإقرار بأن سياستى دولتى الكويت وسلطنة عمان تحديداً فى المنطقة تمثلان نموذجاً فريداً، وسط هذا الشطط الذى نشهده من المحيط إلى الخليج، أصبحت الدولتان تمثلان واحة استقرار وأمن وأمان، وسط غابة يتصارع فيها الوحوش دون هوادة، الدماء فى كل مكان، الصراعات فى كل موقع، أموال النفط أصبحت تُنفق إما على الإتاوات للدول الكبرى، وإما على صفقات سلاح غير منطقية، وإما على القتل والدمار من اليمن حتى سوريا والعراق وليبيا وغيرها، الطائفية أصبحت وبالاً كما التشدد والتطرف، الأطماع أصبحت كارثية كما المراهقة السياسية تماماً، وهو ما أخل بموازنات وتطور وتقدم كل دول المنطقة دون استثناء.

إذا كنا ندعو العواصم العربية إلى التوقف أمام هذا السلوك الكويتى ممثلاً فى المؤتمر المشار إليه، فإننا ندعو أيضاً القيادة الكويتية إلى عدم اليأس والممل فيما يتعلق بجهود المصالحة والتوفيق التى تسعى إلى القيام بها بين الدول المتنازعة، ذلك أنه قد بدا أن المنطقة تفتقر الآن إلى الرجل الرشيد أو الدولة الرشيدة التى يمكنها القيام بهذا الدور، ولا ننسى أن نشير إلى ذلك الجهد الذى سبق انعقاد قمة مجلس التعاون الأخيرة بالكويت، بهدف الإبقاء على هذه المنظومة حيّة تنبض على الأقل، وكذلك الجهد الذى سبق انطلاق بطولة مجلس التعاون الكروية بالكويت أيضاً، إنقاذاً لما يمكن إنقاذه من علاقات وفعاليات.

من الضرورى جداً أن تعى وسائل الإعلام العربية أهمية انعقاد مثل هذا المؤتمر، الذى أراه بمثابة نقطة ضوء فى النفق العربى المظلم، من المهم أن تتعامل مع المؤتمر بحجمه، ذلك أننى أتوقع أن يقف العالم مشدوهاً أمام هذا التطور الذى سوف يحسب للمنظومة العربية ككل على أنها يمكن أن تنهض من كبوتها يوماً ما، أو على الأقل يمكن أن تتعافى مما ألمَّ بها من أمراض وكبوات، من المهم أن تسعى جامعة الدول العربية إلى دعم هذا المؤتمر بكل طاقتها، ذلك أنها وجدت أخيراً بادرة أمل عربية يمكن البناء عليها فيما يتعلق بأوضاع أخرى قائمة.

بقى أن نؤكد أن الشق الأكبر من إعادة إعمار العراق يقع على العراقيين أنفسهم، بمعنى أن صراعات الداخل العراقى يجب أن تتوقف، الصراعات السياسية والمذهبية والعرقية، ليعود العراق كما كان فى السابق مصدر قوة العرب، مصدر فخرهم، دولة الخلافة، دولة احتواء العمالة العربية والمهاجرين من كل البقاع، مصدر إلهام الشعراء، الملحمة الثقافية، الطفرة الاقتصادية، القوة العسكرية، وقبل كل ذلك دولة الجوار والأخوة، لا يتوقف أمام تويتة من هنا أو تعبير غير مقصود من هناك، لتكن البداية فى العلاقات مع دولة الكويت، الأقرب جغرافياً ونفسياً، الأكثر تمازجاً ومصاهرة، ربما كان هذا المؤتمر يمثل بداية حقيقية لعودة أواصر الماضى وآفاق المستقبل، فى كل الأحوال هو ضوء عربى كويتى ينم عن سياسة حكيمة وأفق واسع، سوف تسجلهما ذاكرة التاريخ.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ضوء عربى من الكويت ضوء عربى من الكويت



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon