توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المدخل إلى المسألة السياحية

  مصر اليوم -

المدخل إلى المسألة السياحية

بقلم : عبد المنعم سعيد

 لدي كل الأسباب التي تجعلني أتمني النجاح للوزيرة رانيا المشاط بما لديها من معارف وخبرة في مهمتها الصعبة لحل معضلات المسألة السياحية في مصر، وهي كثيرة وفي أوقات كثيرة تدفع إلي اليأس. المسألة ليست أن مصر خالية من مقومات البلد السياحي، وهناك كثيرون قاموا بالمقارنة بين مصر وإسبانبا وكان الفوز بعدها للمحروسة حيث الشمس والبحر والبر والتاريخ والحضارة في حالة عناق نادر. والمسألة أيضا ليست الإرهاب وتوابعه، فهو بمعدلاته الحالية ليس بعيدا عما يحدث في بلاد أخري، ولا يزال السائحون يتجولون في فرنسا وإسبانيا وبريطانيا وحتي تركيا، ولكن حال السياحة في مصر لا يزال رغم التحسن النسبي ليس علي ما يرام. وحتي فإنه في أفضل أحوالنا قبل عهد الثورات، لم تكن لا الأعداد، ولا العائد، بالذي يليق بالبلاد. المسألة السياحية ببساطة هي غياب ثقافة التعامل مع أغراب يأتون إلينا لكي يحصلوا علي متعة في أقلها ثقافية، وفي أكثرها البحث عن ذكريات حلوة لا يمحوها زمن. ولكن الحال في مصر أنه لا يوجد نقصا في منتج صناعة السياحة بين بر وبحر وتاريخ؛ ولكن هناك نقص في كل شيء آخر.

تفاصيل الأمور كثيرة، ولكن هناك عاملين أظنهما سوف يتسببان، مهما كانت الظروف مواتية، في جعل السياحة المصرية تقع في مرتبة متدنية بين دول العالم الأخري: العامل الأول هو مستوي النظافة السائد في حواضرنا المختلفة؛ أما الثاني فهو بوابات مصر السياحية وفي المقدمة منها مطار القاهرة الدولية وشركة مصر للطيران. وربما لم تلق مشكلة أو معضلة في مصر ما لقيته مشكلة القمامة والمخلفات من لجان عقدت علي كل المستويات، ومن القاعدة حتي القمة، داخل الحكومة وخارجها. جري استخدام خبراء من الداخل، وآخرين من الخارج، وجاءت شركات أجنبية وذهبت، واعتمدت الدولة علي حلول محلية ثبت أنها لاتغير الحال، ولم يظهر أن الحلول الخارجية يمكنها أن تجعل شوارعنا وحاراتنا وجسورنا أفضل حالا. علي العكس، ومع كل جولة جديدة يبدو فيها أن تحسنا علي الطريق، سرعان ما يصير الوضع كله أكثر سوءا.

منذ سنوات كتبت عن كيف صارت القاهرة قرية كبيرة، والآن فربما صار الأمر كله أكثر سوءا؛ وما عليك إلا أن تدور مع الطريق الدائري لكي تجد كيف أن أكواما من المخلفات سيئة المشهد والرائحة قد انتشرت. صارت الطرق العامة، والسريعة، مرتعا لمخلفات كل العشوائيات، وغير العشوائيات المجاورة للطريق العام. علاقة ذلك بالسياحة ربما لخصها رئيس جامعة أمريكية مرموقة كان في زيارة للقاهرة وجمعنا عشاء فور زيارته منطقة الأهرامات. قال الرجل إن التجربة كانت مؤثرة معه، ولكنه لن يسمح لأولاده بتجربتها لأن لديهم صورة رومانسية عن الأهرامات، وكان يخشي أن تضيع من كم المخلفات التي يرونها من وإلي أعظم آثار العالم.

ربما كان الرجل حساسا أكثر مما ينبغي، ولكن السائح بطبيعته حساس بشدة لما يجده، ويؤثر في أنفه وعيونه، وفوقهما سلوك البشر تجاهه. بالنسبة له فإن «المتعة» التي يبغيها هي موضوع تنافسي بين بلدان كثيرة، ولا يوجد لدي صاحبنا ما يجبره علي البقاء وسط كل ما لدينا من مخلفات تبدأ بمجرد الدخول إلي مطار القاهرة الدولي الذي هو بين كل مطارات الدول السياحية الذي تفوح منه رائحة الدخان بمجرد الخروج من باب الطائرة. أعلم أن جهودا كثيرة تبذل لجعل المطار يليق بمصر، ولكن لسبب أو آخر فإن حد اللياقة هذه لا يمس دورات المياه التي يقف علي أبوابها من يلح علي الدخول، فإذا ما دخلت فإن الإلحاح يأخذ أشكالا أخري تصل إلي «البقشيش» في نهاية المطاف. وسواء كنت في الدرجة السياحية أو درجة رجال الأعمال أو حتي في الدرجة الأولي فإن عمليات الدخول إلي الطائرة تمر بفترات من الارتباك وعدم التنظيم الناجمة عن قصور بالغ في عمليات التفتيش التي باتت مميكنة في كل مطارات العالم ما عدا نحن حيث «الصواني» الخاصة بالأجهزة الإلكترونية و المعاطف والأحذية لا تصل إلي عدد أصابع اليد. المؤكد أن السائح الذي يأتي لابد أن يقارن بيننا وبين مطارات دول أخري في المنطقة ولن تكون المقارنة لصالحنا. وسواء كان السائح في الصالة الأولي أو الثانية أو الثالثة، ومهما كان الادعاء بأن أحدها قد وصل إلي المستويات العالمية فإن حالة الفوضي سوف تكون عارمة في كل الاتجاهات. ولأن الشيء بالشيء يـذكر، فإن الشركة الوطنية للطيران لديها الكثير مما تصبو للوصول إليه، ورغم محاولات عديدة مشكورة للإصلاح تبذل فإن النتيجة لا تجعل شركة مصر للطيران محببة للسائحين والزوار. وفي كل الأحوال فإن كل محاولة جديدة لن تكون مكلفة للغاية فقط علي حساب أولويات وطنية أخري، وإنما المرجح أنها لن تصل وسط المنافسة العالمية الجارية إلي مستويات فارقة.

في النهاية فإنه لن يختلف أحد علي أن السياحة واحدة من أعمدة النهضة الاقتصادية المقبلة، ولأن شجاعة اتخاذ القرارات الصعبة كانت أحد أركان الفوز للرئيس السيسي في الانتخابات الرئاسية، فإن المدخل إلي حل المسألة السياحية لن يكون فقط بجذب السائحين، وإقناع الروس والبريطانيين وغيرهم بأن مصر بلد آمن، وإنما بأن تكون النظافة في المحروسة من الإيمان، وأن بواباتنا التي تستقبل السائح وتودعه تسير وفق المعايير العالمية التي تجعلنا أكثر رقيا من دول منافسة. الأمر هنا يحتاج أكثر من وزير، بل ما هو أكثر من الحكومة، وإنما حالة من حالات التعبئة القومية التي تجعل التخلص من النفايات هدفا وطنيا. مطاراتنا، وشركتنا الوطنية للطيران يصدق عليهما ما يصدق علي إصلاح كل المؤسسات الاقتصادية العامة في مصر، تحتاج ثورة إدارية ضخمة تضعها في مصاف الشركات الناجحة. يقال إن البيوت تدخل من أبوابها، وكذلك السياحة فإنها تدخل من بوابة العواصم والمطارات وشركات الطيران، وبعد ذلك فإن الكنوز السياحية المصرية، ومهارة الوزيرة المصرية سوف تصنع المعجزات.

نقلاً عن الآهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المدخل إلى المسألة السياحية المدخل إلى المسألة السياحية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 12:48 2019 الخميس ,10 كانون الثاني / يناير

تعرف على تاريخ مصر القديمة في مجال الأزياء والموضة

GMT 03:59 2018 الأحد ,28 كانون الثاني / يناير

تفاصيل جديدة في حادث الاعتداء على هشام جنينه

GMT 10:53 2018 الأربعاء ,17 كانون الثاني / يناير

العلماء يحذرون عشاق "شاي الأكياس" من المخاطر الصحية

GMT 15:26 2018 الجمعة ,12 كانون الثاني / يناير

ميلان يضع خُطة لإعادة تأهيل أندريا كونتي

GMT 09:19 2018 الثلاثاء ,02 كانون الثاني / يناير

وصول جثمان إبراهيم نافع إلى مطار القاهرة من الإمارات

GMT 08:13 2018 الإثنين ,01 كانون الثاني / يناير

التغذية غير الصحية كلمة السر في الشعور بالخمول

GMT 09:09 2017 الخميس ,28 كانون الأول / ديسمبر

طارق السيد ينصح مجلس إدارة الزمالك بالابتعاد عن الكرة

GMT 00:47 2017 الثلاثاء ,26 كانون الأول / ديسمبر

أمن الإسماعيلية يرحب باستضافة المصري في الكونفدرالية

GMT 18:22 2017 السبت ,09 كانون الأول / ديسمبر

القدر أنقذ ميسي من اللعب في الدرجة الثانية

GMT 09:28 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

عرض فيلم "نساء صغيرات" في الإسكندرية

GMT 12:20 2019 الثلاثاء ,04 حزيران / يونيو

طلائع الجيش يبحث عن مهاجم سوبر فى دوري المظاليم

GMT 15:09 2019 الإثنين ,03 حزيران / يونيو

فان ديك يحصد لقب أفضل لاعب بنهائي دوري الأبطال

GMT 15:15 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

مشروع "كلمة" للترجمة يصدر "كوكب في حصاة"

GMT 20:20 2019 السبت ,09 شباط / فبراير

صدور رواية "الطفلة سوريا" لعز الدين الدوماني
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2025 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon