توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الفئران.. والأمل

  مصر اليوم -

الفئران والأمل

بقلم : مي عزام

 «مفيش فايدة» عبارة مبهمة، أصبحت مصطلحا نستخدمه كلما واجهنا وضعا صعبا لا أمل فى تغييره، أحيانا أجد مثل هذه العبارات فى تعليق قراء على بعض مقالاتى: «لا تتعبى نفسك.. لا حياة لمن تنادى.. لسه عندك أمل؟!». نعم، مازال عندى أمل، أعترف بأن اليأس يتملكنى أحيانا لكن ينتصر الأمل، أسترجع الأمل من قراءة التاريخ والتدبر فى أحوالنا، ليس كل ما اعتدنا ترديده صحيحا، فلا سعد زغلول قال «مفيش فايدة» تعقيبا على أحوال مصر السياسية وهو على فراش المرض، ولا الشعب المصرى خسر معركته مع التغيير، ولا النظام سيطر رغم أنه تجبر، لكنه حال الدنيا: صراع دائم بين الساكن والمتغير، بين القلة المستنيرة الثورية والأغلبية الساكنة المستسلمة بحكم العادة أو الجهل.

(2)

فى سلسلة أفلام «ألعاب الجوع» الشهيرة، تصبح اللاعبة «كاتنيس إيفردين» مصدرا للأمل، لأنها استطاعت أن تكسب تعاطف الجمهور رغم تمردها على قواعد اللعبة التى لا تسمح إلا بنجاة لاعب واحد وهى رفضت أن تقتل زميلها لتنجو بنفسها، لمس الرئيس سنو (الذى أحكم سيطرته على المقاطعات وأحبط بالقوة المسلحة كل محاولات التمرد على سلطته المركزية) خطر كاتنيس وبذرة الأمل التى حملتها وهى لا تُقتلع بسهولة، وتعين الناس على تحمل مشاق الوصول إلى أهدافهم. قرأت من فترة عن تجربة معملية أجراها باحث على مجموعة من الفئران، وضع كلا منها فى إناء زجاجى كبير ممتلئ لنصفه بالماء وكان الإناء زجاجيا، ليكون سطحه أملس ولا يستطيع الفأر التعلق بمخالبه على جداره، وتم حساب الوقت الذى يستمر فيه كل فأر فى محاولة الخروج قبل الاستسلام للغرق، كان هناك اختلاف بين كل فأر وآخر، لكن فى المتوسط كان الفأر يحاول لمدة 15 دقيقة تقريباً ثم يستسلم للغرق، قام الباحث بإعادة التجربة لكن مع بعض التغيير، عندما يرى الفأر فى لحظاته الأخيرة وعلى وشك الاستسلام يقوم بإخراجه من الإناء وتجفيفه ثم يتركه ليستريح لبعض الوقت قبل أن يضعه مرة أخرى فى الإناء، أعاد التجربة مع كل الفئران ثم حسب متوسط الوقت فى المرة الثانية. والمدهش أن فى المحاولة الثانية استمرت الفئران لساعات وليس دقائق قبل الاستسلام للغرق!!، الفئران فى المحاولة الأولى فقدت الأمل بسرعة بعد أن تأكدت أنه لا سبيل لنجاتها، لكن فى المرة الثانية كان لديها خبرة سابقة بوجود أمل، فى أى لحظة قد تمتد لها يد العون لتنقذها فاستمرت لفترة أطول أملاً فى تحسن الظروف.

(3)

هل عقل المصريين قاصر عن استشعار الأمل!، رغم أنهم مروا بثورتين أثبتتا لهم أنهم فاعلون ومؤثرون، لعل قارئا يقول: فى الحالتين كان الجيش يحمى اختيار الشعب والظروف تغيرت الآن، وهنا أقول: لسنا بحاجة لتكرار سيناريو الثورة والمظاهرات فى الشوارع، لكن علينا أن نحافظ على الأمل فى نفوسنا، ولا نستهين بالتغيرات التى حدثت بالفعل، فهى جذرية لكنها بطيئة. بعضنا يشعر بأن هناك أجهزة أمنية تابعة للنظام تراقب مواطنين، ولكن فى المقابل الشعب أيضا يراقب النظام ولديه منصاته الشعبية. حجب المواقع ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعى والتنصت على شخصيات عامة وتقييد حرية التعبير والتخوف من المعارضة ليس له إلا معنى واحد: أن الأمور لا تسير هينة كما كانت فى الماضى، وأن المخاوف والهواجس عند الطرفين: النظام والشعب، وأن المشكلة الحقيقية أنهما لم يصلا إلى صيغة صالحة وتوافقية للحكم، النظام يريد أن يحكم على قديمه متناسيا التراكم الثورى الذى حدث، والشعب، أو بعضه، متمسك بتحقيق أهداف ثورته وإحداث تغييرات جذرية فى الحكم تصب فى صالح عموم المصريين. إنه الصراع بين القديم والجديد، ولم يحدث فى التاريخ أن انتصر القديم البالى على الجديد الفتى، حتى وإن حدث نكوص فى فترات فإنها تكون مؤقتة، ويتغلب القادم على البائد بقيمه الجديدة الأكثر ملاءمة للعصر.

(4)

كل مخلص لهذا الوطن يسعى لوقف محاولات استنساخ أنظمة عرفتها مصر فى تاريخها وثبت فشلها ورفضها الشعب، ليس حبا منه فى المشاغبة أو محاولة لتشويه ما تم من أعمال أو إنجازات أو لهدم الدولة كما يردد البعض، ولكن بهدف تأسيس وطن يتسع للجميع، وأن تكون دولتنا عصرية تحترم الدستور والقانون، ومؤسساتها تخدم المواطن لا نظام الحكم، وتعمل على تحسين حياته وليس التسلط عليه. العامل المشترك فيما حدث فى العراق، سوريا، ليبيا، واليمن، هو فساد الأنظمة واستبداد الحكام وغياب العدالة والمساواة بين المواطنين وتداول السلطة بصورة ديمقراطية. أعفى الله مصر من السقوط فى هذا المصير لأن جيشها وطنى وشعبها واعٍ انتصر لمصلحة الوطن وكيان دولته الموحدة منذ الآف السنين.

وعلى هذا الشعب واجب ومسؤولية: التمسك بالأمل فى التغيير، الذى سيحدث ولو بعد حين بمواصلة السعى مهما كانت العقبات.. دام شعب مصر حرا كريما.

نقلا عن المصري اليوم

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفئران والأمل الفئران والأمل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon