توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

علقة موت!

  مصر اليوم -

علقة موت

بقلم - ســناء صليحــة

 «من يجسر أن يفعل هذا برجل له قيمة وقامة، وتجاوز التسعين من عمره؟!. من هؤلاء؟!. سؤال يشي باستنكار ودهشة وغضب يتجاوزان المعنى الحرفى لصيغة تنتهى بعلامة استفهام أو لإجابة شبه معروفة مسبقا بالنظر لطبيعة المسروقات والاعتداء وكيل اللكمات للكاتب الصحفى والمؤرخ وديع فلسطين.

فرغم الدهشة والغضب اللذين اثارهما خبر الاعتداء على شيخ الصحفيين الذى ارخ لأعلام عصره من واقع علاقته الشخصية بهم خلال عمله الصحفى ونشاطه الثقافي، ورغم أن القضية حتى لحظة كتابة هذه السطور قيد التحقيق، فإن طبيعة الاعتداء على رجل مسن تؤكد صور منزله والأخبار المتداولة فى الصحف عن معاناته للحصول على معاشه أنه ليس من اصحاب الملايين او الموسرين الذين تداعب مقتنياتهم خيال اللصوص فيقدمون على مخاطرة غنيمتها تستحق المغامرة، لا تكشف فقط حالة قسوة غير مبررة ومتغير اخلاقى يعكس اندثار قيم الرحمة واحترام الكبار الذين اعتدنا ان ندعوهم فى سالف العصر والأوان الخير والبركة، ووظفهم الكتاب مثل فيكتور هوجو فى البؤساء ونجيب محفوظ فى اللص والكلاب وطاهر ابو فاشا فى أوبريت رابعة العدوية وغيرهم من الكتاب، ليكون ظهورهم فى حياة الاشرار لحظة التنوير ويقظة الضمير ومراجعة النفس، بل إن اختفاء مخطوطات وديع فلسطين من منزله يفرض علينا أيضا التفكير فى احتمالية حلقة جديدة من مسلسل متوالية العنف بسبب الاختلاف الفكرى والسياسى والتعصب.

فصفحات التاريخ وإن وثقت صورا مأساوية لمواجهة الفكر بالعنف بدرجات مختلفة بدءا من مقتل هيبثيا عالمة الاسكندرية واغتيال عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب (رضى الله عنهم) وإجبار سقراط ان يتجرع السم وإحالة جاليليو إلى محاكم التفتيش وملاحقة فولتير وسجنه ونفى الطهطاوى ومحمد عبده واضطهاد قاسم امين ومحاكمة الشيخ على عبد الرازق وتجريده من درجته العلمية وصولا لاغتيال الشيخ الدهبى ومن بعده فرج فودة، ومحاولة اغتيال نيب محفوظ فى التسعينيات والاعتداء أخيرا على الشاعر والأكاديمى الكردى فرهاد بيربال فى وسط مدينة أربيل، كلها تؤكد أن هذا العنف ما هو إلا محاولة لوأد الكلمة واختلاق تاريخ بعينه. فالصفحات نفسها تؤرخ لحريق مكتبة «سيرابيوم» فى الاسكندرية بأمر من الإمبراطور ثيودوسيوس قبل ثلاثة قرون من حريق مكتبة الإسكندرية الشهير، ومكتبة قرطبة عقب سقوط الاندلس وتدمير المغول مكتبة بيت الحكمة ستة وثلاثين مكتبة عامة أخرى فى بغداد ومكتبة دار العلم بالقاهرة وإحراق الصليبيين مكتبة بنى عمار فى القرن العاشر الميلادي. وفى هذا الصدد تقول المستشرقة الألمانية زيجريد هونكه فى كتابها «شمس العرب تسطع على الغرب»:»وهكذا حرقت يد التعصب مليونا وخمسة آلاف من المجلدات، هى مجهود العرب فى الأندلس وثمرة نهضتهم فى ثمانية قرون».كذلك فقد وثق المؤرخ ابن إياس الذى عاصر الفتح العثمانى الكثير من أحداث التخريب وتدمير وحرق الكتب ،فقد نُهبت مكتبة السلطان حسن، وأحُرقت مكتبة جامع الأمير شيخو عن بكرة أبيها وغيرها من المكتبات ونُقلت الألوف من المخطوطات العربية إلى إسطنبول. ولم تقتصر محرقة الكتب على القرون الخوالي، ففى القرن العشرين كان للمكتبات والكتب نصيبها من النار. بعد مرور أربعة أشهر على وصول هتلر الى السلطة وتحديدا فى العاشر من مايو 1933 حمل طلاب وأساتذة جامعيون وقادة نازيون عشرات الألوف من الكتب ليحرقوها فى ميدان الأوبرا فى وسط برلين. كما شهدت بدايات القرن الحادى والعشرين عمليات ممنهجة لإتلاف المكتبات وحرق الكتب ونهب المتاحف فى العراق وليبيا وسوريا، بما يؤكد مقولة سيمون شاما استاذ التاريخ المعاصر بجامعة إكسفورد «اذا أردت ان تبيد شعبا امح ثقافته بشل ذاكرته وطمس تاريخه..» وهنا يفرض السؤال نفسه «ترى هل لأن محاولة محو ذاكرة العالم وتزييف التاريخ تحتاج لما هو أكثر من سيف أو حريق، كيلت اللكمات لرجل جاوز التسعين، أغلى ما يمتلكه قلم وذاكرة تؤرخ لأحداث وشخصيات ومخطوط كتاب؟!»

نقلا عن الاهرام القاهريه

 

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

علقة موت علقة موت



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon