توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الاحتيال للحصول على « تكافل وكرامة»

  مصر اليوم -

الاحتيال للحصول على « تكافل وكرامة»

بقلم - عماد الدين حسين

قبل أسابيع كانت وزارة التضامن الاجتماعى تقوم بعملية التحقق من سلامة البيانات فى برنامجى تكافل وكرامة عبر ربطها ببيانات الموظفين، وخلال هذه العملية تم اكتشاف أن هناك موظفين قاموا بتزوير شهادة إعاقة لأبنائهم كى يحصلوا على معاش كرامة وتكافل.

الوزيرة النشيطة جدا غادة والى قالت لى: لن أترك هؤلاء المزورين الجبارين، وسوف أخصم منهم كل مليم بل سوف أقوم بجمع شهادات ميلاد أبناء كل الموظفين وعددهم ١٤٠ ألف شخص وكذلك بيانات زوجاتهم.

هذا التزوير يكشف عن أن نماذج الاحتيال والنصب والهمبكة عند بعض المواطنين لا يمكن تخيلها، ولابد من وجود جرأة وشجاعة لنقد بعض هذه السلوكيات، إذا كنا نطالب بمكافأة المجيدين والمتفوقين، فعلينا أن نطالب بمعاقبة المقصرين والمحتالين.

أعود مرة أخرى إلى الكوميديا السوداء التى يلجأ إليها بعض المواطنين. وهذه المرة من إحدى قرى محافظة البحيرة، وبها بيت متهالك وشديد التواضع، يتم تأجيره للأسر الراغبة فى الحصول على معاش تكافل وكرامة. هذا البيت يتم فيه استقبال الباحث الذى يكتب التقرير بأن الأسرة معدمة، وحالها شديد البؤس!!!.

عرفت أيضا أن هناك سيدات تقمن باستئجار رجل ليقوم بدور الزوج، إذا كان زوجها يعمل بالخارج، ويدخل معها إلى الوحدة حاملا بطاقة الزوج التى تركها للزوجة.

الفهلوة والنصب لا يتوقفان عند بعض المواطنين، فهما يمتدان أيضا لبعض موظفى القوميسيون الذين يكتبون «تقارير مضروبة». وما عرفته أن الوزيرة أحضرت خبراء لوضع تصور وهيكل محكم يقضى على الثغرات.

من حسن الحظ أن غادة والى تعمل بهمة ملحوظة وضمير يقظ، وهى ترى أن كل عمليات التحايل والتزوير لا تتعدى نسبة الـ٥٪، إضافة إلى أن هناك عملية ضبط ومراجعة شهرية مستمرة للجميع. وتقديرها أن أفضل ما تم فى هذا الصدد هو «لجان المساءلة المجتمعية من أبناء القرية وأعيانها الذين يقومون بالمراجعة وراء موظفى الوزارة أنفسهم، لكشف وفضح أى فساد، وإعادة كل قرش أخذه غير مستحق».

خلال حديثى مع الوزيرة غادة والى الذى جرى فى دار الأوبرا قبل أيام، قالت لى إنها تقر بأن الفاسدين مبدعون.

وإذا كانت المراقبة شديدة فى وزارة التضامن، فهل هى كذلك فى بقية الوزارات والمؤسسات؟
وهل هناك مسئولون فى كل موقع بنفس همة ويقظة غادة والى؟!

بالطبع هناك الكثير من ذوى الكفاءة والضمير، لكن المشكلة تكمن أكثر فى «السيستم»، الذى يهزم الكثير من ذوى النوايا الحسنة.

الفساد لا يحدث من تلقاء نفسه، ولكنه يحتاج أولا إلى فاسدين أو أشخاص طيبين لكنهم قابلون للإفساد، وثانيا، يحتاج إلى ثغرات قانونية وتشريعية ينفذ منها. وهنا تكمن المأساة، فقد يكون لديك أفضل الموظفين وأكثرهم إخلاصا واستقامة ونزاهة، لكن الثغرات القاتلة تجعل سرطان الفساد يتوغل فى دهاليز هذه المنظومة الخربة. وعلينا ألا ننسى أن البعض يلجأ للتحايل لأنه فقير جدا ولم يتمكن من الحصول على حقه المشروع.

قبل شهور كتبت عن الحيل الجهنمية التى يلجأ إليها بعض المواطنين للحصول بدون وجه حق على معاش تكافل وكرامة، انطلاقا من حكاوى سمعتها من بعض أبناء مركز القوصية بمحافظة أسيوط خلال قضائى إجازة عيد الأضحى هناك.

بعد النشر اتصلت بى الدكتورة غادة والى، وشرحت لى باستفاضة آلية الحصول على المعاش، وكذلك الوسائل التى تضمن سد الثغرات، وللأمانة، فقد كانت مهتمة جدا بالموضوع وطلبت منى أن أبلغها بالحالات التى تستحق الحصول على المعاش وتعرضت للظلم.

الفساد سوف يستمر لأنه من طبيعة البشر، لكن شرط أن نبذل كل الجهود لمحاربته، وجعله فى حدود النسب الدنيا جدا مثلما هو حادث فى بلدان العالم المتقدم.

التجربة التى طبقتها دكتورة غادة والخاصة باللجان الشعبية المجتمعية وسيلة قد تكون حلا عبقريا، ليس فقط للقضاء على التحايل فى معاش كرامة وتكافل، ولكن فى مجالات كثيرة خصوصا فى الريف. على سبيل المثال قضية تنقية بطاقات التموين، ومن الذى يستحق، ومن الذى لا يستحق، وقضية الفساد فى المحليات، والغش فى السلع التموينية أو بعض محطات الوقود، وقضايا أخرى كثيرة لا تحل بتشديد العقوبات فقط، ولكن بالرقابة المجتمعية.

الموضوع ليس سهلا لأنه نتاج عقود من الإمال وتراكم الفساد، لكن التجربة جديرة بالبحث والنقاش علها تمثل مخرجا من أزماتنا.


نقلا عن الشروق القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاحتيال للحصول على « تكافل وكرامة» الاحتيال للحصول على « تكافل وكرامة»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon