توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

سعودية بن سلمان الجديدة

  مصر اليوم -

سعودية بن سلمان الجديدة

بقلم : أحمد الصاوي

 لم تقطع هذه المنطقة خطوة واحدة للأمام فى اتجاه الحداثة والعصرنة والتطور الحضارى دون إرادة سياسية، حتى ولو كان هذا التطور يدعمه أى شكل من الحراك الاجتماعى المستنير يبقى دائماً فى حاجة إلى احتضان سياسى من القائد صاحب الأمر.

هذا ما جرى فى مصر طوال محطات تاريخها المشرق منذ عهد الفراعنة حتى الآن، حيث ظل الفارق بين فترة وفترة هو نظرة الحاكم ورؤيته وطموحه وإرادته، حتى وإن تشابه المجتمع وظروفه ونخبته بين الفترتين.

نقل «الباشا» محمد على مصر من حال إلى حال، بإرادته ووعيه قبل أى شىء، حتى لو كانت هذه النقلة تصب فى صالح مشروع شخصى لتأسيس دولة قوية يورث حكمها لذريته، لكن مصر كلها والمنطقة استفادت من تلك النهضة والتنمية الشاملة التى امتدت إلى تنظيم الاقتصاد وتحديث التعليم والصحة والصناعة والكفاءة العسكرية، وفتح الآفاق أمام الثقافة بتوازٍ مذهل.

كان «الباشا» جزءاً من النظام القديم، حتى لو كان وصوله للسلطة حدث على أكتاف احتجاج شعبى واختيار من النخبة، لكن إصلاحاته حتى ما قبل الصدام مع السلطان العثمانى ظل إصلاحاً من الداخل، استفادت به كذلك الحكومة المركزية فى الأستانة واستقوت به فى مواقع كثيرة.

عادت التجربة للتوهج مع الخديو إسماعيل كذلك من داخل ذات النظام وبعد تدهور مع حاكمين تاليين للباشا، حين امتلك إرادة ورؤية وحلماً فأعان نخبة كانت نتاج مشروع مؤسس الدولة التحديثى على تحديث المجتمع، حتى امتلك ريادته الثقافية والحضارية الكاملة فى المنطقة كلها واكتسب النظام السياسى شكله الدستورى بتعزيز الحياة النيابية.

وبشكل مماثل، كان التغيير الكبير فى مصر اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً وثقافياً بعد يوليو 52 يمثل إرادة عبدالناصر ورؤيته للإصلاح وما آمن به من انحيازات، وكذلك ما فعله أتاتورك فى تركيا، حتى وإن ظل مشروعه يتفاعل فى المجتمع ويتحرك ويحاول أن يجد مكاناً لتغيير المجتمع، إلا أن وجود زعيم بثقل أتاتورك يملك ذات القناعات سهّل عملية التغيير والتحديث ومنحها طاقة كبرى ونفوذاً هائلاً وقدرةً على الترجمة على أرض الواقع.

حتى فكرة إحياء الدولة السعودية وتوحيد أرض الجزيرة فى كيان واحد غير مفتت اعتمدت على حلم ورؤية وإرادة الملك عبدالعزيز آل سعود، الذى نقل كذلك بإرادته تلك منطقة الجزيرة من حال إلى حال، وفق مشروع له جذور راسخة فى تلك الأرض.

من هذا السياق لا يمكن أبداً اختزال وجود الأمير الشاب محمد بن سلمان فى موقعه الحاكم داخل النظام السعودى باعتباره ترتيباً عائلياً تقليدياً فى العائلة الحاكمة، أو شأناً سعودياً خاصاً، وإنما يتعزز مع زيارته الحالية للقاهرة اليقين بأن الرجل يمثل سعودية جديدة تماماً، يوفر لها الأمير محمد الإرادة الكاملة لتتشكل، ويعبّر عن إرادته تلك ويروج فى كل اتجاه، ليصنع لنفسه وجوداً فى تاريخ المنطقة يشبه من سبقوه من حكام إصلاحيين امتلكوا الإرادة والرؤية لنقل شعوبهم والمنطقة من حال إلى حال.

تستطيع أن تقول إن تأسيساً ثانياً للدولة السعودية يتشكل على يد حفيد الملك المؤسس، مثلما أعاد الخديو إسماعيل تأسيس الدولة العلوية وتجديد مشروعها.

الحفيد السعودى ينقل بلاده مباشرة إلى اقتصاد ما بعد النفط، ويعزز تغييرات اجتماعية هائلة بمعايير المجتمع السعودى فيما يخص المرأة والثقافة والفنون وصناعة الترفيه، ويستثمر تلك الإرادة فى إحداث تغيير كبير فى المفاهيم الدينية، سواء فى استعادة نصوص الدين من مختطفيها المتشددين، أو الانفتاح التاريخى على القادة الروحيين للأديان الأخرى بلقاءات غير مسبوقة، سواء مع البطريرك المارونى فى لبنان، أو البابا تواضروس، رأس الكنيسة المصرية المهمة للأرثوذكس الشرقيين فى العالم كله، أو مرجعيات شيعية فى العالم كله.

قيمة هذا التغيير والتحديث فى تأثيره فى المنطقة كلها، ومحاربة ثقافة التشدد والتزمت ووقف تصديرها للعالم، وخلق أفق جديد للنظام السعودى يساعده على الاستمرار مواكباً للحداثة والعصرنة التى لا تلغى هوية المكان وخصوصيته، وإنما تساعده على انفتاح إيجابى وشراكة حقيقية مع العالم.

يحدثك البعض عن محمد بن سلمان كصاحب مشروع شخصى يتمثل فى تعزيز ملكه المتوقع، وحماية حكم عائلته مع انتقال السلطة فيها إلى جيل الأحفاد، وكل ذلك حقٌّ مشروع، لكن الأهم أن اكتمال تجربته تلك سيعود بالنفع على المنطقة والعالم كله كما عادت أحلام حكام كثيرين على مسيرة التطور الحضارى والتنوير فى المنطقة كلها، لذلك تجد الرهانات الكبيرة عليه من أولئك الذين يتمنون حدوث تغيير إيجابى حقيقى فى المنطقة، بإصلاح مأمون ومطمئن وغير منفجر، والرهانات الكبيرة أيضاً على إخفاقه أو إفلات الأمور منه ممن لا يرون إلا الفوضى حلاً وبديلا..!

نقلًا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سعودية بن سلمان الجديدة سعودية بن سلمان الجديدة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon