توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مهمة رئيس فى ولاية «أخيرة»

  مصر اليوم -

مهمة رئيس فى ولاية «أخيرة»

بقلم : أحمد الصاوي

 يختار كل رئيس بديله، إما بشكل مباشر، أو تدفع سياساته وممارساته إلى بديل بعينه.

فى مصر حكم نظام يوليو لأكثر من ستين عاماً بآليات متشابهة، الجمهورية التى أسسها الضباط الأحرار بعد أن أطاحوا بالملكية وغيروا النظام الحاكم برمته، برؤوسه وقياداته وأحزابه ونخبه وثقافته وانحيازاته، ظلت متماسكة وحاكمة، قد تتغير السياسات والانحيازات، لكن يبقى الملمح الرئيس نظام حكم يرتكز على ثقل ونفوذ وتأثير وضمانة القوات المسلحة، وعلى رأسه أحد أبناء المؤسسة العسكرية.

اختار عبدالناصر السادات، بعد سلسلة من التبديل والصعود والهبوط لرفاق السلاح، لكن كان السادات من داخل النظام، تولى موقعه بحكم الترتيب الهرمى فى هذا النظام، واختار السادات مبارك، وأمّن وجود مبارك كنائب لحظة اغتيال السادات استقراراً سريعاً واستمراراً لنظام يوليو بملامحه الأساسية، والأهم تجنيب البلاد صراعاً على السلطة.

جاء الرئيسان التاليان لعبدالناصر وفق منهجٍ فيه قدرٌ كبيرٌ من الوصاية واحتكار فهم المصلحة وتعزيز مفهوم الاستقرار.

لكن مبارك لم يختر بديله، وإن كان خيّرنا بين بديلين: توريث، لكن هذه المرة ليس لرفيق سلاح فى إطار يوليوى، وإنما توريث فى إطار عائلى لنجله، أو بين الإخوان كجماعة هى الأجهز لملء فراغ سقوط حكمه، بعد أن عمدت سياساته إلى إزاحة وتهميش وإضعاف أى بدائل أخرى كان يمكن أن تكون أكثر أمناً وانتماءً للدولة الوطنية، سواء كان ذلك رموزاً من داخل الدولة نفسها أو أحزاباً قائمة.

قبل لحظة التخيير هذه مضت سنوات كسر فيها مبارك كل قيم جمهورية يوليو ومبادئها فيما يخص الحفاظ على حد أدنى من العدالة الاجتماعية مقابل التفويض السياسى، والأهم تمكين نجله من ماكينتى الاقتصاد والتنظيم السياسى.

لكن هذا النظام الوصائى سقط مرة فى عهد ما بعد الثورات والانفتاح السياسى ودساتير تداول السلطة، لأنه كان نظاماً لم يمنح الناس حق التغيير ولم يخلق أمامهم البدائل الآمنة للتغيير، وبالتالى كانت كلفة التغيير فادحة، لأن البدائل الجاهزة المأمونة كانت غير متوفرة، وبما أننا عدنا لصورة يراها البعض استعادة لدولة يوليو، النظام الراسخ على دعم الجيش، والرأس القادم من صفوفه لكن فى إطار انتخابى وإجراءات دستورية وشكل ديمقراطى، اعتبر البعض الولاية الأولى للرئيس السيسى استثنائية تماماً، ومعهم الكثير من الحق، الهدف منها استعادة الدولة وإعادة تثبيتها واستعادة الأمن وتحريك ماكينة الاقتصاد وإعادة العافية إلى جسد الدولة، وفى الوقت نفسه تخفيف حدة الاستقطابات والجدل العام.

ربما نجحت الولاية الأولى فى ذلك إلى حد إغلاق المجال العام تماماً سياسياً، وإعادة وضع البلاد على قضبان النمو اقتصادياً، واتخاذ إجراءات جريئة وغير مسبوقة فى اتجاه الإصلاح الإدارى والاقتصادى.

والطبيعى فى الولاية الثانية أن يستكمل الرئيس هذا الاتجاه، لكن تبقى مهمته الأهم قبل نهاية ولايته الثانية أن يختار خَلَفه، أو بمعنى أصح يُمكّن المصريين من هذا الاختيار فى جو صحى فيه قيمة الاختيار بين بدائل والنظام الداعم لهذا الاختيار.

ظل المبدأ المهمل فى مبادئ ثورة يوليو باستمرار هو مبدأ «إقامة حياة ديمقراطية سليمة»، وما يعنيه إنشاء نظام سياسى قائم على حياة ديمقراطية سليمة أنك تخلق للناس بدائل آمنة للتغيير عبر فتح المجال وتسهيل عملية التنظيم لتكوين هذه البدائل من داخل النظام وفى إطار الدستور.

يملك المواطن فى أوروبا والدول المتقدمة البدائل الآمنة للتغيير، حين يسأم رئيساً أو يحب أن يعاقب حزباً حاكماً أو يتخلى عن سياسة سائدة بعد تجربتها وثبوت فشلها، يستطيع أن يختار من بين هذه البدائل دون أن يكون باختياره يُعرّض استقرار الدولة للخطر أو يغير فى هويتها واعتباراتها الوطنية.

لم يساعد مبارك المجتمع على خلق البدائل الآمنة تحت مظلة الدولة الوطنية، لأنه كان يفكر فى نفسه فقط، لذلك كانت فاتورة إزاحته باهظة، ونتيجتها أخطر على الدولة الوطنية وسياق التطور الطبيعى للمجتمع المصرى.

ولديك مصادفة جرت فى انتخابات رئاسية أعقبتها انتخابات على رئاسة حزب تاريخى كحزب الوفد، ما يعنى أننا نملك مؤسسات يمكن إصلاحها ونستطيع بناء أخرى يمكنها توفير هذه البدائل وبناء السياسات فى إطار نظام سياسى نستطيع أن نبنيه.

هذه مهمة رئيس فى ولاية ثانية، وبحكم الدستور الحالى هى ولاية أخيرة، والتنمية السياسية وبناء نظام التداول الآمن للسلطة بنفس أهمية التنمية الاقتصادية واستعادة عافية الدولة، وكما اتخذ قرارات اقتصادية جريئة فى وضع صعب، عليه أن يتخذ قرارات سياسية ليست أصعب وليست أقل أهمية.

نقلاً عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مهمة رئيس فى ولاية «أخيرة» مهمة رئيس فى ولاية «أخيرة»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon