توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

فلسطين و «أين العرب؟»

  مصر اليوم -

فلسطين و «أين العرب»

بقلم : حازم صاغية

 الخطأ اللغويّ الشائع، الذي قد يسهّل التواصل والتوصيل، غير الخرافة الشائعة. الأخيرة تبدّد المعنى وتخطئ فهم العالم والتواصل فيه. وهي، في آخر المطاف، نتاج مصنوع، تعدّد صانعوه، وإن بدت بديهيّةً أو من طبيعة الأشياء.

إحدى الخرافات الشائعة في حياتنا السياسيّة والفكريّة هي أنّ فلسطين «قضيّة العرب الأولى». فحين لا يتعامل العرب معها بموجب هذه الصفة نصرخ: أين العرب؟ يا للعرب! بعضنا الأكثر فصاحة يتذكّر فتح عموريّة والمعتصم وأبا تمّام.

مع مأساة غزّة الأخيرة سجّلت هذه الصرخة إيّاها انفجاراً مُدوّياً جديداً مصحوباً بكثير من اللطم وذمّ «الزمن العربيّ الرديء».

لكنْ هل حقّاً كان «العرب» يتدخّلون عسكريّاً لأجل فلسطين في أزمنة أقلّ «رداءة»؟ هل كانت «الجماهير العربيّة» تحضّ على مثل هذا التدخّل لأجل فلسطين؟ وهل كانت التدخّلات التي تحصل آنذاك مفيدة لفلسطين؟

«العرب» كانوا يتدخّلون عسكريّاً لأغراض تخصّهم: فاروق وعبدالله تدخّلا، في 1948، على أمل الاستيلاء على ما يتبقّى من فلسطين. عبدالناصر قاده السعي إلى بناء زعامة عربيّة إلى معارك فلسطين. الملك حسين، في 1967، قاده الخوف من انهيار نظامه في بلد ذي أكثريّة فلسطينيّة. حافظ الأسد قادته الرغبة الدائمة في تحويل الأنظار عن بطش نظامه وعن تناقضات مجتمعه. أنور السادات قادته الحماسة، في 1973، إلى استعادة أرض مصريّة محتلّة.

تلك التدخّلات لم تؤدّ مرّة إلى انتصار، وتحديداً إلى انتصار يعود بالنفع على الفلسطينيّين. الاستثناء الجزئيّ كان حرب تشرين الأوّل (أكتوبر) 1973. حينذاك استعادت مصر، لا فلسطين، أرضها المحتلّة. «انخراط» الأردن ولبنان في المعركة، مع المقاومة الفلسطينيّة ثمّ مع «حزب الله»، خرط البلدين حروباً أهليّة وأحقاداً ولم يُنجد فلسطين.

الحضّ الجماهيريّ على التدخّل كان ظاهرُه الموضوعَ الفلسطينيّ وباطنُه أهواء كثيرة، يتداخل فيها الزعم الدينيّ أو القوميّ بالزعم الهويّاتيّ الطائفيّ. هذا يفسّر لماذا فاقت الحماسة لفلسطين عند المسلمين السنّة نظيرتها لدى الأقلّيّات المسلمة وغير المسلمة في بلدان كلبنان والعراق. ولماذا في طور آخر، مع استيلاء إيران على المقاومة، بات المسلمون الشيعة الأكثر تشديداً على فلسطين.

لقد حفّت بهذه المسألة أغراض عديدة لجماعات وأنظمة وقوى كثيرة، ودوماً كان أضعفُ هذه الأغراض مصلحةَ فلسطين والفلسطينيّين. هكذا وفي وقت واحد استُرخصت المسألة الفلسطينية بيدٍ، وباليد الأخرى، وباسم فلسطين، مُنعت مسائل الشعوب والأوطان وحقوقها. فحين كان ينشأ نزاع أهليّ، كما في الأردن ولبنان، وفي شكل أسوأ كثيراً في سوريّة بعد الثورة، كان «عاشقون لفلسطين» يخوضون حرباً مدمّرة كـ «حرب المخيّمات» أو يسوّون بالأرض مخيماً فلسطينيّاً كاليرموك.

لهذه الأسباب وغيرها بذل الفلسطينيّون في حروب «القرار الوطنيّ المستقلّ» أكلافاً فاقت جميع الأكلاف التي بذلوها في حروبهم الأخرى. ونعتُ «المستقلّ» هنا لا يطال إلاّ «العرب»، وبتحديد أكبر: نظام حافظ الأسد في سوريّة.

وفي الحالات جميعاً، بات هذا تقليداً: هكذا انتقلت الوصاية اليوم إلى أيد إيرانيّة وتركيّة، فيما يحظى التكرار بطعم المأساة حين تنقلب إلى مسخرة.

فاليوم، بعد الثورات، تغيّرت الدنيا. اكتشفت البلدان العربيّة أنّ لديها قضاياها التي استُخدمت فلسطين لطمسها. واكتشف الفلسطينيّون أنّ «العرب» استخدموهم أكثر كثيراً ممّا أنجدوهم، فضلاً عن أنّ قدرتهم على الإنجاد ليست أكثر من قدرة الفلسطينيّين على إنجاد أنفسهم.

لقد باتت المصارحات المتبادلة ضروريّة بعد كلّ الكذب الذي كذبناه والدم الذي سكبناه، وذلك كي يتدبّر كلّ طرف أمره بلا نفاق. أمّا التعاطف مع الألم الفلسطينيّ فيبقى واجباً مؤكّداً، وواحداً من المعايير الإنسانيّة والأخلاقيّة، لا لأنّنا عرب، بل لأنّنا بشر.

نقلًا عن الحياة اللندتية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فلسطين و «أين العرب» فلسطين و «أين العرب»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon