توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

من صنعاء إلى جنوب لبنان

  مصر اليوم -

من صنعاء إلى جنوب لبنان

بقلم : خير الله خير الله

 لا يمكن فصل اغتيال علي عبدالله صالح بالطريقة التي اغتيل بها عن الهجمة الإيرانية في المنطقة. هناك محاولة واضحة لتأكيد أن صنعاء مدينة تحت السيطرة الإيرانية وأن ما حصل يوم الواحد والعشرين من أيلول/ سبتمبر 2014، عندما اجتاح الحوثيون (أنصار الله) العاصمة اليمنية، ليس مجرّد حدث عابر. الرسالة، التي اسمها رسالة صنعاء، واضحة كلّ الوضوح. إيران موجودة في العاصمة اليمنية كي تبقى فيها إلى الأبد حتّى لو كان معنى ذلك في المدى المنظور تحويل المدينة والمنطقة المحيطة بها إلى قطاع غزة آخر.

لماذا الإصرار على اغتيال الرئيس اليمني السابق في بيته بالطريقة التي حصلت، في حين أنه كان معروفا تماما أنّه لا يمتلك أي مصدر قوّة باستثناء حراسه الشخصيين؟

المطلوب بثّ الرعب في صنعاء وفي كل أنحاء اليمن. المطلوب ترويع اليمنيين والقول لكل يمني إن مصير من يتجرأ على “أنصار الله”… هو مصير علي عبدالله صالح الذي أُسر اثنان من أبنائه هما صلاح ومدين وابن شقيقه محمد محمّد عبدالله صالح وآخرون من القريبين منه. لم يكتف الحوثيون بقتل علي عبدالله صالح. لجأوا قبل ذلك إلى تعذيبه مدة ساعة ونصف ساعة قطعوا خلالها أحد أصابعه قبل أن يصدر أمر من عبدالملك الحوثي بتصفيته. بعد ذلك، غيّر عبدالملك الحوثي الجنبية التي يرتديها. وضع مكانها جنبية أخرى هي التي ورثها أخوه حسين بدرالدين الحوثي عن والده. أراد أن يقول أنه أخذ أخيرا بثأره من علي عبدالله صالح…

كان كافيا أن يتجرّأ الرئيس اليمني السابق على إيران وعلى الحوثيين، الذين هم أحد ارتكاباته منتصف تسعينات القرن الماضي، كي يلقى المصير الذي لقيه مع أولئك الذين ينتمون إلى محيطه المباشر. ليس صحيحا أنه كان يريد الانقضاض على الحوثيين حتّى لو أعلن ذلك. كان يعرف تماما أنّه ليس في استطاعته الطلب من “قبائل الطوق” التي تتحكّم بمداخل صنعاء دعمه في وجه “أنصار الله”. عندما يتعلّق الأمر بموازين القوى، كانت هذه الموازين مختلّة كلّيا لمصلحة الحوثيين، الذين استفادوا من إعادة هيكلة القوات المسلّحة اليمنية التي قام بها الرئيس الانتقالي عبدربّه منصور هادي في العام 2012، فور تولّيه الرئاسة خلفا لعلي عبدالله صالح الذي غادر الرئاسة تلبية للمبادرة الخليجية. من دون قوات عسكرية ومن دون قبائل مساندة له، كان مصير علي عبدالله صالح معروفا، بل معروفا أكثر من اللزوم.

هناك منذ بضعة أسابيع عملية تجميع أوراق تقوم بها إيران وذلك منذ بدر عن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ما يوحي بأنّها تستوعب تماما، من الناحية النظرية فقط، أخطار المشروع التوسّعي الذي تقف خلفه طهران.

ليس سرّا أن إيران متورطة في كلّ حروب المنطقة، وفي كلّ ما من شأنه إثارة النعرات المذهبية والطائفية من المحيط إلى الخليج. من الواضح أن إيران تمتحن الإدارة الأميركية في غير مكان في وقت وضع دونالد ترامب نفسه في خدمتها عندما اتخذ قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، متجاهلا أن ذلك يقضي نهائيا على خيار الدولتين ويعزّز وجهة نظر المتطرفين، على رأسهم إيران من جهة أخرى. ما فعله ترامب كان أحسن هدية لإيران التي تتحيّن كل الفرص كي تتابع المتاجرة بالفلسطينيين وقضيّتهم وبالقدس تحديدا.

في عالم يسود فيه منطق اللامنطق، كان اغتيال علي عبدالله صالح رسالة إيرانية. كان في استطاعة الحوثيين الاكتفاء بمحاصرته في بيته. لم يكن ذلك ليغيّر شيئا في موازين القوى داخل العاصمة اليمنية ومحيطها، خصوصا أن “قبائل الطوق” انضمت إلى “أنصار الله”، وأن كلّ المعسكرات داخل صنعاء ومحيطها صارت خاضعة لهم.

فضلا عن ذلك، لم يعد هناك شيء اسمه الحرس الجمهوري. قادة الحرس إما قتلوا أو ذهبوا إلى بيوتهم وإمّا انضمّوا إلى الحوثيين. فعل الشيء ذاته عدد من كبار الضباط الذين ينتمون إلى سنحان والذين اكتشفوا أخيرا أن لديهم حسابات يريدون تصفيتها مع ابن منطقتهم!

يظل السؤال لماذا يريد الحوثيون إظهار كل هذه الشراسة في الوقت الحاضر؟ الجواب بكل بساطة أن إيران مهتمّة بالقول للأميركيين إنها اللاعب الأساسي في الشرق الأوسط. وأن لا أحد يستطيع إخراجها لا من سوريا ولا من العراق ولا من لبنان ولا من اليمن. لو لم يكن الأمر كذلك، لما استحضر “حزب الله” أحد قادة “الحشد الشعبي” في العراق ويدعى قيس الخزعلي إلى جنوب لبنان. ما معنى هذه الزيارة ذات الطابع الاستفزازي والكلام الذي صدر عن الخزعلي من أرض الجنوب عن “إقامة دولة صاحب الزمان”؟

المعنى الوحيد للزيارة والإعلان عنها وتصويرها يتمثل في أن إيران تريد القول في لبنان إن الأمر لي وليس للحكومة اللبنانية ولرئيسها سعد الحريري الذي يجتهد لتحييد البلد. لم يكتف سعد الحريري، قبل أيام قليلة، بالسعي إلى وضع الأمور في نصابها داخل الحكومة، بل عمل من خلال مؤتمر باريس على مساعدة لبنان وإنقاذ ما يمكن إنقاذه تفاديا لكارثة اقتصادية تهدّد البلد، خصوصا القطاعات الحيوية فيه. ما حصل في جنوب لبنان هو تحدّ للحكومة اللبنانية ولجهود سعد الحريري على كلّ المستويات.

جاء الخزعلي لتأكيد أن إيران لا تبالي بالسياسة الأميركية ولا بكلام ترامب. إيران التي أخرجت الأكراد من كركوك، بواسطة ميليشياتها العراقية، هي من أفشل الاستفتاء على الاستقلال الذي أصر عليه مسعود البارزاني. إيران استطاعت بعد ذلك السيطرة على معبر البوكمال على الحدود السورية – العراقية. كان التدخل الإيراني في كركوك إشارة أخرى إلى أن العراق تابع لإيران، وأن “الحشد الشعبي” هو اللاعب الأساسي في هذا البلد، وأن الرهان على حيدر العبادي لا يمكن أن يكون أكثر من رهان. أما السيطرة على البوكمال فهي تكريس لربط طهران ببيروت عن طريق بغداد ودمشق.

في المقابل، تكتفي الإدارة الأميركية التي تخلت عن المعارضة السورية منذ زمن على لعب دور المتفرّج. لم يعد من معنى للوجود العسكري الأميركي في سوريا ما دام البوكمال في يد إيران.

إلى أي حدّ ستذهب إيران في تحديها للإدارة الأميركية؟ تصعب الإجابة عن السؤال. لكن الثابت أن هناك ترابطا بين دور “الحشد الشعبي” في كركوك وفي محاصرة إقليم كردستان في العراق، وبين السيطرة على البوكمال وبين زيارة قيس الخزعلي لجنوب لبنان وبين رسالة صنعاء.

تتابع إيران سياستها الهجومية على كلّ صعيد وفي غير مكان مستفيدة إلى أبعد حدود من سياسة إدارة ترامب التي ثبت إلى اليوم أنّها تتكلم ولا تفعل وأنّها تسيء إلى حلفائها أكثر بكثير مما تفيدهم.

لو لم يكن الأمر كذلك، كيف تفسير موقف الرئيس الأميركي من القدس في هذا بالتوقيت بالذات وفي هذه الظروف الإقليمية؟

لا تفسير واضحا غير الرغبة في خدمة إسرائيل بشكل مباشر وخدمة إيران بشكل غير مباشر لا أكثر. جاءت رسالة صنعاء واضحة لكل من يعنيه الأمر. في غياب ضربة قوية توجّه إلى الحوثيين (أنصار الله)، سيكون لإيران وجود دائم في اليمن، وستكون صنعاء مدينة إيرانية أخرى… وسيكون العراق وسوريا ولبنان مستعمرات إيرانية ولا شيء آخر غير ذلك!

GMT 13:43 2018 الأربعاء ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

دولة في غزة كُبرى؟

GMT 11:56 2018 الإثنين ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

الوطن والشعب.. وأنا

GMT 08:20 2018 الأحد ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

درع العرب (1) نواة القوة المشتركة

GMT 09:54 2018 الثلاثاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

مسقط... رؤية مختلفة

GMT 08:32 2018 الأحد ,28 تشرين الأول / أكتوبر

عودة الوحش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من صنعاء إلى جنوب لبنان من صنعاء إلى جنوب لبنان



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon