توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

مصر وإفريقيا .. منظور جديد

  مصر اليوم -

مصر وإفريقيا  منظور جديد

بقلم - مصطفي الفقي

 كنت أرى أساتذتى بطرس غالى وعبد الملك عودة ومعهما أحيانًا إبراهيم صقر لا يتوقفون عن تأكيد أهمية دور مصر الإفريقى وعلاقتها بالقارة، وأتذكر أننى حضرت لقاءً للوزير محمد فايق وزير شئون رئاسة الجمهورية المختص بإفريقيا فى ستينيات القرن الماضى عندما جاء كلية الاقتصاد مدعوًا لإلقاء محاضرة فلقد قال يومها إنه قد صدرت أوامر لمصانع النسيج فى كفر الدوار والمحلة الكبرى لإنتاج أقمشة ذات رسوم كبيرة وألوان زاهية بما يتناسب مع الذوق الإفريقى الذى نصدر له الأقمشة ونهتم بدعمه بمقابل أو بغير مقابل، ومنذ يومها أدركت أن انفتاح العصر الناصرى على إفريقيا له عائده حتى إن الأفارقة لايزالون حتى الآن يتذكرون عبد الناصر وما قدمه للقارة من تحرير وتعمير وتنوير ويرون أن (مصر الناصرية) كانت بحق زعيمة القارة الإفريقية ورائدها المتميز فى كل المجالات، ومازلنا نتذكر كيف كانت القاهرة تحتضن مؤتمرات دول القارة ويقف المصريون فى الشوارع ترحيبًا بسيارات الوفود يتقدمهم الزعماء من الآباء المؤسسين لنهضة إفريقيا وقادة التحرير الوطنى فى أرجائها، وفى ذلك الوقت كان يصعب الحديث عن مشكلات دول حوض النيل أو غيرها من مناطق القارة فى غمار الارتباط الوثيق بين القاهرة وعواصم دولها الناهضة، ومازلت أتذكر نيلسون مانديلا غاندى إفريقيا العظيم فى أثناء لقاء له مع الرئيس الأسبق مبارك فى عاصمة دولة ناميبيا عشية إعلان استقلالها، فلقد كان الرجل يتغنى بالدور المصرى ويتكلم بعاطفة شديدة تجاه الرئيس عبد الناصر ويتذكر بحب واحترام الوزير محمد فايق وقد حكى لنا أنه كان على موعد مع الرئيس الراحل فقيل له إنه سوف يقابله بعد يومين أو ثلاثة حيث كان الرئيس عبد الناصر مشغولًا بقضايا مهمة فى تلك الفترة فقرر المناضل مانديلا أن يزور إحدى دول غرب إفريقيا ثم يعود إلى القاهرة ولكنه كان ذهابًا بلا عودة فقد جرى اعتقال ذلك المناضل الإفريقى الكبير ليمضى وراء القضبان سبعة وعشرين عامًا، لقد دخل السجن شابًا وخرج منه كهلًا ولكنه ثمن النضال وضريبة الحرية، ولقد كان لمصر رموزها من كبار المسئولين الذين يجوبون أنحاء القارة خصوصًا الوزيرين محمد فايق -أطال الله عمره - وبطرس غالي- رحمه الله - ولكن ذلك الرصيد الكبير قد بدأ يتآكل بسبب انغماس مصر فى القضايا العربية والمشكلة الفلسطينية والصراع مع إسرائيل، ولقد ضج الأفارقة فى مرحلة معينة من توظيف منظمة الوحدة الإفريقية الاتحاد الإفريقى حاليًا لخدمة قضايا الشمال الإفريقى بما فى ذلك البعد العربى والحرص على جلب التأييد الإفريقى لمناصرة الشعب الفلسطينى ومواجهة التسلل الإسرائيلى حتى إن أحد القادة الأفارقة الكبار وهو (موبوتو) قد اقترح ذات يوم إنشاء منظمة إفريقية منفصلة لدول جنوب الصحراء بعيدًا عن دول الشمال التى لا تبدو فى نظره خالصة الإفريقية بل هى قبل ذلك عربية، ويهمنى هنا أن أسجل الملاحظات التالية:

أولًا: يتعين علينا عربًا ومصريين أن نعترف بركام الحساسيات المترسبة فى العقل الإفريقى خصوصًا فى دول الجوار العربى من تاريخ طويل جرى فيه اتهام العرب القدامى بممارسة (النخاسة) والاستعلاء على أبناء القارة وممارسة نوع من التمييز العنصرى الصامت الذى يبدو محتملًا من الرجل الأبيض ولكنه مستهجن أكثر من الرجل الأقل بياضًا ولكنه يحمل الانتماء المباشر للقارة الأم، ولقد لاحظت أن ذلك المركب يمارس تأثيره عند التصويت بتمييز أصحاب البشرة السمراء لمرشحيهم فى مواجهة أولئك القادمين من شمال القارة، ولابد أن نعترف هنا بأن معاناة الأفارقة السود عبر التاريخ قد تركت جراحًا غائرة حتى أن برلمان إحدى الدول الإفريقية يضع على واجهته (جدارية) لنخاس عربى يشد وراءه سربًا من الأفارقة متجهًا بهم إلى من يشتريهم فالعرب متهمون بحق أو بغير حق بممارسة العبودية والإتجار بالبشر خصوصًا فى قرون ما قبل الاستعمار الغربى الذى حل محلهم وأصبح بديلًا لهم ومارس جرائمه باسمهم، ولعل جزءًا كبيرًا من الحساسيات المصرية السودانية وهما دولتان إفريقيتان عربيتان مسلمتان فى أغلب سكانهما قد نجم عن السياسة البريطانية (فرق تسد) والتى شوهت صورة المصرى أمام السودانى عبر العصور وحملته خطايا الماضى وأعباء الممارسات العنصرية حتى بين الأشقاء.

ثانيًا: يجب أن ندرك أن ثلثى العرب يعيشون فى القارة الإفريقية لذلك فإن اهتمامنا بالقارة يتضمن تلقائيًا اهتمامًا مباشرًا بثلثى العالم العربي، من هنا فإن التعارض بين إفريقية مصر وعروبتها هو وهمٌ لا وجود له بل الأجدى أن نتحدث عن إمكانية التكامل بين الانتماءين لا التعارض أو الاختلاف.

ثالثًا: إن التكالب على القارة السمراء أصبح ظاهرة دولية لافتة، فبعد الوجودين البريطانى فى شرق القارة والفرنسى فى غربها زحفت مصالح دول كبيرة لكى تحتل مكانًا فى القارة العذراء فجاءت الصين وروسيا والولايات المتحدة الأمريكية والهند بل وإيران وتركيا وغيرها من الدول التى سبقتها جميعًا خصوصًا إسرائيل بتسلل مدروس وخبيث تحاول تطويق دول القارة بأسوار الكراهية تجاه العرب والحماس للدعم الفنى الإسرائيلى عند اللزوم، ولا أظن أن ما نراه من الدولة الشقيقة إثيوبيا حاليًا إلا أثرًا من هذا الذى نشير إليه.

سوف تبقى القارة الإفريقية هى الانتماء الأول، وهى الأم الرءوم، وهى الأرض التى نرتبط معها بشبكة مصالح لا تنتهي.

نقلا عن الاهرام القاهريه

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر وإفريقيا  منظور جديد مصر وإفريقيا  منظور جديد



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon