توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الشيعة العرب .... مواطنون لا رعايا

  مصر اليوم -

الشيعة العرب  مواطنون لا رعايا

بقلم : عريب الرنتاوي

ما كان لإيران أن تحظى بكل هذا النفوذ في أوساط الشيعة العرب، لو أن حكومات ما بعد الاستقلالات العربية، نجحت في بناء دولة المواطنة الفاعلة والمتساوية، دولة جميع أبنائها وبناتها، دولة جميع مكوناتها وكيانتها ... فشل الدولة الوطنية العربية الحديثة، كان سبباً رئيساً في تحوّل قطاعات واسعة من الشيعة العرب إلى "رؤوس جسور" للنفوذ الإيراني المتزايد في المنطقة.

ما ينطبق على الشيعة العرب، ينطبق بقدر أكبر أو أقل، على مكونات أخرى، فلو أن أكراد المنطقة جرى إدماجهم في دولهم ومجتمعاتهم، على قاعدة الاعتراف بمواطنتهم وحقوقهم الوطنية كأقلية قومية، لأمكن توفير الكثير من الدماء والدمار في حروب عبثية، ولما تفاقم الميل الانفصالي عند غالبيتهم الساحقة، ولما تحول بعضهم إلى رأس جسر أيضاً للنفوذ الإقليمي في المنطقة، ولما تفاقمت الخشية من "إسرائيل ثانية" كما يردد البعض منّا محقاً أو متطيراً.

لا تستطيع حكومة أي دولة من دول الانتشار الشيعي في العالم العربي، خصوصاً المشرق والخليج، أن تزعم بأن هذه الفئة من مواطنيها كانوا يعاملون بالسوية ذاتها مع بقية المكونات والمواطنين الآخرين ... فالمظلومية الشيعية أكبر من أن تغطى بادعاءات ومزاعم، تفضحها الحقائق الصلبة والعنيدة التي استبطنتها مئات الأبحاث والتقارير وألوف التغطيات الصحفية، عن "المحرومين" في لبنان و"التجنيس السياسي" في أطراف الخليج، مروراً بعمليات العزل والإقصاء والسقوف الخفيضة التي ظل هؤلاء يمارسون حياتهم تحتها.

ولا يمكن القبول بنظرية أن "المستبد العادل" وزع استبداده بالقسطاس بين مختلف المكونات التي تشكل مجتمعاتنا، فالقول على سبيل المثال، إن صدام حسين على سبيل المثال، كان ديكتاتوراً على الجميع بلا استثناء، لا يلغي حقيقة أن حصة الشيعة العراقيين من جبروته، لا يعادلها سوى حصة الأكراد منه ... صحيح أن أهل السنة من عرب العراق، لم يسلموا من طغيانه واستبداده، لكن الصحيح كذلك أن حصة هذين المكونين من عقوباته الجماعية، كانت الأكبر والأفدح.

إلى أن وصلنا إلى الانقسام المذهبي الأخطر في المنطقة، أو "الشرخ القاريّ" الذي قسمها إلى شطرين متصارعين في سنوات العربي السبع الفائتة، هنا جرى الزج بمكونات اجتماعية إضافية للارتماء في الحضن الإيراني، من خطاب الكراهية ضد علويي سوريا، وانتهاء بحروب علي عبد الله صالح الست ضد الحوثيين، والتجييش المذهبي السلفي ضدهم المدعوم خليجياً، مع أنه ظل يُنظر إلى الزيدية اليمنية هي أقرب المذاهب الإسلامية إلى أهل السنة والجماعة، قبل أن يجري تنمطيها ووضعها في سلة واحدة مع "ولاية الفقيه".

اليوم، خرج "المارد الشيعي من قمقمه" على وقع الهزائم التي منيت بها الولايات المتحدة والفراغ الذي تركته في العراق من جهة، وتنامي نفوذ حزب الله في لبنان والإقليم بعد حرب التحرير في 2000 وعدوان تموز في 2006، فضلاً عن هزيمة المحور "السني" المدعوم أمريكياً في سوريا، وصمود اليمن في وجه "عاصفة الحزم" لثلاث سنوات متتالية رغم الفجوة الهائلة في موازين القوى والعدة والعتاد والعديد.

بعض رموز الشيعة العرب، أخذوا يتذمرون من النفوذ المهيمن للمدرسة الإيرانية، مدرسة ولاية الفقيه، في أوساطهم، رأينا حالات تمرد على الثنائي الشيعي في لبنان، ورأينا ميلاً استقلالياً جارفاً عند رجل السياسة والدين مقتدى الصدر، ورأينا انبثاق تيار الحكمة على حساب المجلس الأعلى، ونرى شروخاً داخل الدعوة بين المالكي والعبادي، ونستمع لأصوات من هنا وهناك، تعبر عن ضيقها بمصادرة الهوية الوطنية الخاصة للشيعة العرب، ومحاولة فرض مدرسة واحدة وقراءة واحدة عليهم جميعاً، هي المدرسة الإيرانية وقراءة الولي الفقيه... وهناك أصوات تخشى على مستقبل الشيعة من مسلسل الانتقام المتبادل الذي يطل برأسها من بين ثنايا التطورات والأحداث التي تشهدها دولنا ومجتمعاتنا بتسارع لافت.

مثل هذا الميل، يعيد التذكير بأن أصل التشيع، عربي بامتياز، وهو سابق لتحول إيران في عهدها الصفوي نحو هذا المذهب، ويعيد التذكير بالتباين حتى لا نقول بالانقسام، بين المدرسة العربية والمدرسة الفارسية في التشيع ... وهو تباين يتقلص كلما نظرت الحكومات والفاعلين الاجتماعيين للشيعة العرب بوصفهم رعايا لا مواطنين، وتتسع حدته كلما تكرس مفهوم المواطنة المتساوية ودولة المواطنة المدنية الديمقراطية في عالمنا العربي.

الشيعة مكون رئيس من مكونات مجتمعاتنا، وهم أتباع مذهب لا يتنكر سوى الغلاة والمتطرفين لإسلاميته، وهم مواطنون أصيلون، لا رعايا ولا رؤوس جسور ولا طابور خامس ... ومن أراد أن يحد من نفوذ إيران الإقليمي، عليه البدء من "مواطنة الشيعة" في بلده، فذلكم هو "بيت القصيد" في أية استراتيجية لتحصين البيت الداخلي و"سد الذرائع" وتصليب الجبهة الداخلية، وبخلاف ذلك، نكون قد قدمنا جزءاً أصيلاً من مجتمعاتنا وشعوبنا، على طبق من فضة لإيران ومشروعها الإقليمي.

GMT 07:32 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

هذه المعارك التافهه!

GMT 07:29 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

المنطقة المأزومة

GMT 07:28 2017 الثلاثاء ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

شريط الأخبار

GMT 07:44 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ترويع الآمنين ليس جهاداً

GMT 07:43 2017 السبت ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الصين ترفع رئيسها إلى مستوى ماو !

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشيعة العرب  مواطنون لا رعايا الشيعة العرب  مواطنون لا رعايا



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon