توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصامت والمتكلم

  مصر اليوم -

الصامت والمتكلم

بقلم أسامة غريب

هنالك أناس يُفضّل المرء فى حضرتهم الصمت، إذ ما معنى الكلام عندما تجلس مع صاحب حكمة وثقافة وتجربة عريضة فى الحياة، وفى الوقت نفسه يُحسن الحكى والرواية ولا يضن بالرأى والنصيحة. هذا النوع من الناس هو كنز بشرى عزيز، والموجود منه نادر ويصعب الظفر به.

غير أن هناك أنواعا أخرى من الناس يصمت الواحد فى حضورهم لأسباب أخرى. هناك صاحب النفوذ والثراء الذى يجلس يحيط به حواريوه المنافقون الذين يقومون فى حضرته بحرق البخور والثناء على كل ما يخرج من فمه وكأنه اللؤلؤ المنثور. هنا يكون الصمت واجباً لعدم جدوى الكلام، ذلك أن شجاعتك وطلاقة لسانك ونفسك الحرة.. كل هذا لن يكون مفيداً وسط جمهور أخذ قراراً مسبقاً بالانسحاق، ولأن أحداً لن يسمح لك بالكلام، خاصة إذا كانوا يتوقعون أن ما ستقوله يبتعد عن التطبيل ويخرج عن التيار السائد فى الجلسة. هناك أيضاً الصمت فى حضرة المدير فى العمل، خاصة الذى تستبد به شهوة الكلام بعدما أيقن أن السمّيعة كُثر، وحتى لو كان المدير رجلاً طيباً غير متجبر وغير مؤذٍ، فإنك ستجد نفسك غير راغب فى استغلال طيبته وكرم أخلاقه لأجل توبيخه والاعتراض على آرائه الفارغة، لكن ستجلس فى حضرته صامتاً تستمع إلى تنظير فى السياسة والفن والثقافة والرياضة. وربما أن هذا أحد الأسباب الأساسية فى الاكتئاب الذى يصيب كبار الموظفين بعد خروجهم على المعاش، ذلك أنهم يفتقدون السمّيعة والصهبجية، وإذا ما أبدوا آراء فى أى شأن جُوبهوا بالاستنكار والاعتراض، وكأنهم لم يكونوا إلى وقت قريب فلاسفة كباراً، لهم حكمة أرسطو وبلاغة المتنبى!.

لهذا فإن الناس ما إن يبتعدوا عن المديرين والرؤساء وأصحاب الثراء والنفوذ ويخلو الواحد منهم إلى قرنائه وأصدقائه حتى تنطلق منه نافورة كلام، فى الوقت الذى يفعل الآخرون الأمر نفسه.. كبت وحرمان من الكلام يعبّر عن نفسه فى صورة انفلات ورغى وتنكيت وصخب وهرج يؤديه الجالسون فى نفس الوقت، فلا أحد يسمع أحداً ولا أحد يصغى أو يعتبر بما يحكيه الآخرون!.. ولقد جلست شخصياً فى جلسات من هذا النوع مع رفاق كانوا يقضون السهرة على القهوة لعدة ساعات وكلهم يتكلمون فى مواضيع مختلفة فى نفس الوقت دون أن يكون لأحد منهم مستمع واحد!.. يفعلون هذا بعد أن ينصرف المدير الذى كان يجلس معهم على القهوة منذ قليل بعد أن احتكر الرغى وحده لمدة ساعة جلسها معهم، قام خلالها بتعليمهم فنون الأكل والشرب والإتيكيت، وأعطاهم محاضرات فى التاريخ والاجتماع والاقتصاد، وروى لهم عن علاقاته ومغامراته النسائية، وعدّد لهم أنواع وأصناف النساء وكيفية التعامل مع كل نوع.. كل هذا وهو مجرد رجل غلبان بلا خبرة ولا ثقافة. والجدير بالتأمل فى جلسات كهذه أن أغلب الحضور فيها يقومون بالتطبيل، وأقلّهم يلوذون بالصمت، ومن المؤكد أن الحياة تكون أفضل لو أن الصامتين أتيح لهم أن يتكلموا والمتكلمين أُجبِروا على الصمت!.

GMT 05:27 2019 الجمعة ,15 آذار/ مارس

لماذا يسرق الأغنياء؟

GMT 03:59 2019 الجمعة ,08 آذار/ مارس

العلماء يا سادة

GMT 00:56 2018 السبت ,06 تشرين الأول / أكتوبر

هل المجانية هى سبب الخراب؟

GMT 06:45 2017 الجمعة ,14 تموز / يوليو

مَن الذى سرق الدَّكَر؟

GMT 06:11 2017 الجمعة ,07 تموز / يوليو

ترامب وبدائل داعش

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصامت والمتكلم الصامت والمتكلم



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon