توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تجار الحروب إذ يحتفلون بالسلام

  مصر اليوم -

تجار الحروب إذ يحتفلون بالسلام

بقلم - علي محمد فخرو

العالم لا يتوقف فيه اختلاط مشاهد الدراما بمشاهد الكوميديا. فمنذ بضعة أيام تجشم قادة سبعين دولة، مع جيش من الحاشية والمساعدين والسائحين المتفرجين، عناء السفر إلى باريس ليحتفلوا بمرور مائة عام على حلول سلام لم يساهموا فى صنعه ولا فى تثبيته ولا فى حمايته.
سلام تبعته حرب عالمية ثانية، فاقت فى دمارها وعدد موتاها ما حصدته الحرب الكونية الأولى، ثم تبعت ذلك عشرات الحروب والصراعات شبه الكونية والإقليمية والمحلية التى لا يزال بعضها معنا إلى يوم احتفالنا الباريسى ذاك.
قمة عبثية ذلك الاحتفال هى فى وجود عدد من الحاضرين المنافقين ممن يساهمون يوميا فى تأجيج الحروب والصراعات عبر العالم كله، وعلى الأخص عبر وطننا العربى المستهدف المنكوب، وفى تصنيع وبيع السلاح لكل من يدفع الثمن، دون ضوابط قيمية إنسانية وأخلاقية، وفى تباهى بعضهم المقيت. بأهمية الدور الذى تلعبه صناعة السلاح فى اقتصاد بلدانهم، وفى الدعم اللا محدود لأبحاث وتطوير تكنولوجيا السلاح ليمتلك كفاءة وفاعلية أكبر فى قدراته التدميرية للعمران وللإنسان.
فإذا أضيف إلى ذلك تواطؤ بعضهم مع مؤسسات استخباراتهم لخلق وتدريب وتمويل وتسليح شتى أنواع الميليشيات الإرهابية الإجرامية لتدمير هذا البلد أو لزعزعة ذلك النظام أو لاغتيال السياسيين والعلماء والصحفيين والشباب المناضلين الأحرار، أدركنا حجم النفاق وتنوع الأقنعة وكذب الخطابات فى ذلك السيرك الباريسى الرافع، زورا وبهتانا، لشعار نبيل كشعار السلام.
***
هل حقا أن تاريخ الإنسانية، منذ التوقيع على سلام 1918 وعبر مائة سنة، يستحق أن يحتفى به؟ أليس ما رآه هذا العالم إبَّان تلك الفترة القصيرة يؤكد ما قاله الفيلسوف كانت عن التاريخ، من أنه «محاك من حماقات وغرور وشرور بشرية وأن التاريخ ليس سجلا للحكمة الإنسانية، وأن أى تقدم حصل لا فضل فيه للبشر وإنما لقوانين وخطة الطبيعة التى ينفذها البشر»؟
بل، ويالسخرية القدر، فإن الذى حصل فى المائة سنة الماضية يناقض ما قاله الفيلسوف الفرنسى الشهير فولتير من أهمية العقل فى التاريخ، إذ لم ير العالم طيلة المائة سنة تلك إلا عنفوان وبلادات اللا موضوعية، وإلا جرائم التوحش البربرى اللا إنسانى.
نحن العرب بالذات، صدقنا بعفوية وبراءة وعود وخطابات الذين وقعوا على وثائق ذلك السلام يوم 11 نوفمبر 1918. وإذا بالذين وقعوا يطعنوننا فى الخاصرة، فيقسموا مشرق وطننا العربى عن طريق اتفاق سايس ــ بيكو الشهير. فلا بريطانيا المنتصرة وفت بوعودها ولا فرنسا الخارجة من ويلات الهزيمة تعلمت الدرس.
وما إن مرت بضع سنوات على تلك الاتفاقية التجزيئية الاستعمارية المشئومة حتى فاجأنا نفس غرب «السلام» بزرع كيان استعمارى استئصالى صهيونى فى فلسطين العربية المحتلة، تعويضا لليهود عن جرائم ارتكبها بحق بعضهم ذات الغرب الأوروبى الذى دشن قرن ذلك السلام المزعوم.
ولم يقف الأمر عند ذلك الحد فقد نصب الغرب نفسه كمانع لأى وحدة عربية من أى نوع كان وفى أى مكان، وكان عراب لكل مصالحة أو تطبيع أو سلام مع الكيان الصهيونى الذى ابتلع أكثر من خمس وثمانين فى المائة من أرض فلسطين العربية التاريخية ويحتل الجولان وأجزاء من جنوب لبنان، وأخيرا أصبح الغرب، ممثلا بأمريكا، أداة من أدوات إنهاء القضية الفلسطينية، وذلك على حساب أربعة عشر مليونا من الفلسطينيين. كما أن دماء الضحايا تقطر من يد هذا الغرب بتدخلاته ومؤمراته فى العراق وسوريا وليبيا واليمن وغيرهم، وبألاعيب استخباراته وتناغم خططها مع ألاعيب وخطط مجموعات من الجهاديين المجانين المحسوبين، كذبا وتلفيقا، على دين الإسلام.
فهل بعد كل ذلك يراد لنا أن نرحب ونصفق ونهلل لاجتماع السلام فى باريس، بعد أن خبر العالم نتائج ومصائب سلام 1918؟ وبعد أن اكتوينا، نحن العرب، بنيران بعض دول الغرب التى حرقت الأخضر واليابس فى أرضنا ومنعت وحدة أمتنا ونهوضنا من تخلفنا التاريخى بشتى الحيل والتبريرات؟
ما يحتاجه هذا العالم ليست تلك الشعلة التى تحترق ليلا ونهارا فوق قبر الجندى المجهول، تحت قوس النصر، فى شارع الشانزليزيه الجميل الأنيق.
ما يحتاجه العالم هو إشعال شعلة المشاعر الإنسانية العادلة الخيرة الأخلاقية فى قلوب المسئولين والشعوب، وعلى الأخص مسئولو وشعوب دول القوة والجاه والغنى الغربية الماسكة برقاب العباد، والتى لا تشبع ولا ترتوى من ثروات الآخرين الفقراء الضعاف المغلوبين على أمرهم.
الكثيرون من الذين وقفوا فى باريس ليرفعوا راية السلام يحتاجون أولا إنزال رايات الحروب التى ترفرف فوق رءوسهم، كفى نفاقا وتدليسا ولبس أقنعة وانتهازية سياسية، فقد اتخموا العالم بتلك الرذائل وأوصلوه إلى مراحل الغثيان.

نقلا عن الشروق القاهرية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجار الحروب إذ يحتفلون بالسلام تجار الحروب إذ يحتفلون بالسلام



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon