توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

لا أحد يهتم!

  مصر اليوم -

لا أحد يهتم

بقلم - عز الدين شكري فشير

نحن ننسى. وسط حماسنا لمشروعاتنا وأفكارنا، أو تحت وطأة معاناتنا، أن مشاكلنا وأحلامنا لا تهم أحدا غيرنا. يهتم الآخرون بنا بقدر تأثيرنا عليهم، لا أكثر ولا أقل. يهتمون بقدر ما نشكل لهم تهديدا – غالبا فى شكل تصدير الإرهاب أو المهاجرين. يهتمون بقدر ما نشكل لهم من فرص اقتصادية – غالبا فى شكل عقود لشركات واستثمارات أو فرص للتجارة. غير ذلك لا يهتم أحد.

تريدين ارتداء الحجاب واعتباره جزءا من هويتك وعنوانا لها؟ تفضلى. تريد إطالة شعرك وخرم أنفك واعتبار ذلك جزءا من هويتك وعنوانا لك؟ أهلا بك. تريد توحيد زى الناس وأدائهم للنشيد الوطنى فى الشوارع كل صباح: ربنا يسهلّك. لا أحد يأبه. ربما يهتم بك بعض الكتاب ودارسى الشرق الأوسط، ربما يكتب أحدهم كتابا عن الاتجاهات الجديدة فى العالم العربى أو عن استمرار الاتجاهات القديمة، ويشتبكون فى مقالين فى النيويورك تايمز ومجلة أتلانتك. ومن يدرى، ربما يؤثر اهتمامهم فى المدى الطويل، بشكل ما. أما اليوم فلا أحد ممن يتخذون القرارات ومن يؤثرون فيهم بشكل مباشر يأبه بمدى ديكتاتوريتنا أو ديمقراطيتنا، بمدى تديننا أو علمنتنا، بجدية إصلاحاتنا أو شكليتها. المهم هو المهم:

سيأتيك التجار إن كان لديك ما تشتريه.

سيأتيك الآخذون إن كان لديك ما تعطيه.

سيراقبك الأمنيون دوما، لأنك مصدر تهديد بدرجة ما.

وسيأتيك موزعو الإغاثة الإنسانية، لأن بؤسك يتعدى قدرة إنسانيتهم على التجاهل.

بغض النظر عن الضجيج الذى يصدر منك ونوع هذا الضجيج.

هذا الموقف لم يعد سرا يحتاج معرفته لاتصالات متميزة مع دوائر صنع القرار فى العالم، ولا موقفا مشفرا يحتاج أساتذة ومتخصصين لفكه وتحليله، بل أصبح موقفا معلنا وصريحا يردده صناع القرار ويتناقشون فيه فى وسائل الإعلام. نحن الذين لا نسمع ما لا نحب. باراك أوباما شخصيا، رئيس الولايات المتحدة شخصيا، قالها بالصريح أثناء عمله كرئيس. قال إن العالم يتغير وبسرعة، خاصة فى آسيا، وأن هذه التغيرات تستدعى اهتمام ومتابعة الولايات المتحدة لأنها التغيرات التى ستحدد شكل مستقبل العالم، وأن الاهتمام بالشرق الأوسط الذى يشكل «الجزء العدمى من الإنسانية» لا يجب أن يشغل أمريكا عن هذا الأمر. قالها وشرحها بتفصيل وبلاغة لا يدعان مجالا لسوء التفسير؛ فى حوار امتد لساعات طويلة ونشرته مجلة أتلانتك الشهرية منذ خمس سنوات كاملة.

لكننا لا نقرأ مالا يعجبنا. وإن قرأناه فسرناه وأولناه بما يعجبنا. وحتى إن قرأناه وفهمناه كان رد فعلنا هو الشكوى وترديد أغانينا. لقد حفظ العالم كل هذه الأغانى ومل من تكرارها. أغانى الظلم التاريخى والاستعمار وسايكس بيكو وضياع فلسطين وتشريد أهلها وغزو العراق ودعم الديكتاتورية ونهب الثروات والمعايير المزدوجة والإسلاموفوبيا. أغانى العصر الذهبى للإسلام والأندلس التعددية وأنوار العباسيين وبأس العثمانيين الأوائل. وأغانى الهوية الفريدة والتهديدات التى تتعرض لها وإصرارنا على حمايتها والتمسك بها فى وجه هذه التهديدات. حفظ العالم هذه الأغانى وفقد الأمل فى التعامل والتصالح معها وقرر أن احتواءها هو الحل الوحيد. قرر هذا مللا أو كراهية، أو لأن المجهود المطلوب لفك هذه العقد التاريخية يتجاوز حدود المعقول والمقدور عليه.

وما تبعات هذا الكلام؟ تبعاته ضرورة تذكر حقيقة أساسية وهى أننا مع أنفسنا تماما. لا أحد سينقذنا حين نغرق ولا أحد سيتدخل لتعديل مسارنا إلا بقدر تأثيرنا المحدود. من يريد الحياة فى ديكتاتورية أو فى ديمقراطية أو فى دولة دينية أو علمانية أو حتى فى حرب أهلية فليتفضل، طالما لم تتعد نتائجها حدودا معينة – عندها يتدخل الآخرون بقدر محسوب لدرء هذا التعدى ثم ينصرفون.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لا أحد يهتم لا أحد يهتم



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon