توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

خرافة 'صفقة القرن'

  مصر اليوم -

خرافة صفقة القرن

بقلم - نيرڤانا محمود

في تموز عام 2017، كتب عبد الحميد المجالي في جريدة الدستور الأردنية، أن العرب أكثر شعوب العالم إيمانا بنظرية المؤامرة. وأوضح كيف أن كثيرين في العالم العربي ينظرون إلى الأحداث على أنها مؤامرات يجري التخطيط لها في غرف مظلمة في الغرب. وبعد عام تقريبا، تفجرت الاحتجاجات في الأردن ضد تدابير التقشف المدعومة من صندوق النقد الدولي. ومثل جميع الأزمات في العالم العربي، استحضرت الاحتجاجات في الأردن نظرية مؤامرة أخرى ـ "صفقة القرن". ولكن بخلاف المؤامرات السابقة، لا تلوم النسخة الجديدة من نظرية المؤامرة الغرب فقط، بل بعض الدول العربية، وبصورة رئيسية السعودية وحلفاءها. ولهذا السبب بالتحديد هي خطيرة ومدمرة.

بدأ تداول مصطلح "صفقة القرن" منذ أكثر من عام، عندما أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رغبته في تحقيق حل شامل للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني. وعززت علاقة إدارة ترامب الجيدة مع الحكومة الإسرائيلية والدول العربية الرئيسية الآمال بإنعاش مبادرة السلام العربية التي أعلنت عام 2002، والتي تنص على الاعتراف بإسرائيل في مقابل دولة فلسطينية حدودها تلك التي وجدت قبل حرب عام 1967.

أثار اهتمام ترامب جدلا صاخبا حول ما إذا كانت هذه الصفقة معقولة، حتى في غياب أي تفاصيل حول مبادرة ترامب، خصوصا عندما التقى بالرئيس الفلسطيني في بيت لحم في أيار/مايو 2017.

ولم يكن على الرئيس الأميركي أن يقول أي شيء؛ إذ قرر كثير من العرب أن يستفيضوا في الحديث عن نسختهم من "صفقة القرن". وخلال الـ 12 شهرا الماضية، سمعت سيناريوهات مدوية حول هذه الصفقة الغامضة، على كل من وسائل الإعلام العامة أو وسائل التواصل الاجتماعي. لقد استطرد العرب من مواطنين عاديين وناشطين ثوريين إلى محللين وصحافيين، في تفاصيل هذه "الصفقة المريبة". تم تداول سيناريوهات عديده وغريبة مثل أن الأردن هو فلسطين الجديدة، أو أن سيناء امتداد لغزة.

وجاءت موجة الاحتجاجات الأخيرة في الأردن بمثابة هدية لأصحاب نظرية المؤامرة المزعومة هذه. وتحولت تغريدة تقول "إنهم يريدون تدمير الأردن، لأنه رفض الالتزام بصفقة القرن" إلى تعويذة مرادفة تقريبا لأخبار الاحتجاجات في شوارع المدن الأردنية. إلا إن ما كان ثابتا في جميع السيناريوهات المختلفة هو الدور الذي نسب لبعض الدول العربية، وخاصة السعودية والإمارات ومصر في مثل هذه المؤامرات، وتصوير تلك الدول كخائنة للقضية الفلسطينية.

إن الأعداء التقليديين، مثل أميركا وإسرائيل، وجميع الأسباب الموجبة التي شرحها المجالي بدقة، ليست التفسيرات الوحيدة. بعد عقود من ترسيخ نظرية المؤامرة في الوعي العربي، تحولت المخططات الخيالية إلى أسلحة تستخدم لشيطنة بعض الدول العربية.

وعلى عكس نظريات المؤامرات الأخرى، فإن "مؤامرة صفقة القرن" تكتسب قوة وجاذبية بين كثيرين، ليس فقط بسبب عدم الثقة الممتدة لقرن من الزمان، في الدوافع الغربية، أو العلاقات الدافئة لإدارة ترامب مع إسرائيل، بل لأنها تخدم مصالح دول وتحالفات معينة في المنطقة.

ساهم حدثان بشكل غير مباشر في نشر الشائعات عن مؤامرة "صفقة القرن"؛ أزمة قطر وانسحاب الولايات المتحدة من الصفقة الإيرانية. في آذار/مارس 2002، لم يوجه أي نقد جدي عندما كشف الملك السعودي الراحل عبدالله النقاب عن مبادرة السلام العربية. لكن ذلك كان قبل الربيع العربي، وكانت السعودية محصنة تقريبا من النقد.

ولكن في فترة ما بعد الربيع العربي، أعيد رسم الخارطة السياسية للمنطقة. وظهرت ثلاثة معسكرات؛ اثنان من الإسلامويين: المعسكر الإيراني ومعسكر قطر والإخوان المسلمين، وثالث مكون من السعودية وحلفائها طلق الإسلاموية.

وكما تغيرت الخريطة تغيرت أدوات الصراع. أصبح ما يسمى بـ"صفقة القرن" أداة ملائمة في أيدي أولئك الذين أضحت مهمتهم تشويه سمعة المعسكر السعودي. في المخطط المزعوم، تم تصوير المنطقة العازلة في مصر في شمال سيناء، لا كتدبير لمكافحة الإرهاب كما أكدت مصر، بل كتحضير لإعادة توطين الفلسطينيين في المستقبل. كما يتم تصوير الضعف الاقتصادي الحالي في الأردن على أنه تكتيك متعمد، لاسيما من قبل السعودية والإمارات، بهدف مساعدة إسرائيل على إنشاء دولة فلسطين في الأردن، بدلا من الضفة الغربية.

هنا في موقع الحرة، أوضحت جويس كرم الواقع في الأردن، وكيف أن الاحتجاجات لا علاقة لها بأي مؤامرة أو صفقة أجنبية. وسبق لي أنا أيضا أن دحضت، في مقال سابق، أسطورة مقترح إنشاء دولة فلسطينية في سيناء.

ولكن، كيف للمنطق أن ينتصر حين يستخدم الدين والقومية لخدمة معسكرات معينة في المنطقة؟

يستغل مروجو صفقة القرن الجدل بين موقفين متعارضين في المنطقة: الأول موقف عقائدي يشير إلى أن الفلسطينيين سيكونون الخاسرين في نهاية المطاف إن عقدوا أي اتفاق سلام مع إسرائيل. والثاني موقف براغماتي، مدفوع بالخوف من أن الوضع الراهن سيضر في نهاية المطاف بالقضية الفلسطينية، وأن هناك حاجة إلى صفقة مع إسرائيل.

يحق للناس أن يختلفوا مع التوجه البراغماتي، لكن ليسل هم الحق في تصوير البراغماتية على أنها الخيانة.

ــــــــــــــــــــ

الآراء ووجهات النظر الواردة في هذا المقال لا تعبر بالضرورة عن آراء أو وجهات النظر أو السياسات الرسمية لشبكة الشرق الأوسط للإرسال (أم. بي. أن)

 

نقلا عن الحرة

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خرافة صفقة القرن خرافة صفقة القرن



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon