توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

تحت غطاء الديمقراطية

  مصر اليوم -

تحت غطاء الديمقراطية

بقلم - فاطمة الصايغ

من مراجعة المراسلات السياسية التي دارت بين المسؤولين في العراق والخليج وبعض من دول الشرق الأوسط وبين القيادة الأميركية قبيل غزو العراق في عام 2003 يتبين لنا أن القيادة الأميركية كانت مصممة على إحداث تغير جذري في منطقة الشرق الأوسط.

كان ذلك التغير يعني لها الكثير؛ فهو يعني أنها سائرة على النهج الذي تمليه عليها قيمها الأميركية ومبادئها في حماية حقوق الإنسان والديمقراطية في كل مكان.

كما كان يعنيها كما تدعي، تخليص هذه المنطقة الملتهبة من كل سبل عدم الاستقرار والقلاقل وتوفر لشعوبها مظلة من حرية الرأي والأمن والأمان الذي سلبته منها الأنظمة الاستبدادية والديكتاتورية.

وبناء على ذلك روجت الولايات المتحدة لهذا التغير على أنه السبيل الوحيد لإنقاذ المنطقة وتنميتها التنمية الصحيحة.

فقد صنفت الإدارة الأميركية دولاً في المنطقة على أنها جزء من «مثلث الشر» في العالم وأن وجود أنظمة كتلك السائدة فيها هو خطر على سلامة وأمن العالم بأسره.


وعلى الرغم من وجود العديد من القلاقل في المنطقة إلا أن نظرة الإدارة الأميركية للمنطقة في الكثير من الأحيان لم تكن منطقية ولم تقم على أسس صحيحة. فلم يكن للولايات المتحدة دراية حقيقية بكيفية تطور الأوضاع السياسية والاجتماعية في المنطقة ومآلاتها.

فقد كانت أميركا مع التغير حتى ولو كانت فاتورة ذلك التغير ضخمة وسوف تدفعها شعوب المنطقة من أمنها واستقرارها ورخائها ومن دماء أبنائها. وروجت أميركا قبيل غزو العراق لذلك التغير وجعلت منه حجة لتبرير غزوها للعراق وتهديم بنيته الأساسية.


وما إن سقط حكم صدام حسين حتى بدأت المزاعم الأميركية في إحلال الديمقراطية تتضح شيئاً فشيئاً.

فلا ديمقراطية ظهرت ولا حقوق إنسان تحققت ولا حريات مدنية كتلك التي كانت تروج لها أميركا بانت. فما تحقق في الشرق الأوسط منذ العام 2003 وحتى الآن هو فوضى جارفة وسلب ممنهج لخيرات الشعوب العربية ونشر للدمار والفوضى في كل مكان وانتشار كبير لتيارات أيديولوجية تهدف إلى تحقيق مصالح ضيقة والعبث بمقدرات البلدان العربية.

فلا حقوق إنسان طالها الإنسان العربي ولا ديمقراطية سياسية تحققت على ارض الواقع ولا تنمية حقيقية حصلت, بل أصبحت الشعوب العربية تتمنى العودة خمسين سنة إلى الوراء: فشعوب العراق ومصر وسوريا وتونس كانت أفضل حالاً قبيل ثورات التغير منه بعدها.


هذا الوضع يقودنا لدراسة السيناريوهات المستقبلية للمنطقة في ظل الأوضاع المتأزمة ويجعلنا نفكر في الكيفية التي سوف يتم فيها إدخال التغير الإيجابي في المنطقة وتخليصها من كل عوامل عدم الاستقرار ودفعها نحو تحقيق معدلات نمو عالية وتوفير الرخاء لشعوبها مع عدم إهمال تنمية الوعي السياسي الذي هو أمل المنطقة في مستقبل أفضل.


أحد سيناريوهات التغير العربي يكمن في الاعتماد على عنصر الطاقات الداخلية البشري الداخلي عوضاً عن الخارجي في إحداث التغير الإيجابي المطلوب. فأي تغير قادم من الخارج لن يخدم أجندة المنطقة واستقرارها بل يخدم أجندات أجنبية خارجية.

سيناريو آخر هو دعم الحريات المدنية في البلدان العربية ودعم الديمقراطية الحقيقية النابعة من ظروف المنطقة واحتياجاتها الحقة. فهي أمل المنطقة في تطوير ذاتها والخروج من المأزق الذي أدخلته فيها الأطماع والمصالح الأجنبية.

أما السيناريو الأخير فهو اللجوء إلى التنمية الاقتصادية الشاملة والتنمية الفكرية التي تهدف إلى رفع الوعي العربي وتمكينه. فهي السبيل إلى تنمية مجتمعية حقيقية وبالتالي إصلاح جذري يلمس حياة المواطن العربي.


دول عديدة في الشرق الأوسط حالياً تمر بحالة من المخاض وتشعر برغبة حقيقية في تبني مشاريع التغير وتعلن عن تمسكها بالديمقراطية بكل مكوناتها وصولاً إلى الديمقراطية الحقيقية. وكثيرة هي الشعارات التي رفعتها الأحزاب والتيارات التي دخلت الانتخابات البرلمانية وعلى رأسها مكافحة الفساد والروتين الإداري وتوفير فرص عمل للشباب وغيرها من الأمراض التي هي أساس تأخر المجتمعات العربية وتراجعها عن ركب الحداثة العالمية.

ولكن هناك العديد من الهواجس والشكوك التي ما زالت تنتاب المواطن العربي ربما من جراء عدم ثقته في قدرة تلك التيارات والأحزاب على إحداث التغير الحقيقي الذي يتوق له المواطن العربي. ولكن يبقى الأمل كبيراً في أن يكون الداخل هو القاطرة التي تقود المجتمعات العربية إلى التغير المنشود وليس الخارج.

الانتخابات العربية الأخيرة إما أن تفتح صفحة عربية جديدة وإما أن تقود المجتمعات العربية خطوة أخرى إلى الوراء.


نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تحت غطاء الديمقراطية تحت غطاء الديمقراطية



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon