توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الصومال.. من الدولة إلى القبيلة

  مصر اليوم -

الصومال من الدولة إلى القبيلة

بقلم - علي عبيد

يحدث في التطور الطبيعي للأمم والشعوب، أن تنتقل من القبيلة إلى الدولة، وليس هذا ذماً للقبيلة مقابل الدولة، ولا هو رفع من شأن الدولة على حساب القبيلة. وللصديقة الدكتورة فاطمة الصايغ كتاب عن نشأة دولة الإمارات العربية المتحدة، عنوانه «الإمارات العربية المتحدة – من القبيلة إلى الدولة».

وهو كتاب قيّم، تسرد من خلاله الدكتورة فاطمة، تاريخ الإمارات منذ أن كانت قبائل متفرقة، مواردها الرئيسة صيد اللؤلؤ، وحتى العصر الحاضر، حيث أصبحت دولةً عصريةً، لها دستورها وأنظمتها وقوانينها، ولها مواردها الكبيرة والمتعددة، وتلعب دوراً مهماً في المنظومة العربية ودول مجلس التعاون الخليجي والعالم. وقد صيغ الكتاب بأسلوب علمي أكاديمي شائق، ويمكن اعتباره من المراجع المهمة لمن يرغب في معرفة تاريخ دولة الإمارات العربية المتحدة.

ليس هذا هو موضوعنا، وإنما هو مثل نضربه على الانتقال من القبيلة إلى الدولة، حيث عادةً ما تمر الشعوب بهذه الأطوار والمراحل، التي تطول وتقصر، تبعاً للحالة السياسية والاجتماعية والاقتصادية التي تختلف من بلد إلى آخر، وتبعاً للظروف المحيطة بها، ومنها مواقف الدول الأخرى، التي تتباين بين الإيجابية والسلبية، تبعاً لمصالح وسياسات هذه الدول، وتبعاً للأهداف التي ترمي إليها من مساعدة هذه الدولة أو تلك، ومدى نبل هذه الأهداف وطهارتها، أو خسة أهداف هذه الدول ودناءتها.

الصومال دولة عريقة، ربطتها علاقة وثيقة بالحضارات القديمة، وأهمها الحضارة الفرعونية، حيث كانت واحدة من أهم مراكز التجارة العالمية بين دول العالم القديم. كما أصبح لها موقعها المهم، بعد دخول أهلها الإسلام دون حرب، عن طريق التجار والمغتربين الصوماليين القاطنين في شبه الجزيرة العربية، والمعلمين الصوماليين المسلمين الذين عملوا على نشر تعاليم الإسلام في الصومال.

وبعد عقود من الاستعمار البريطاني والإيطالي والفرنسي في العصر الحديث، وفي السادس والعشرين من شهر يونيو 1960 تحديداً، استطاعت الصومال أن تتحرر من مستعمريها، وأُعلِن رسمياً قيام دولة الصومال الموحدة، بشطريها البريطاني والإيطالي، بعد أن اختارت جيبوتي، التي كانت تُعرف باسم الصومال الفرنسي، أن تبقى تحت الحماية الفرنسية، في استفتاء أجري عام 1958 م، ثم تستقل بعد ذلك عام 1977.

ورغم انتقال الصومال إلى مرحلة الوحدة، إلا أن الصراعات القبيلة والخلافات العشائرية التي زرعها الاستعمار، ظلت قائمة. لذلك كانت الصومال بحاجة إلى مساعدة الأشقاء والأصدقاء، كي تجتاز الصعوبات والقلاقل التي كانت تمر بها، وهي تنتقل من مرحلة القبيلة إلى الدولة.

هنا، كانت دولة الإمارات حاضرة كعادتها لمساعدة الشقيق والصديق، فنمت جذور العلاقة التي ربطت دولة الإمارات العربية المتحدة بالشعب والدولة الصومالية، في عهد القائد المؤسس، المغفور له بإذن الله تعالى، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، واستمرت هذه العلاقة عميقة وقوية، أساسها وهدفها مصلحة الشعب الصومالي، قبل أي شئ آخر.

عام 1991، شهدت الحياة السياسية في الصومال تغيرات جذرية، أدت إلى خلع الرئيس الصومالي وقتها محمد سياد بري، وانفصال الشمال عن الجنوب، ودخلت الصومال نفقاً مظلماً من الخلافات والصراعات، تحولت بمرور الزمن إلى حرب أهلية، ما زال الشعب الصومالي يعاني منها ومن آثارها حتى الآن، وبرزت مشكلة القرصنة أمام السواحل الصومالية، التي تحولت إلى مشكلة دولية. وأدت موجة الجفاف التي اجتاحت القرن الأفريقي عام 2011، إلى هجرة جماعية لأهل جنوب الصومال، الذي تتجاذبه الصراعات المسلحة، إلى الدول المجاورة.

وخلال هذا كله، كانت دولة الإمارات، تقف إلى جانب الشعب الصومالي، وتعمل على التخفيف من الأزمات التي يتعرض لها، فقدمت ما يقارب مليار درهم، شملت العديد من المشاريع التنموية، وبرامج الإغاثة والمساعدات الإنسانية، واعتبرت هذه المساعدات، واجباً تفرضه عليها أواصر الأخوة والصداقة التي تربطها بالشعب الصومالي، وبذلت دون منٍّ أو أذى كعادتها دائماً.

وفي الجانب المقابل، سعت دول أخرى، على رأسها قطر، إلى العبث بأمن الصومال وشعبه، تنفيذاً لأجندات خاصة لا تخفى على أحد، وشجعت المجموعات الإرهابية المسلحة فيه، وعملت على إعادته إلى مرحلة القبيلة، بعد أن كان قد تجاوز هذه المرحلة، وأصبح دولة لها كيانها.

ولم يكتفِ النظام القطري بتفتيت وحدة الصومال، وإعادته إلى مرحلة الصراعات المسلحة، التي كان قد تجاوزها منذ سنوات الاستقلال، بل سعى هذا النظام، الذي يقوم بتسويق نفسه كدولة مكافحة للإرهاب، إلى تشويه سمعة الدول العربية التي تربطها علاقات وطيدة ومتجذرة بالشعب والدولة الصومالية، وعمل إعلامه، الذي انكشفت أدواته وغاياته، على تزييف الحقائق وليّ أعناقها، واستغلال الصراعات القائمة هناك، لضرب العلاقات العربية العربية، لصالح أجندات وأهداف لم تعد تخفى على أحد، في عصر المعلومات التي غدت متاحة للجميع.

الصومال يتعرض منذ أكثر من ربع قرن لمحنة كبيرة، فقد تفكك وأصبحت أرضه مستباحة للجماعات الإرهابية المسلحة من كل صنف ولون، بل غدا يصدّر الإرهاب إلى دول القرن الأفريقي والمناطق الأخرى، ولم يعد سراً أن الداعم الأكبر لهذه الجماعات، هي الدول الراعية للإرهاب في العالم، وعلى رأسها قطر ونظامها، كما تثبت الوثائق يوماً بعد يوم.

لذلك، فإن الشعب الصومالي بحاجة اليوم إلى أن يقف مع نفسه، ليعرف عدوه من صديقه. وأعداؤه دون شك هم أولئك الذي يعملون على إعادة نقله من الدولة إلى القبيلة، وإذكاء الصراعات والفتن فيه، وهي عودة لا يتمناها له أشقاؤه، وعلى رأسهم دولة الإمارات، لأن فيها دماره وتفتته.


نقلا عن البيان الاماراتية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصومال من الدولة إلى القبيلة الصومال من الدولة إلى القبيلة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon