توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

أحزان الإعلام المصرى

  مصر اليوم -

أحزان الإعلام المصرى

بقلم-جمال أبو الحسن

ربما نعيش اليوم نهاية مرحلة فى عُمر الإعلام والصحافة المصرية. وفى النهايات، أى نهايات، ما يُثير الحزن ويبعث على الشجن فى كل الأحوال. فيها أيضاً ما يدعو للتفكير فيما مضى، والتأمل فيما يجرى، والتطلع إلى المستقبل.

أتابع فى الفترة الأخيرة تجليات مختلفة لما يُمكن تسميته «أزمة الإعلام المصرى». صحفٌ تواجهُ أزماتٍ طاحنة. قنواتٌ تُغلق. برامج تُلغى. صحفيون يواجهون عنتاً فى ممارسة المهنة إلى الحد الذى يدفعهم للتخلى عنها تجنباً للمتاعب. لا أدعى فهماً لما يجرى. الإعلام صناعةٌ معقدة. يختلط فيها الربح بالترفيه، والثقافة بالسياسة، والتنوير بالتسلية. هناك متخصصون بالطبع أقدر على شرح آلياتها ودخائلها. أسجل هنا انطباعات مُستهلك داوم على «تعاطى» الإعلام المصرى لعقدين من الزمان!

المرحلة التى تكاد تلفظ أنفاسها الأخيرة اليوم تعود أصولُها إلى النصف الثانى من التسعينيات. ظهر فى مصر وقتها، ولأول مرة منذ تأميم الصحافة فى الستينيات، ما يُمكن تسميته الصحف الخاصة كالدستور وغيرها. سُرعان ما لحقت بها القنوات الخاصة مع بدايات الألفية. كانت تلك ثورة حقيقية. كان التحول ضرورياً أيضاً فى ضوء ظهور إعلام الجزيرة وإقبال الجمهور عليه فى بداياته الأولى.

هل يُمكن أن نقف، اليوم، لنُقيم التجربة؟ هى- كأى تجربةٍ- لها ما لها، وعليها ما عليها. حركت هذه الموجة الإعلامية الكثير من المياه الآسنة. وضعت قضايا على أجندة الرأى العام. ربما كان أخطر هذه القضايا على الإطلاق ما تعلق بالتغيير السياسى فى مصر. سؤال التغيير والمستقبل صار ضاغطاً منذ بدء الألفية، وأصبح ملتهباً بعد 2005. الجمهور المتنور كان يقرأ باهتمام وشغف.

مياهٌ كثيرة جرت تحت الجسر. 2011 كانت فشلاً كبيراً للجميع. المجتمع عجز أن ينتقل إلى وضع سياسى مستقر يُفضى للازدهار والخير العام. بل كاد ينزلق إلى فوضى مدمرة. هل صنع الإعلام هذا الفشل؟ ربما لا، ولكنه كان شريكاً بلا شك. السلطة والجمهور حمّلا الإعلام نصيباً من المسؤولية.

أزمة الإعلام المصرى اليوم لها أبعاد مختلفة ومتداخلة. مواقع التواصل الاجتماعى خلقت فضاءً أكثر حريةً. فضاء سمح للناس بأن ينتجوا هم المحتوى من دون جرائد وصحافة وتليفزيونات. أصبحت هذه المنصات أكثر جاذبية، بل صار الإعلامُ ذاته يتغذى عليها ويعكس أصداء ما تموج به من أفكار وجدل. لا تنسَ أنه لم يكن فى مصر إعلام حر بالمعنى الحقيقى فى أى وقتٍ. كانت هناك مساحاتٌ وهوامش تضيق وتتسع. فضاء التواصل الاجتماعى هو أقرب شىء للإعلام الحر. لذلك كان طبيعياً أن يُزيح الإعلام التقليدى بالتدريج.

أضِف إلى هذا أن الدولة تشعر بأن «سوق» الإعلام قد تحولت إلى «سويقة»، وأن هذه الفوضى أضعفت المجتمع والدولة وخلقت حالة من الانقسام والبلبلة. الدولة تبدو عازمة على إنهاء هذه الحالة بالتدريج وبالموت البطىء. غير أنه يخطئ من يظن أن الأمرَ مرهونٌ بإرادة الدولة وحدها. ثمة ثغرات قاتلة فى التجربة ذاتها أفضت إلى هذه النتيجة. الجمهور- وهو الحكم الرئيسى- لا يبدو حريصاً اليوم على هذه المنابر والمنصات الإعلامية التى تكاثرت من دون أى قيمة مُضافة. وسط كل هذا الضجيج لا توجد قناة إخبارية مصرية واحدة بمعايير عالمية، أو حتى إقليمية. الجمهور انفضَّ عن أغلب هذه المنابر من تِلقاء نفسه. لو أن كثيراً منها أُغلق غداً ما شعر الناسُ بأى نقص. فى هذا دلالةٌ لا تخفى.

ليست هذه نتيجة جيدة، حتى لو أراحت الدولة من «وجع الراس» فى المدى القصير. ترك الناس لمنصات التواصل ينطوى على ما هو أخطر. الإعلام المصرى- بكل سوءاته- فتح نوافذ هنا وهناك للأفكار. كان جسراً لا غنى عنه بين أهل الرأى وأهل الحُكم. هذا جسرٌ يتعين إصلاحُه وترميمه وتحصينه بالمهنية والإبداع، لا نسفه بالكلية.

نقلا عن المصري اليوم 
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أحزان الإعلام المصرى أحزان الإعلام المصرى



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon