توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ثوب وحجاب في الكونغرس

  مصر اليوم -

ثوب وحجاب في الكونغرس

بقلم : بكر عويضة

إنجاز الأميركيتين: إلهان عمر، ورشيدة طليب، يرقى إلى مستوى إعجاز أتخيّل أنه سوف يُدخل اسميهما في سجل انتخابات الكونغرس الأميركي على النحو التالي: امرأتان حققتا إنجازين تاريخيين. رُبَّ قائل إن وصف «إعجاز» فيه شيء من المبالغة. هكذا تنبيه جائز. إنما، لعل التوضيح يشفع، إذ عندما تنجح الشابة الصومالية الأصل، إلهان عمر، في انتزاع مقعد ولاية مينيسوتا بعد خوض معركة انتخابية رافقها اتهام صريح صادر عن كبير البيت الأبيض نفسه، يرمي الصوماليين المهاجرين، في الولاية ذاتها، بصفة «التطرف»، فإن ذلك الفوز يبدو بالفعل أقرب للإعجاز منه إلى مجرد نجاح حملة انتخابية؛ خصوصاً إذ الأجواء محمومة بسموم العداء ضد الهجرة والمهاجرين عموماً، وبلا أي تمييز ينشد أن يَميز خبيث التطرف، من طيب أطياف هجرة للولايات المتحدة، تشد عضدها في مجالات الاقتصاد والعلوم، وغيرها من فضاءات الإبداع كافة.
في السياق ذاته، ضمن أجواء أقل ما يُقال في شأنها هو أنها تتسم بعداء واضح من جانب إدارة الرئيس دونالد ترمب، تجاه القيادة الشرعية للشعب الفلسطيني، وهو عداء عبّر عنه انحياز صريح إلى جانب إسرائيل، انعكس في تنفيذ قرار نقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى القدس، ضمن هكذا أجواء، أوليس من الجائز لأي مراقب أن يعدّ فوز رشيدة طليب، الفلسطينية الأصل، بمقعد ولاية ميشيغان في الكونغرس، أقرب إلى الإعجاز منه إلى مجرد انتصار في معركة انتخابية؟ بلى. لكن في سياق الموقف ذاته، وفق ما قرأت عما وُصِف بقرار رشيدة طليب أن تدخل، في يومها الأول مقر الكونغرس، مرتدية الثوب الفلسطيني، سوف أغامر هنا فأناشد السيدة أن تفكِّر في الأمر ملياً قبل أن تفعل ذلك. لماذا؟ قبل أن يقفز أحد كي يعترض ويطالب بالتوضيح، أقول إن في مثل ذلك التصرف شبهة استفزاز سوف تفتح الأبواب أمام كل متربص يسعى إلى تقويض مكاسب ما تحقق من نجاح للمرشحة رشيدة طليب، وهؤلاء كثر، سواء داخل أميركا أو خارجها. إذا صح ما نُسب للسيدة طليب بشأن نيّتها ارتداء ثوبها التقليدي، ثم أقدمت على ذلك، وهذا حقها بالتأكيد، فالأرجح أن يُوظف موقفها ذاك كي يقال إنها آتية إلى الكونغرس كي تتخذ المواقف كسياسية فلسطينية، وليس كنائبة أميركية. ورغم أنه ليس من الجائز حرمانها من توظيف وجودها داخل أهم مؤسسة تشريعية في الولايات المتحدة، لإبراز معاناة شعبها الفلسطيني، والمطالبة بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بحقوقه، فإنه يظل من الأفضل أن تمارس السيدة طليب ذلك الدور بلا أي ثغرات تجيز لخصوم الحق الفلسطيني التصرف ضد مواقفها، على نحو ربما يبدو أنه مقبول في أعين النواب الآخرين.
في المقابل، ليس لأحد أن يحدّ من حق إلهان عمر في ارتداء ما يُسمى «حجاباً»، وهي تسمية أجتهد فأرى أنها خطأ، إذ هو مجرد غطاء لشعر رأس المرأة، ولا يحجب الوجه كما «النقاب»، مثلاً. ثم إن السيدة طليب لم تخض معركتها الانتخابية مرتدية الثوب الفلسطيني، ولم تحمل علم وطنها الأصلي حيثما توجهت خلال حملتها، وذاك تصرف صائب، بالتأكيد، فيما خاضت الآنسة إلهان المعركة مرتدية غطاء رأسها حيثما ولّت وجهها، وجاء مخاض الحملة مثمراً إنجازها الانتخابي، فما الذي يحول، إذنْ، بينها وبين «حجب» شعرها حين تصل مقر الكونغرس لأول مرة؟
يبقى القول إنني أخشى أن يجري تحميل إنجاز كلٍ من رشيدة طليب وإلهان عمر فوق قدراتهما. ربما ترتفع أصوات هنا وهناك، بمختلف أنحاء العالمين العربي والإسلامي، تطالب النائبتين في الكونغرس الأميركي بما تعجز عنه حكومات، في شأن المواقف الأميركية من مجمل القضايا العربية والإسلامية، أو حتى بشأن الموقف من قوانين الهجرة، والتعامل مع المهاجرين. إذا حصل شيء من ذلك، الأفضل لكلٍ منهما تجاهل ما قد يصدر من مطالبات لهما تجهل طبيعة الواقع السياسي في الولايات المتحدة. يكفي لهما القول إنهما ستعملان قدر المستطاع على توظيف موقعهما النيابي للدفاع عن الوضع الإنساني تجاه كل المآسي في العالم أجمع. 
ويبقى كذلك أن أختم بما نقل لي صديق مقيم في أميركا، إذ سمع جاره المنتمي للحزب الجمهوري بتعصب، يزمجر بغضب إزاء فوز رشيدة طليب وإلهان عمر، قائلاً إن فوزهما خطأ بشع. ذلك موقف عنصري سافر موجود في أميركا وغيرها، لكنه غير مُستغرب، إنما، في نهاية المطاف، لن يصح سوى الصحيح.

نقلًا عن الشرق الآوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ثوب وحجاب في الكونغرس ثوب وحجاب في الكونغرس



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon