توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

الأسد والمعارضة وهوامش «الشرق الأوسط الجديد»

  مصر اليوم -

الأسد والمعارضة وهوامش «الشرق الأوسط الجديد»

بقلم - سميرة المسالمة

أوضحت قمة هلسنكي الأميركية- الروسية أولويات البلدين، وعلى هامشها ما يحدث على الساحة السورية، لكن ليس كما تحاول وسائل الإعلام تقديمها، من تنافس بينهما على مناطق النفوذ في سورية، بل هي لحظة الحقيقة الضمنية، والتي عبرا عنها خلافاً لكثير من توهمات المحللين، الذين تموضعوا حول فكرة تنافسهما على الوجود العسكري في سورية، ليتفقا بحسب بوتين: «أن جيشي البلدين يعملان في شكل ناجح في سورية، متطلعين لتمتين التعاون بينهما». أي أن ما يحدث اليوم في ما سمي بمنطقة النفوذ الأميركي في جنوب سورية ليس من باب انتهاك اتفاق خفض التصعيد، وإنما هو تنفيذ عملي لكامل بنوده، حيث يعيد المناطق الحدودية مع كل من الأردن وإسرائيل إلى تحت سلطة النظام لضمان أمرين للشريكين في الاتفاق، وهما: أولاً، متابعة النظام تنفيذ اتفاقية 1974 المتعلقة بقواعد فك الاشتباك مع إسرائيل من جهة، وثانياً، استعادة المنفذ الاقتصادي مع عمان من جهة ثانية.

وعلى رغم تجاهل أن خلال كل ما حدث من حرب في سورية، لم يخرق، ولا لمرة واحدة، اتفاق فض الاشتباك مع إسرائيل من طرف النظام السوري، في الوقت الذي سجل على إسرائيل خرقها لهذا الاتفاق عشرات المرات قبل بدء الثورة السورية وخلالها.

ينص الاتفاق البيني الذي رعته كل من الأمم المتحدة، والاتحاد السوفياتي الذي ورثته روسيا الاتحادية، والولايات المتحدة الأميركية، على وقف إطلاق النار في البر والبحر والجو، ومن ضمن بنوده أن القوات الجوية للبلدين تتحرك ضمن حدودهما المحددة وفقه، وهو الأمر الذي لم تلتزم به إسرائيل على مدى عشرات السنين، بينما احتفظت سورية بحق الرد عليه حتى يومنا هذا، ما يعني أن النظام هو الأكثر حاجة اليوم لإعلان إسرائيل التزامها بالاتفاق وليس العكس، إلا أن عودة النظام إلى جنوب سورية كقوة حاكمة منزوعة البراثن الإيرانية، وبرغبة وموافقة إسرائيلية، من شأنه أن يمنح إسرائيل فرصة المضي قدماً في مطالبها بما يتعلق بهضبة الجولان، ومطامعها في إقرار المجتمع الدولي بضمها رسمياً إلى إسرائيل، وإنهاء ملف القرارات الأممية التي رفضت قرارات الكنيست 1981 وأدانتها، لفرضها ضم الجولان والقدس.

القمة المشتركة في العاصمة الفنلندية هلسنكي اختصرت المسألة السورية بوصفها من «هوامش» ضمان أمن إسرائيل، وهو تماماً ما يمكن القياس عليه عندما يقوم التفاهم الروسي- التركي بأن المسألة السورية تأتي على هامش ما يضمن أمن تركيا، وهي على هامش ما يضمن أمن إيران، التي تقدمت في سورية لتجعلها ساحة حرب لتصفية حساباتها وخلافاتها، وتأمن من خلالها بإبقاء الحرب عليها خارج حدودها، سواء في سورية أو العراق أو لبنان أو اليمن، ولجعل كل ملف قابل للمقايضة فيه، وعليه، ضمن تسوياتها الدولية العربية والغربية والأميركية، وليس لضمان أمن النظام ، كما يدعي كل من الطرفين، النظام وإيران، وكذلك لضمان أمن كل الدول المتصارعة على سورية سواء عبر جيوشها و «مستشاريها» وغرفها العسكرية وقواعدها، أو من خلال الفصائل المسلحة التي استخدمت كأذرع محلية لمشغليها الخارجيين.

في المحصلة سجلت أولويات القمة، بما يتعلق بالملف النووي الإيراني، وإعادة تهذيب سلوك إيران في منطقة الشرق الأوسط، لتجلس من جديد على طاولة التطبيع مع أميركا بوساطة روسية وبمقايضة أمن إسرائيل، تجاهلاً للكثير مما جاء في الشروط الـ12 التي أعلنها مايك بومبيو وزير خارجية ترامب في شهر أيار (مايو) من هذا العام، حيث تجاوز الرئيس الأميركي ما يتعلق بسحب جميع القوات التي تخضع للقيادة الإيرانية من سورية، ووقف تقديم الدعم للتنظيمات الإرهابية، ومنها حزب الله الذي يخوض اليوم معاركه إلى جانب النظام على الحدود مع إسرائيل، وبموافقتها، وكذلك دعمها لـ «حماس» والحوثيين في اليمن، و «طالبان»، ومسلحي «القاعدة»، والتعامل باحترام مع الحكومة العراقية، وعدم عرقلة حل التشكيلات الشيعية المسلحة ونزع سلاحها، أي أننا أمام شروط مخففة جديدة، تفرزها التفاهمات والتنازلات المتبادلة بين الجانبين الأميركي والإيراني، وضمن صفقة موسعة لا تنهي الدور الإيراني نهائياً، وإنما تعيد صياغته وفقاً لمهمات جديدة له في المنطقة، تحت الرقابة الروسية وسيف العقاب الإسرائيلي.

إن الأمنيات التي سبقت انعقاد الاجتماع بين الرئيسين، وأخذت معظم صفحات وزمن المنابر الإعلامية العربية، تشير إلى تموضعنا المكاني والزماني حول الإرادة الأميركية من جهة، وتفاعلات خلافاتها أو مصالحاتها مع نظيراتها من جهة ثانية، أي أننا ننظر إلى حل مشكلاتنا العربية من باب التمني، والقبول بما يتوافق عليه الآخرون، في تسليم كامل لما سعت له إيران عبر ممارسة دورها التخريبي في المنطقة، وتحويل الصراع من عربي- إسرائيلي، إلى سني- شيعي- داخلي، أكثري وأقلي، ما فسح المجال لتدخلات موازية تركية تحت مسمى المساندة للغالبية السنية، التي جمعها النظام في مناطق الشمال في أكبر عملية تغيير ديموغرافي تحدث تحت نظر ومسامع الأمم المتحدة، وبرعاية أطراف ثلاثي آستانة (روسيا، وإيران، وتركيا) وبشراكة تامة مع النظام كطرف، وبعض القوى المحسوبة على المعارضة السورية كطرف مقابل، وهو ما يمكن أن يتطور إلى أشكال جديدة من الصراع منها:

- إبقاء المكون السني مقيداً بمنطقة جغرافية محددة هي مناطق النفوذ التركي التي يمكن أدلجتها ودفعها باتجاه مطالبات بالانفصال عن سورية، وهذا ما بدأ العمل عليه من جهتين بالتوازي: النظام لإثارة المخاوف، وأصحاب الثورة المضادة من قوى إسلامية متطرفة وتعمل لأجندات غير سورية أساساً.

- الدخول في حرب استنزاف طويلة بين النظام والفصائل الموجودة داخل هذه المنطقة، لإبقاء حالة الصراع قائمة بعيداً من حدود إسرائيل، ولممارسة ضغوط دولية على تركيا من خلال اشتعال دائم لمناطقها الحدودية.

- تخلي تركيا عن الفصائل لمصلحة اتفاق روسي- أميركي- تركي، يكرر سيناريو المنطقة الجنوبية، لإعادة بسط النظام ولو شكلياً عليها، وبالتالي إنهاء الفصائل المسلحة بعملية عسكرية مدبرة، تكون فيها المصلحة التركية بما يتعلق بحدودها وأمنها القومي محفوظة، على حساب مصلحة المعارضة، وبدم السوريين الموجودين في المنطقة بحكم اتفاقات التهجير القسرية التي تمت كاتفاق التهجير «العار» لسكان المدن الأربعة، وتلتها بقية المناطق، وملاحقات النظام الأمنية لهم أو لأولادهم.

ضمن المشهد غير المنطقي لمجريات القمة في هلسنكي، وما بعدها من تصحيحات، تكاد أولوية السوريين تكون معرفة أنهم لم يعودوا مركز الحدث، ولا حتى مضمون الخبر، فهم دولياً وبحسب جناحي الدعم سواء الروسي للنظام، أو الأميركي للمعارضة، مجرد هوامش تابعة لأمن الدول الحدودية، والإقليمية، والعالمية المتصارعة في سورية، لحسابات لا علاقة لها بثورة السوريين من أجل إقامة الدولة الوطنية، ولا بمساندة الأسد للحفاظ عليه كرئيس لدولة استبدادية. هي حسابات الشرق الأوسط الجديد الذي رسمت ملامحه الولايات المتحدة الأميركية عام 2005 على لسان وزيرة الخارجية آنذاك كوندوليزا رايس، بنظرية الفوضى الخلاقة، وتنفذه ببراعة لصوصية روسيا بوتين الاتحادية، بألوان من دم السوريين وعلى أجسادهم.

نقلا عن الحياة اللندنية

لمقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الأسد والمعارضة وهوامش «الشرق الأوسط الجديد» الأسد والمعارضة وهوامش «الشرق الأوسط الجديد»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon