توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

المفاجأة الصادمة لفيلم «الملاك»

  مصر اليوم -

المفاجأة الصادمة لفيلم «الملاك»

بقلم - جمال طه

لم نبادر بالكتابة عن «أشرف مروان» إلا عندما راعنا أنه فور الإعلان عن قرب عرض فيلم «الملاك»، بدأت حملة تشكيك إلكترونية واسعة، فى ولاء الرجل، ووطنية الأجهزة السيادية، تستند إلى تعليقات الإعلام الإسرائيلى عن الفيلم، و«حرب أكتوبر المجيدة»، التى مضى عليها 45 عاماً، جيلان لم يعاصراها، إسرائيل شكلت لجاناً للتحقيق والدراسة، وأصدرت كتباً وبحوثاً لتأريخها، وكشفت عن وثائق، ولكن مكتباتنا خلت إلا من عمل، نشاهده سنوياً، ليذكرنا بأن الرصاصة لا تزال فى جيوبنا، لم تنطلق ضد التقاعس والتفريط غير المبرر، فى صفحة من أزهى صفحات تاريخنا المعاصر.. بعد مقالى الأول (الاغتيال الثانى لـ«الملاك»)!! والثانى (أشرف مروان وتحريك المياه الراكدة)، انتظرت مشاهدة الفيلم، الذى أتى بمفاجآت صادمة.

أولاً: كنت أتصوره عملاً فنياً مبهراً، إنتاج هوليود «شركتى TTV الإسرائيلية وADAMA الفرنسية»، بتكلفة 12 مليون دولار، المخرج عالمى أريل فرومين، السيناريست دافيد آرماتا، المتخصص فى مجال المخابرات، والمرشح السابق للأوسكار، البطولة للهولندى التونسى مروان كنزارى «مروان»، الإسرائيلى ساسون جاباى «السادات»، الأمريكى الفلسطينى وليد زعيتر «ناصر».. رغم ذلك خرج الفيلم باهتاً، والخلط بين الإنجليزية واللكنة العربية الغامضة، أفقده الكثير.. انتظرنا تمخُض الجبل، فولد فأراً.

ثانياً: المقدمة جمعت كل مبررات إنجاح التسويق.. الرومانسية، إيقاف مصر للملاحة الإسرائيلية عبر خليج العقبة 1967، ضرب إسرائيل للطيران المصرى، انتصارها على ثلاث جبهات، إذلال أسرى الجنود العرب.. مشاهد كان يفترض أن تنتهى بفيلم يعكس انتصاراً أسطورياً، لكنه انتهى بالتسليم بهزيمتها فى «أكتوبر»، وتشكيل لجان لمحاسبة القادة.. الفيلم لم يصور معركة بين المخابرات المصرية والموساد، بل جسد الصراع بين الموساد والمخابرات العسكرية «أمان»، وأكد أن «أكتوبر» لا تزال هى الرقم الصعب فى إسرائيل، ما يفرض على مصر أن تحافظ على أقصى درجات الاستعداد واليقظة، لأن الثأر سيظل هدفاً إسرائيلياً.

ثالثاً: حاول الفيلم الخصم من وطنية مروان، فأظهره كشخصية مترددة قلقة مهتزة، ولكن الحقيقة فرضت نفسها عندما وصف علاقته بـ«دانى» ضابط التشغيل بالندية والتحدى، مروان رفض تسجيل لقاءاته، وعندما استشعر محاولة سرية لتسجيل أحدها، أنهى المقابلة فوراً.. العميل لا بد أن يخضع لوسائل سيطرة، تضمن طاعته وخضوعه، لكن ما قدمه الفيلم يناقض ذلك تماماً.

رابعاً: أبرز الفيلم مراحل خطة خداع مصر لإسرائيل التى نفذها مروان، بلاغان كاذبان بالحرب، كلفا إسرائيل المليارات، فى عمليات تعبئة لا مبرر لها، أكدت لـ«أمان» مبررات شكوكها فيه، فاختطفته وعاقبته «جسدياً»، وهددت أسرته.. واقعة مفبركة، تمثل اعترافاً صريحاً بأن مروان لم يكن أبداً رجل إسرائيل.. لكن خديعته نجحت، وجرَّع الموساد التى تصورته عميلها، و«أمان» التى ابتلعت الطعم، كأس المذلة حتى الثمالة.

خامساً: نهاية الفيلم كانت تجسيداً للحظة صدق مع النفس، دانى شبه مروان براعى الغنم الذى حذر من الذئب مرتين كذباً، وعندما هجم الذئب فعلاً، صرخ، فلم يصدقه أحد، مروان رد عليه بأنهما رغم اختلافاتهما فكل منهما خدم بلاده بطريقته، والمشهد الأخير بالغ التعبير؛ مروان ودانى انفصلا، واتجه كل منهما وحيداً فى طريق مختلف عن الآخر، فالاثنان لم يكن طريقهما واحداً منذ البداية.

سادساً: الفيلم على هذا النحو كان يمكن عرضه محلياً ليكون أنجع رد على المشككين، لولا أن تم حشوه بمجموعة من الأكاذيب.. مشاركة مروان فى وفد مفاوضات مع بريطانيا برئاسة عبدالناصر، الذى لم يزرها طوال حياته!!.. ناصر الذى كان شرابه اللبن وعصير الفاكهة، يقرع كؤوس النبيذ!!.. بحث يائس عن دوافع مساعدة مروان لإسرائيل «خلافاته مع عبدالناصر، حب المال رغم حالته الميسورة، رغبته فى منع وقوع الحرب وسقوط الضحايا، ما لا يستقيم ودوره فى عقد صفقات الأسلحة، ورئاسته لهيئة التصنيع الحربى، ونشاطه كتاجر سلاح».. اقتراح مروان خطة الخداع على السادات.. حصوله على نسخة من خطة الحرب من الشاذلى.. مشاركته جلسات الإعداد للحرب بغرفة عمليات الجيش.. سلسلة أكاذيب صيغت بسذاجة.

مبادرة مصر إنتاج عمل درامى، وأدتها الرقابة على المصنفات لعامين، قبل الترخيص «على عجل»، بفعل تأثير الحملة التى سبقت «الملاك».. أطلقوا عليه «العميل»!!، ثم استبدلوه بـ«أشرف مروان»، استجابة للانتقادات، وغابت العناوين المعبرة كـ«الخديعة، الصفعة..»... محمد رمضان طُرِح للبطولة، أعقبه أحمد السقا، ما يعكس الاهتمام بالشباك.. جار المقارنة بين إنتاجه كفيلم أو مسلسل، ومعيار الترجيح «الربحية».. المستهدف إذن الجمهور المحلى والأرباح.. اختيارات عبثية، تفرض التدخل.

ينبغى ألا ينتظر صناع الدراما صدور رواية رسمية عن العملية، هناك تابوهات فى عمل أجهزة المخابرات، أهمها تكنيك زراعة العملاء، وتشغيل المزدوجين، التحليل المهنى للروايات الرسمية يكشف منهجية أداء الأجهزة، ويفسد عملياتها.. كذلك فإنه لا ينبغى الاستعانة بشهود العصر، فمروان بتقاطعاته السياسية مع الناصريين، وتنافساته الشخصية مع مسئولى وصحفيى عهد السادات، وما بعده، تجعل شهاداتهم مجروحة.. حقائق القصة خرجت كاملة، من تناقضات المواقف والمصالح والروايات، الصادرة عن صراع الأجهزة فى إسرائيل.. الاعتماد عليها، وعلى ما سطره الكتاب الأجانب الذين تصدوا لأكاذيب إسرائيل، يكتسب مصداقية أكبر لدى الرأى العام الدولى.

وأخيراً فإن أى عمل درامى لن يتم تقبله جماهيرياً، دون التعرض، ولو تلميحاً، لـ«من قتل مروان؟!»، ما يفرض الربط الذكى بين مجموعة وقائع.. صدور حكم المحكمة العليا الإسرائيلية بأن مروان كان جاسوساً لإسرائيل 25 مارس 2007، قبل اغتياله بثلاثة شهور، وكأنه تمهيد للحدث، وإعلان الحكم رسمياً بعد 13 يوماً من الوفاة «هو أحد رجالنا، فكيف نُتهم باغتياله؟!».. اختيار أسلوب القتل ليتطابق مع مصرع الليثى ناصف 1973، وسعاد حسنى 2002، اللذين كانت إسرائيل خارج دائرة الشك بشأنهما «هذا ليس أسلوبنا، فتشوا عن الجانى فى العمليات المماثلة!!».. مذكرات مروان التى تتضمن تفاصيل خداعه للموساد، كانت الشىء الوحيد الذى اختفى خلال الحادث، كتاب «الملاك» كذب ما ذكره «مروان» عن كتابتها، والفيلم تجاهلها، لإسقاط الدافع لتورط إسرائيل، المؤرخ بيرجمان أكد أن مروان اتصل به يوم مقتله ثلاث مرات خلال ساعة واحدة، تاركاً له رسالة مسجلة، ربما تتعلق بتكليفه بتحويل مذكراته إلى كتاب.. الكاتب الأمريكى هوارد بلوم أكد أن إيلى زعيرا مدير «أمان» خلال الحرب مقتنع بأن الموساد اغتال مروان، وهى نفس القناعة التى أعلنتها أسرته 2010.

انتهت الثلاثية.. حُسِمَت تماماً معركة التشكيك.. ولكن، هل تم إغلاق الملف؟!.

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المفاجأة الصادمة لفيلم «الملاك» المفاجأة الصادمة لفيلم «الملاك»



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon