توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

«اللجنة» و«المجلس» ورصاصة الرحمة

  مصر اليوم -

«اللجنة» و«المجلس» ورصاصة الرحمة

بقلم - جمال طه

السيسى كلف رئيس الحكومة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية حقوق الإنسان، وتعزيز الحريات الأساسية، بصورة ممنهجة، وبالتنسيق بين كافة الجهات المعنية.. مدبولى شكل «اللجنة العليا الدائمة لحقوق الإنسان» برئاسة وزير الخارجية أو من يفوضه، وعضوية ممثلى وزارات: «الدفاع، التضامن الاجتماعى، العدل، شئون مجلس النواب، والداخلية»، والمخابرات العامة، والرقابة الإدارية، والمجالس القومية للمرأة، والطفولة والأمومة، وشئون الإعاقة، وهيئة الاستعلامات، والنيابة العامة.. 13 جهة، ليس من بينها المجلس القومى لحقوق الإنسان، حفاظاً على استقلاليته، وإن سمح القرار لرئيس اللجنة أن يستعين بمن يرى الحاجة لخبراته.

عملية اختيار أعضاء «المجلس» تطغى فيها أحياناً المواءمات السياسية على المعايير الموضوعية، تزامن تشكيله مع التغييرات السياسية التى أعقبت 30 يونيو 2013، لكنه لم يكن فى مستوى الطموح الوطنى، لأنه جاء متضمناً عناصر تناصب الدولة العداء، بعضهم يتعاطف مع الإخوان، والآخر ضد مؤسسات الدولة السيادية، وأحدهم يقيم فى لندن بعد أن عرض مبادرة للمصالحة فضحت علاقته بالتنظيم.. الأمانة الفنية تضم شباباً واعداً من الباحثين، لكنهم مشغولون بضبابية المستقبل، فى ظل غياب هيكل إدارى، أو تدرج تنظيمى للوظائف.. مجلس كهذا، لا يمكن أن يتصدى للدفاع عن الدولة المصرية فى مواجهة المخططات التى تستهدفها، والتى تستند إلى بعض الإشكاليات المتعلقة بحقوق الإنسان!.

المجلس تعامل مع أوضاع حقوق الإنسان فى مصر باعتباره حكماً تارة، ومراقباً محلياً تارة أخرى، حرص على أن تتضمن تقاريره بعض الانتقادات لحالة حقوق الإنسان، تواؤماً مع الانتقادات الدولية لمصر، أو درءاً لشبهة الانحياز لها، وكثيراً ما حاول إيجاد مبررات لما يعتبره تجاوزات لبعض أجهزة الدولة، مستنداً إلى تصاعد العنف الإرهابى، وجهود الدولة فى مكافحته، وأحياناً يحاول إعطاء انطباع بوجود تقدم، نتيجة مراجعة الدولة للنفس، ومحاولة إصلاح مواطن الخلل!!.. المجلس انتقد بعض التعديلات التشريعية الجزئية، بما فى ذلك قانون التظاهر، وقانون الإجراءات الجنائية، وقانون السلطة القضائية.. وبرر بعض حالات التعذيب والاختفاء القسرى، باعتبارها رد فعل لـ«الجرائم الإرهابية»، رغم أن الواقع أكد أن معظم هذه الحالات تتعلق بعناصر هاربة، أو انضمت لتنظيمات إرهابية، تم الادعاء باختفائها تجنباً للملاحقات الأمنية.

والمؤسف، أنه رغم تبنى المجلس لذلك الموقف، بكل ما يعكسه من ميوعة وطنية، فقد عجز عن تسويق نفسه فى الخارج كمجلس مستقل، إلى الحد الذى تعرض فيه لانتقادات واسعة عند توليه رئاسة الشبكة العربية لحقوق الإنسان، التى تجمع المؤسسات الوطنية العربية.. والطامة الكبرى، عندما فاجأنا بعدم إرسال وفد رسمى لتمثيل مصر خلال فعاليات الدورة الـ39 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، رغم أن التقارير المضللة والوقائع المغلوطة التى يتم عرضها للإساءة لمصر تستلزم الوجود القوى، لتفنيدها بتقارير وإيضاحات مضادة.. والحقيقة أنه لا يمكن التعلل بالميزانية، بدليل عدم توقف مرتبات الأعضاء، ولا موضع للتعلل بانتهاء فترة عمل المجلس لأن قرار تكليفه بتسيير الأعمال لحين تعيين مجلس جديد ما زال سارياً.. تصرفات أقل ما توصف به أنها «مريبة».

مهمة «اللجنة» وضع الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، وخطط تنفيذها ومتابعتها، وهى نفس مهمة المجلس، ولكن «اللجنة» قادرة على التنفيذ، لأن كل عضو فيها يمتلك القوة الإلزامية، عكس المجلس.. «اللجنة» أسندت لها مهمة تفعيل التعاون مع الأمم المتحدة وكل الجهات المانحة، لتوفير الدعم الفنى والمالى للحكومة، فى مجال البناء المؤسسى وبناء القدرات والتدريب وتبادل الخبرات، أما تعاون المجلس مع هذه الجهات فقد أصبح مشروطاً بـ«التنسيق مع الخارجية».. كل ما يتعلق بوضع السياسات والبرامج والخطط الكفيلة برفع الوعى وبناء القدرات، وإعداد برامج التدريب ودعم قدرات العاملين بالجهات المعنية، أنيط بـ«اللجنة»، بينما اقتصر عمل المجلس على نشر ثقافة حقوق الإنسان، وتوعية المواطنين بها، بالاستعانة بالمؤسسات والأجهزة المختصة بشئون التعليم والتنشئة والإعلام والتثقيف، والمساعدة فى إعداد البرامج المتعلقة بتدريس حقوق الإنسان.. هذا التوزيع يستهدف عدم تدخل الجهات المانحة فى البرامج التدريبية.. تمثيل الدولة فى المحافل الدولية المعنية بحقوق الإنسان، اختصاص أصيل للحكومة، خاصة فيما يتعلق بإعداد ملف مصر الذى يعرض على آلية المراجعة الدورية الشاملة أمام مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، ومتابعة تنفيذ التوصيات التى تقبلها مصر، واقتراح الحلول اللازمة لتنفيذها، وقد استحوذت عليه «اللجنة»، لأن دور المجلس فيه يقتصر على المقترحات.. الخلاصة، أن معظم المهام المتعلقة بحقوق الإنسان انتقلت إلى «اللجنة»، وأصبحت اختصاصات المجلس فيها تقتصر على «إبداء الرأى وتقديم المقترحات».

بعد انتهاء البرلمان من تعديل قانون المجلس، وتشكيل «اللجنة»، لم يعد باقياً سوى مهمتين: الأولى.. إعادة تشكيل المجلس، وهى مهمة لم تعد تحتمل المواءمات ولا المجاملات ولا المحاصصة؛ بعض التجاوزات فرضت وضع التصرفات المالية للمجلس تحت إشراف الجهاز المركزى للمحاسبات، والعديد من اختصاصاته انتقلت إلى «اللجنة»، لذلك ينبغى أن يضم التشكيل الجديد مجموعة خبرات مهنية وطنية قادرة على التعويض والعطاء، ومدركة لأهمية التعاون الفعال مع «اللجنة»، على النحو الذى يكفل احتفاظ المجلس بتقييم «A»، عند إجراء المراجعة الدورية لمدى امتثاله لمبادئ باريس، لأن أى انخفاض سيتم اعتباره انعكاساً لتراجع حالة حقوق الإنسان فى مصر.. الثانية.. ضرورة تضافر جهود المجلس، من خلال باحثيه بحكم خبرتهم، مع قطاع حقوق الإنسان والمسائل الاجتماعية والإنسانية الدولية بوزارة الخارجية، الذى يتولى مهام «الأمانة الفنية» لـ«اللجنة»، للوفاء بالالتزامات الدولية التى تعهدت مصر بتنفيذها فى آخر مراجعة دورية شاملة لها فى الأمم المتحدة عام ٢٠١٤، والتى تمثلت فى ٢٤٧ توصية، لم يتم تنفيذ سوى 70% منها فقط.

«اللجنة» بتشكيلها الراهن تبشر بتحقيق قفزات واسعة فى حالة حقوق الإنسان فى البلاد، لأنه لأول مرة تجتمع كل الجهات التنفيذية المعنية بها، وسط اهتمام جدى من الرئاسة.. التشكيل الجديد للمجلس ينبغى أن يقترن بتشكيل أمانة فنية جديدة، وعدم إرجاء ذلك بحجة أن المجلس الجديد فى حاجة لخبرة أمانة قديمة.. فلو كان لدى الأمانة الحالية ما تقدمه، لما تدهورت أوضاع المجلس على النحو الراهن.. تحقيق ذلك أضحى أمراً حتمياً إذا أردنا الحفاظ على المجلس، وعلى التوافق مع القواعد المؤسسية للمجالس الوطنية.. وللأسف فإن أى إهمال فى ذلك سيضع المجلس فى موقف لن يحتاج فيه لأكثر من «رصاصة الرحمة».

نقلا عن الوطن

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«اللجنة» و«المجلس» ورصاصة الرحمة «اللجنة» و«المجلس» ورصاصة الرحمة



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon