توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

إيران لا تعمل وحدها

  مصر اليوم -

إيران لا تعمل وحدها

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

بلغت المنطقة العربية في عهد الإدارة الأميركية السابقة مبلغاً لم تصل إليه حتى في عشية الخامس من يونيو (حزيران) 1967؛ فوضى عارمة، انهيار في الأسواق، احتراب سياسي ومؤمرات واستقطابات. وإن لم تكن إدارة الرئيس باراك أوباما أو وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون هما السبب في إشعال المنطقة العربية، فسياستهما على الأقل ساهمت في انتشار واستعار النيران التي لا يزال حتى اليوم يصعب تقدير نتائجها من خسائر بشرية ومادية، وستأخذ المنطقة عقوداً حتى تستفيق من هذه الوعكة، إذا افترضنا أنها اليوم بدأت بالتعافي، وهذا عموماً غير دقيق.
إدارة أوباما قضت على أحلام السوريين، فقد زعمت أن هناك خطوطاً حمراء في سياستها تجاه جرائم النظام السوري، لكنها خذلتهم. روسيا التي كانت تحلم منذ انهيار الاتحاد السوفياتي بوضع قدم واحدة في المنطقة، أصبح لها قواعد برية وبحرية على البحر الأبيض المتوسط في أهم موقع استراتيجي تحت نظر أوباما وفريقه. والإيرانيون، المشكل الأصعب، تمددوا كالورم السرطاني جنباً إلى جنب مع التنظيمات المسلحة «القاعدة» و«داعش» في سوريا والعراق. عملياً، خرج أوباما من البيت الأبيض بعد أن لقن العالم درساً في تطبيق الدمار الشامل بلا أسلحة! ترك أوباما الإدارة بعد أن أضحك سن وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف من على شرفة إقامته في جنيف بعد أن وقع اتفاقاً نووياً ليس في صالح أحد سوى أن يكون سطراً في السيرة الذاتية لباراك أوباما... رحل بعد أن أصبح بشار الأسد يخرج لمنتجعه في اللاذقية بلا خوف، وتممدت جيوب «جبهة النصرة» وطافت «داعش» محافظات العراق.
من جميل حظنا، أن بعض ضربات 2011 وما بعده ارتدت على أصحابها، لكنها كلفت أثماناً باهظة من حياة الناس واستقرارهم. بعض الأنظمة لم تسقط وحدها، بل سقطت معها الدولة بكاملها، مثل ليبيا وسوريا بكل مؤسساتها وبناها التحتية، وبعضها انهار فيها النظام الحاكم لكن ظلت الدولة مهددة بالسقوط وقتاً طويلاً كما كان الحال في مصر. وفي الوقت الذي دخل البيت الأبيض رئيس مختلف عن أوباما وغير أوباما، متفرداً بشخصية قوية وحاسمة، جريء، يعترف بنفسه أن التعبير العفوي المباشر يخونه أحياناً ولا يتمالك نفسه في إطلاقه، لكنه رجل المرحلة بلا أدنى شك. وفيما يخص سياسته الخارجية التي تهمنا، فقد وصل دونالد ترمب في وقت حرج، لكنه مناسب لمحاولة تحسين سمعة السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأميركية التي نعرفها قوية وواضحة الأهداف، بعد أن هيمنت عليها عبارات التردد والوعود الزائفة وشابها اللون الرمادي.
أن تكون الإدارة الأميركية الجديدة على إدراك بمحاور الشر في المنطقة فهذا أمر حسن، والأحسن أن تتخذ خطوات عملية تجاه ذلك. هذا الوعي بمكامن الخطر حدا بالرئيس ترمب إلى الانسحاب من الاتفاق النووي المعيب كما يصفه، وإدراج شخصيات من «حزب الله» على قوائم الإرهاب، حتى أنه تصادم مع أصدقائه الأوروبيين من أجل فرض عقوبات قاسية على إيران. 
ما يقوم به الرئيس ترمب هو جزء مهم من منظومة الدفاع السياسية عن السلام في العالم، لكن لا بد من الإشارة إلى أن إيران لا تعمل وحدها، وإن كان لها أدوات مثل «حزب الله» اللبناني و«الحشد الشعبي» العراقي ونظام بشار الأسد الديكتاتوري والحوثي اليمني، فهي كذلك تتلقى دعماً سياسياً ولوجستياً من بعض دول المنطقة. المأمول من الرئيس ترمب أن يفتح كلتا عينيه لا عيناً واحدة. إيران وحدها لم كانت لتعربد في المنطقة بلا دعم وأدوات، ومثلما الغضبة الترمبية تسلطت على طهران، يفترض كذلك أن تكون على الأحزاب والمنظمات والدول الداعمة والراعية، بلا تردد وبالقوة نفسها التي يفرضها على الإيرانيين.
أوباما كان يغض الطرف عن الممارسات الإرهابية للنظام الإيراني رغم وضوحها بالأدلة والبراهين والشهود، في وقت يزعم فيه أنه يحارب الإرهاب. على ترمب ألا يقع في الخطأ نفسه؛ دول مثل وقطر وغيرها لا تختلف عن أي جهة أخرى تتلاعب بأمن المنطقة بل وساهمت مع إدارة أوباما في خرابها؛ علاقات بـ«داعش» و حركة طالبان وتنظيم «القاعدة» و«حزب الله» و«الإخوان المسلمين»، سواء علاقات تجارية أو لوجستية، ومحاولات للتحريض والتأليب ضد أنظمة حكم مستقرة.. مثل هذه الممارسات ليست سراً ولا رأياً انطباعياً بل معلومات معروفة لدى واشنطن.
هذه الدول والتنظيمات هي قوة إيران الحقيقية، وإن كانت العقوبات القاسية التي سيفرضها ترمب على إيران هدفها تغيير النظام لسلوكه، فعليه أن يراقب ويحاسب سلوك الدول التي لا تختلف عن إيران كثيراً، لكنها مثلما كانت إيران في وقت أوباما؛ تحاول أن تجمل سلوكها بالشعارات، وتعطي لواشنطن انطباعاً بأن الإدارة الأميركية نجحت في إدارة الملف الشرق أوسطي بالتعاون معها.
إن اختار ترمب أن يقف في وجه إيران وحدها ويتجاهل أو يتقبل سلوكيات دول أخرى داعمة أو متعاطفة مع الإرهابيين، فهو بذلك يبحث عن نصف انتصار، ونصف الانتصار هو في الواقع نصف فشل، لا يليق بإدارته القوية.

 

نقلا عن الشرق الاوسط اللندنية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران لا تعمل وحدها إيران لا تعمل وحدها



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon