توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

شعب لغاية متفرج!!

  مصر اليوم -

شعب لغاية متفرج

بقلم - كريمة أبو العينين

يقولون، والعهدة على القائل، إن الشعب المصرى عن بكرة أبيه بعد أن طال صبره وضاق صدره ولم يعد قادراً على مواصلة طريق التنمية الذي طالبه به حاكمه، وطلب منهم أن يربطوا على بطونهم ويصموا آذانهم ويفكروا في الغد القادم برخاء ينعمون فيه هم وأولادهم وأجيال قادمة.

يقولون إن الشعب قرر أن يتبادل الأدوار مع أي شعب آخر يريد أن يكون مصرياً وأن تكون مصر بلده، وبالفعل أعلن عن ذلك في بيان رسمى، وكان المتقدمون كثر وتمت الاتفاقية التي نصت بنودها على أن مدة الانتقال خمس سنوات لا تمتد ولا تمدد.. وحزم المصريون كلهم أمتعتهم وحل محلهم شعب آخر، كان المصريون اختاروا أن يعيشوا في بلادهم. في أول يوم جاء الشعب البديل إلى مصر انبهر بكل ما فيها وسخر نفسه وطاقته على ازدهارها، وشكلت وزارة كل من فيها على علم بما كلف به وله باع وتاريخ في هذا العلم وحصاده، ومن أجل تفعيل الدور الحكومى اتفق مع رجال الأعمال أن يكملوا الدور الحكومى، ووضعت شروط قاسية جاءوا بها من بلادهم على من يقصر أو يهمل عمله، ساعات العمل كانت صارمة، الناتج كان موازياً لعملهم، ونسينا أن نذكر أنه قد سن قانون يقضى بإعدام الفاسدين والمرتشين في ميدان عام، وتغليظ الحكم على المسؤول بأن يتم إعدامه أمام أبنائه بعد أن يعترف هو بنفسه أمامهم بأنه فاسد أو مرتشٍ على حسب جريمته، وبأنه لم يضع في حسبانه أن جريمته ستضعه في هذه الوضعية الحقيرة أمام عائلته.

امتدت نتائج تجربة الشعب البديل في كل مناحى الحياة، وفى كل الأصعدة، وتم التركيز بصفة أقوى على التعليم والصحة، وتم وضع منظومة متطورة تخلق جيلاً صحيح البدن والعقل راغب في التعليم لكى ينتج وليس كما كان متعاملاً به من قبل بأنه يتعلم لكى يقولوا إنه تعليم عالٍ أو لكى تكون الخدمة العسكرية المسنونة عليه سنة واحدة لأنه حاصل على شهادة البكالوريوس أو الليسانس، كان الهرم التعليمى مبنيا على أساس حاجة العمل والسوق ورغبة المتعلم في التحصيل وأيضا متسقا مع طبيعة تفكيره العقلية ومدى تفاعله مع المواد الرياضية أو الأدبية.

تجاذبت كل الخطوات وتشابكت خيوطها وانعكست في الشوارع والمصالح الحكومية والمدارس والمصانع، صارت منظومة النظام والالتزام وسريان القوانين هي المهيمنة وبها اختفت من شوارع مصر ومدنها كافة السلبيات وأصبح من الطبيعى أن تجد مسؤولا يسير بلا موكب ولا مسيرة حاشدة، وأيضا أصبح من المعتاد أن يُظهر الإعلام المساوئ ولم تعد ظاهرة التطبيل موجودة من الأساس بل أصبح الضوء يظهر السلبى والإيجابى.. وعلى الجانب الآخر كان شعب مصر قد أرسى مراسيه في البلد الآخر، وبالطبع قادم بشكواه ومآسيه ونظرته إلى نفسه بأنه مضغوط ومتحمل، وأن العالم كله لا يعانى مثقال ذرة من معاناته.

استقبل حاكم البلاد المصريين وأطلعهم على حقوقهم وواجباتهم وأمهلهم شهراً يتكيفون فيه مع الوضعية الجديدة وبعدها ستسرى القوانين وتنفذ وهى لا تعرف فرداً فعدالة بلده عمياء لا تميز فقيراً عن غني ولا أميراً عن غفير فكلهم متساوون في الحقوق والواجبات، لم يأخذ المصريون هذا الكلام على محمله الجاد وأصبحوا يعملون في اليوم عشر دقائق وباقى اليوم إما في الصلاة أو الشات أو أي أي شىء لا علاقة له بالعمل، استطاع هذا الشعب أن يخلق في هذا البلد أسلوبا مصريا يعتمد على الفهلوة والجلوس على القهاوى وتضييع ساعات اليوم في الهلس والتسلية، حتى الأغنياء منهم لجأوا لأساليب ملتوية لزيادة أموالهم، وانقضى الشهر وجاءت ساعة المواجهة وبدأ التنفيذ الفعلى لمنظومة العمل التي لا تعرف سوى حجم الإنتاج والالتزام بالمواعيد وبالتعامل بشدة مع المخالفين وإقرار مفهوم الثواب والعقاب، يقال إن هذا الشعب الذي كان دائم الشكوى والتملص من تحمل المسؤوليات أصبح يُضرب به المثل في الجدية والتفوق والمثابرة.

انقضت السنوات الخمس وحانت ساعة العودة وأصبح الشعب المصرى البديل رافضاً للعودة والشعب المصرى الحقيقى متلهفاً لها، وعبثاً حاول المسؤولون إقناع المصريين البدلاء بالمغادرة إلا أنهم يبكون دماً ولا يريدون أن يتركوا مصر لأنها بلد لا مثيل له وأن كل ما فيها منفرد وأنهم على استعداد لفعل أي شىء حتى لا يتركوها وتتم عملية تفاوض تقضى بأن يترك في كل بلد من البلدين الجيل الصاعد ويبقى كبار السن كما هم كل في بلده ويتم التزاور وفق جدول رحلات وزيارات من الأجهزة العليا وتمضى السنون ويظل الحنين يملأ القلوب للعودة وبين كل هذا يستيقظ من قالوا هذه الحكاية من غفوتهم هلعين لمجرد تخيل أنهم سيتركون مصرهم بحثاً عن أخرى مهما كان فيها وبها من مال ورزق وفير.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شعب لغاية متفرج شعب لغاية متفرج



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon