توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ليبيا وخطر التفكك

  مصر اليوم -

ليبيا وخطر التفكك

بقلم - جبريل العبيدي

كان لحجم ليبيا الكبير، وأرضها الشاسعة المترامية الأطراف أن تقسم البلاد إلى أقاليم ثلاثة عقب الحرب العالمية ضمن اتحاد فيدرالي تُرجِم في دستور عام 1951 الذي عُرف بدستور الاتحاد أو دستور الآباء المؤسسين، واستمرَّ هذا إلى حين قرّر الملك إدريس فكَّ حالة الاتحاد وإنهاء النظام الفيدرالي بمرسوم ملكي وليس عبر استفتاء عامّ أو انعقاد الهيئة التأسيسية للدستور، مما شكَّل آنذاك حالة من الرفض لصيغة الدستور المعدَّل في عام 1963.


ليبيا اليوم تواجه خطر التفكك - رغم أن هذا أمر بعيد المنال على مريديه - نتيجة عوامل منها ما هو داخلي، وما هو خارجي، رغم غياب عوامل التفكيك المعروفة، كتعدد الطوائف الدينية؛ فليبيا دولة مسلمة سُنِّية مائة في المائة، ولا وجود لديانات أخرى بها، إلا من الأجانب، وليس من السكان المحليين، بالإضافة إلى غياب عامل الاختلاف العرقي، فالأغلبية المطلقة من الليبيين عرب وأصولهم واحدة، وكذلك غياب عامل التقسيم الجغرافي، فليبيا دولة مترابطة الأجزاء، وتكاد تكون قطعة منبسطة واحدة... فليبيا قبل مائة عام كانت أقاليم متفرقة مثلها مثل أغلب البلدان العربية، فكانت عبارة عن ثلاثة أقاليم، هي برقة وفزان وطرابلس، وكانت برقة أول الأقاليم التي تمكنت من تأسيس إمارة استطاعت توحيد طرابلس وفزان تحت اسم «ليبيا».
تاريخياً إمارة برقة عُرِفت بالدولة العربية الثامنة، كما ذكرها المؤرخ اللبناني نيقولا زيادة الذي عمل مديراً للمعارف في ولاية برقة زمن الانتداب البريطاني، حيث أصدر كتاباً بعنوان «برقة الدولة العربية الثامنة» شرح فيه تاريخ الإقليم وكيف كان، وكيف أصبح، وعلاقته بإقليم طرابلس.


كان قوس الأخوين فيليني (L’Arco dei Fileni) قوساً من الرخام، وبوابة عبور بين إقليم برقة وإقليم طرابلس، تم بناؤه في العهد الفاشي الإيطالي على بقايا منطقة «هيكل الأخوين فيليني»، الذي يُعتَبَر بمثابة الحد الفاصل بين ولاية برقة في حينها وإقليم طرابلس، فأثناء حرب الإغريق الذين كانوا يسيطرون على شرق ليبيا، والقرطاجنّيين الذين كانوا يسيطرون على غرب ليبيا، اتفقوا على ترسيم الحدود بينهم في نقطة تلاقي عداءَيْن رياضيين، لتكون منطقة التلاقي هي الحدود الفاصلة بين الحضارتين السابقتين.


إقليم طرابلس رغم أن الحراك السياسي أنتج فيه ما عُرِف بالجمهورية الطرابلسية، فإنها لم تستطِع توحيد ليبيا، لأنها لم تصمد، وانتهت بصراع بين القبائل على السلطة، مما تسبب بمقتل زعيم قبلي كبير انتهت بعده الجمهورية الطرابلسية، التي أعلنت في (سواني بن آدم) وليس في طرابلس التي تعورف عليها عاصمة بالشراكة مع بنغازي في نص المادة 188 بدستور الاتحاد الليبي.
تُعتَبَر برقة عصب الوحدة الليبية، وظهور كيان ليبيا بالجغرافيا الحالية، التي سبق أن رفضتها أطراف كثيرة، ومنها من قال باستحالة التعايش السلمي إلا من خلال النظام الفيدرالي الاتحادي، وأن اختزال برقة وطرابلس وفزان تحت اسم «ليبيا»، فكرة طارئة ولم تكن حاضرة في التاريخ القديم، ولكن هذا لا يمنع تشكُّل كيان جامع لبرقة وطرابلس وفزان، خصوصاً أنها ليست متعددة الأعراق والديانات والطوائف. ولكن اليوم هناك أطراف تسعى إلى تقسيم ليبيا ودفعها إلى التفكك، ولهذا سعت هذه الجماعات، ومنها جماعات الإسلام السياسي، إلى الفتنة، وتهميش سكان برقة وحرمانهم من حقوقهم، بل وحتى من الخدمات المجتمعية، مما شكَّل حالة من الغضب والاستنكار الشديد لدى السكان ودفع بعضهم إلى الدعوة إلى الانفصال عن الاتحاد مع طرابلس وفزان بسبب هذا التعنت عند الحكومة المركزية، التي مارست شتى أنواع التهميش والإهمال ضد سكان الإقليم في جميع الحصص سواء في المناصب والوظائف، أو توزيع الثروات وحتى التعليم والصحة والبنية التحتية، رغم أن 80 في المائة من نفط البلاد ينبع من إقليم برقة.


الوحدة الوطنية شعار كبير، ولكنه قد لا يصمد كثيراً أمام استمرار العبث بحقوق بعض مكونات وحدة ليبيا، فحين تتعامل الحكومة أو السلطة الحاكمة بمفهوم يختزل ليبيا في مدينة طرابلس وما جاورها، حينها يصبح من الصعب إقناع المهمشين والمبعدين والمحرومين بعدم فكّ الارتباط بطرابلس المركزية، وإلى أن تتخلص ليبيا من النظام المركزي، وعقدة «طرابلس هي ليبيا» بدلاً من «طرابلس جزء من ليبيا»، يبقى ناقوس خطر التفكك يُسمَع صداه.


وعلى الرغم من هذا نقول إن ليبيا ستبقى واحدة برجالها وأرضها وثرواتها، وأي دعوة للتفكك وتحويل البلد إلى أقاليم هي دعوات باطلة، وضد إرادة الليبيين جميعاً ومن يدعو لها هو كمن يحرث في البحر.

عن الشرق الاوسط اللندنيه

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ليبيا وخطر التفكك ليبيا وخطر التفكك



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon