توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

وماله.. عش البلبل؟!

  مصر اليوم -

وماله عش البلبل

بقلم : سيلڤيا النقادى

الحديث لا يتوقف عن إعلانات التليفزيون فى رمضان، وما يصيب العقل من الشعور بالارتباك والتناقض المستفز وهو يشاهد هذه الخدمات التى تلبى احتياجات طبقات قادرة على دفع الملايين من أجل الحياة فى قصور وفيلات فى قلب العاصمة أو على أطرافها، وبين هؤلاء المساكين من المرضى والمحتاجين الذين يرفعون أياديهم للسماء فى انتظار من يرق قلبه ويساهم فى مشروعات تسمح بالعلاج أو سد الجوع!!.

التناقض عنيف.. قاس.. تبريراته منطقية عند البعض أو لا معقولة أحياناً كثيرة، لذا أفضل ألا أدخل فى صراعات المناقشة وأنا لا أملك جميع الخيوط سوى هذه المساحة أو هذا الملعب الصغير الذى أكتب عليه سطورى.

من هذا المنطلق الذى أشير فيه إلى «المسكن» ومساحته- وهو الحلم الذى يراود الملايين من البشر من أجل الحصول عليه- وجدت أنه من الأفضل أن أنقل مفهوماً آخر لمعنى «المساحة» شعرت به عند زيارتى الأخيرة لمدينة «أنتويرب Antwerpen البلجيكية، هذه المدينة الجميلة التى تطل على ميناء»، «أنتويرب بورت» وتتميز بمبانيها التاريخية وأزقتها وحواريها الضيقة التى تحوى بيوتاً صغيرة ومطاعم «وجاليريهات» لمختلف أنواع الفنون.. كنت أستمتع وأنا أسير أتأمل الأشجار المسكونة فى هذه الأروقة وهى تهتز بدلال حتى يختلس الضوء فرصته للإطلالة بين مساحات أوراقها الكثيفة لتتسق هارمونية مريحة بين المعمار والتخطيط الميدانى والخليقة الربانية بالرغم من هذه المساحات الضيقة.. كان هذا كافياً لإلهامى بمزايا الحياة وسط هذا الدفء المساحى الصغير الذى احتوى حواسى كلها وجعلنى أشعر أن المساحات الصغيرة ليست اختياراً أقل من الأفضل، بل هى فيها من الطاقة الإيجابية المفجرة للإحساس بالتواصل والدفء والأمان، وهى مشاعر لا يمكن منافستها مع أى شىء فى الوجود، يبدو أن هذا الشعور لا يصيبنى وحدى، بل ينعكس على عوالم الإعمار والتنمية، حيث يزداد الاتجاه أيضا نحو التصميمات الصغيرة، مثل ابتكار بيوت صغيرة على الأشجار، أو بناء عشش وأكواخ على الشواطئ، أو مطاعم تسع أربع طاولات فقط.. كل ذلك من أجل المزيد من الاحتياج للشعور بالاحتماء والحميمية بين البشر، وهو ما يذكرنا بفلسفة الفيلسوف الفرنسى «جاستون باشلار» فى كتابه «شاعرية المساحة» ١٩٥٨، والذى أكد من خلاله قوة وعمق الدفء الإنسانى تحت سقف المأوى الصغير، بشرط أن يتحرر أصحابه من الأشياء والممتلكات غير الضرورية ليصبح ملاذاً للحياة الجميلة، وبشرط أيضاً أن تتوافر خارج هذه الأماكن الصغيرة مساحات واسعة، صافية ومضيئة.

وربما تكون الحياة فى حارتنا المصرية الأصيلة أقرب إلى تجسيد هذا المعنى الذى يحاول باشلار أن ينقله - فعلا - ألم تكن جميلة ببساطتها وعِشرة أهلها؟، إنهم جميعاً كانوا يقطنون فى مساحات صغيرة.. الأمتار القليلة التى كانت تفصل بين المبانى والشرفات لم تخلق التنافر ولم تمنع البهجة، بل خلقت الحب والود والشهامة، وكما قال سقراط «إن سر السعادة ليس فى حجم الكم الذى تمتلكه، بل فى قدرتك على استيعاب القليل والاستمتاع به»، وهذا ما لم ينجح فيه هذا المجتمع الاستهلاكى الذى رسخ فى أذهاننا أننا لن نصبح سعداء إلا إذا عشنا فى بيوت كبيرة وامتلكنا أشياء كثيرة.

نقلا عن المصري اليوم 

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وماله عش البلبل وماله عش البلبل



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon