توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

عن التعليم الجامعى فى مصر

  مصر اليوم -

عن التعليم الجامعى فى مصر

بقلم - نادين عبدالله

يبدو التعليم الجامعى فى مصر أسيرا لثنائية إشكالية أثر سوء إدارتها على رونقه وجودته. فقد أثرت أنماط التمويل المختلفة على وضعية الأستاذ الجامعى وسلطاته؛ فتوسعت فى الجامعات العامة تلك التى تمولها الدولة بالأساس (والتى تخضع لهراركية ترجع الى نظام الثانوية العامة الاشكالى أصلاً). ومن ثم٬ تجد٬ فى كثير من كليات الجامعات العامة (وليس جميعها بالتأكيد) الأستاذ هو الآمر الناهى٬ المتحكم فى درجات الطلاب بلا ضمان واضح لعدم تعديه على حقوق الطلبة بسبب مواقف تافهة على غرار اختلاف فى الرأى بين الطالب والأستاذ (لابد أن يعززه الأخير لا أن يخمده) أو سوء سلوك فى قاعة المحاضرة (يمكن أن يقابله عقاب ما٬ وليس استقصادا فى درجة الطالب) وغيرها من التصرفات السلطوية التى يعانى منها كثير من الطلاب فى مصر. وبما أنه الآمر الناهي٬ فيغيب فى أحيان كثيرة (وليس جميعها) وجود آليات قوية لضمان جودة التعليم الذى يقدمه الأستاذ٬ وتماشيه مع أساليب التعليم الحديثة٬ وكأن العملية التعليمية هى مجرد عملية بيروقراطية رتيبة تحكمها قواعد صماء أو سلطوية تزيد من السلطات التقديرية للأستاذ٬ وتحد من آليات التحديث وضمان الجودة؛ بل الرقابة العادلة والمفيدة ليس فقط للطلبة بل للأساتذة أيضًا.

وعلى العكس٬ تتضاءل سلطات الأستاذ الجامعى فى التعليم الجامعى الخاص الذى طرأ حديثًا (حتى وإن لم تختف لأن ذلك ليس مطلوبًا أصلاً) حيث انتشرت الجامعات الخاصة فى مصر بشكل واضح فى العشرة أعوام الماضية. ومع ذلك٬ لم يدفع هذا بالضرورة إلى تحسن العملية التعليمية حيث غلب منطق العرض والطلب السوقى على هذه الجامعات التى يعتبر فيها الأستاذ وكأنه مقدم لسلعة أو لخدمة تعليمية٬ والطالب وكأنه متلق لهذه السلعة أو الخدمة التى يدفع ثمنها (أو بالأصح يدفعها ولى أمره). وهو منطق يتزايد فى الجامعات الخاصة ليس فى مصر فقط بل على مستوى العالم كله٬ وإن ازداد الأمر سوءًا فى مصر لانتشار منطق غير صحيح من نوعية «دول داخلين الجامعة بفلوسهم»٬ «ريح الزبون»٬ وهى مصطلحات تجعل من تعليم خاص أحدث فى بعض الأحيان من العام، تعليمًا أقل منه فى الجودة لأن العلم ببساطة ليس سلعة تباع وتشتري٬ بل إن تسليع العلم هو أول الطريق لاضمحلاله. فكثير من إدارات هذه الجامعات تتعامل مع نفسها بمنطق الشركة التى تقدم خدمة أو سلعة٬ ومع الأستاذ الجامعى بمنطق الموظف فيها٬ فتثقله بمهام إدارية لا طائل منها ولا فائدة٬ وتحدد له مثلًا مواعيد حضور وانصراف لابد أن يمتثل لها (وخلاص) وهى أمور لا يمكن أن تحدث الجامعات الخاصة عالميًا لأنها ببساطة تتعارض مع طبيعة العمل الاكاديمى الذى يحتاج إلى مساحة حرية تتيح وقتا للبحث العلمى والإبداع. وبمرور الوقت يتحول الأستاذ من باحث وعالم إلى موظف بيروقراطى فتغيب أبحاثه٬ ويتضاءل إنتاجه العلمى؛ وبالتالى٬ تنخفض قدرته على إفادة طلابه وتعليمهم.

لذا وأخيراً من المهم التفكير فى هذه الثنائية التى تحد من جودة التعليم الجامعى العام والخاص فى مصر، وذلك بالتركيز على آليات تضمن جودة العملية التعليمية٬ وحداثتها من جهة؛ وحقوق كل من الأساتذة والطلبة من جهة أخرى بعيدًا عن سلطة البيروقراطة أو سيطرة رأس المال. فالفرق بين مصر والدول الأخرى الأكثر تقدمًا فى هذا المجال٬ لا يكمن فى غياب هذه الثنائية الإشكالية بل فى وجود آليات تضمن الحقوق والحريات والجودة وعدم تسليع العلم.

نقلا عن المصري اليوم القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

 

GMT 01:13 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

التوافق ينتصر للسودان .. والمعركة مستمرة

GMT 01:12 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

مصر الفيدرالية

GMT 01:06 2019 الخميس ,16 أيار / مايو

فاتورة الحرب.. مدفوعة مقدمًا!

GMT 05:30 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

مشاكل ترامب أمام القضاء الأميركي

GMT 05:29 2018 السبت ,01 كانون الأول / ديسمبر

من مفكرة الأسبوع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التعليم الجامعى فى مصر عن التعليم الجامعى فى مصر



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon