توقيت القاهرة المحلي 13:53:48 آخر تحديث
  مصر اليوم -

ماذا لو لم تحدث ثورة يناير؟!

  مصر اليوم -

ماذا لو لم تحدث ثورة يناير

بقلم - عبد العظيم حماد

فى حدود علمنا أو اطلاعنا لم يطرح هذا السؤال كثيرا للحوار السياسى أو الإعلامى، أو على بساط البحث الأكاديمى، ولذلك فليست هناك سيناريوهات مشهورة لتوقع مسار الحياة السياسية فى مصر، لو لم تقم ثورة يناير 2011.
من المفهوم أن يتجاهل هذا السؤال خصوم ثورة يناير، ومنكروها، والمتوجسون من بقاء روحها حية، أو من تكرارها بأنماط مختلفة، أو يتهربون من الإجابة عليه، لأن هذه الإجابة هى أقوى ما يفحمهم، ويكذب اتهاماتهم.
ولكن من غير المفهوم الا يفكر أصحاب التحليل المنصف والرؤية الإيجابية لثورة يناير فى هذا السؤال، حتى وإن لحق بأهداف ومبادئ ورموز هذه الثورة ما لحق بهم من تشويه وإيذاء، وإجبار على الصمت، بما أن إجابة سؤالنا هى ــ كما قلنا ــ أقوى مسوغات الثورة وطنيا وسياسيا وأخلاقيا.
فلو لم يحدث ذلك الذى حدث فى يناير 2011 لكان مشروع توريث الحكم لنجل الرئيس وفريقه قد نفذ، ومن المؤشرات السابقة على الثورة، فالغالب أن الوريث ورجاله كانوا سيبرمون صفقة مع جماعة الإخوان المسلمين، وما كان إقصاء الجميع ــ عدا مرشحى الحزب الوطنى ــ من برلمان 2010 إلا إدخارا للجزرة لتقديمها إلى الإخوان فى الوقت المناسب، ثمنا لتمرير المشروع.
وبغض النظر عن أية إصلاحات كان من المحتمل أن تترتب على هذا التغيير، فقد كان نجاح التوريث يمثل إهانة مؤلمة للشعب المصرى بكل قطاعاته، ولكل مؤسسات الدولة وتقاليدها، وإهدارا للإرادة العامة، حيث لا يخفى أن جموع المواطنين من كل المشارب وغالبية المسئولين كانوا نافرين أشد النفور من فكرة توريث الحكم، وكانوا يشعرون بأن استراتيجية الاستدراج والاستغفال المتبعة لذلك الغرض تطعن فى الذكاء والكرامة الشخصية لكل مواطن، جنبا إلى جنب مع الاستياء من فرض القيادات الموالية للوريث على زملائهم، بل وعلى رؤسائهم، فى جميع مستويات الدولة والمجتمع.
فى ذات الوقت، لم يكن بوسع أحد أن يتكهن، أو أن يضمن أن يؤدى التوريث إلى استقرار سياسى وأمنى، أو يؤدى إلى تجديد شباب النظام أو الدولة، التى كانت قد هرمت، وتمزقت أشلاء، أو تحولت إلى شبه دولة تحت حكم الرئيس الأب المورث، بل المرجح أن العكس هو الذى كان سيحدث لأسباب عديدة، منها أن الفساد السياسى والمالى والاقتصادى القائم على تحالف السلطة والراغبين من رجال الأعمال كان سيستمر ويتزايد، إذ كان هؤلاء هم القاعدة الصلبة للمشروع، والحديث هنا عن الفساد ليس افتراضيا، ولكنه موثق بأحكام قضائية وفى نصوص المصالحات والتسويات المبرمة مع كثيرين من رجال تلك المرحلة، طبقا للقانون الصادر فى هذا الشأن.
من طبائع الأمور فى مثل هذا الظرف، أى لو أن التوريث قد تم، أن دائرة الصراعات كانت ستتسع حول المكاسب والمكافآت، وأن مواجهات كانت ستنشب، وأن صفقات كانت ستعقد، وترضيات سوف تقدم، وكلها كانت ستجرى خارج مؤسسات الدولة، وعلى حسابها، وضدها أحيانا، بما يزيد من الاضطراب والتفكك والاستقطاب.
هكذا انقذت ثورة يناير مصر من ذلك الكابوس، فإذا قال المحبطون من انتكاس الثورة فيما بعد إن التجديد المأمول فى الدولة المصرية ككل لم يتحقق، فعلى الأقل تحقق تجديد شباب النظام، ومن داخل مؤسسات الدولة، لا من خارجها، كما كان مقررا فى حالة نجاح التوريث، كما أن هذا التجديد تحقق برضا وتأييد من أغلبية المواطنين، ولو فى البداية، ولم يتحقق بالفرض والإكراه.
لهذا السبب يبدو التناقض صارخا فى طريقة تفكير بعض المتحمسين للنظام الحالى، ممن يواصلون لعن ثورة يناير آناء الليل وأطراف النهار، ولا يرون فيها سوى مؤامرة كونية لإسقاط الدولة المصرية فى زعمهم، بينما هى التى فتحت طريق التغيير، الذى اكتسح مخطط التوريث، وجرف حكم جماعة الإخوان المسلمين، وأسقط إلى الأبد وهم صلاحية الجماعة ومنهجها لقيادة مصر والمنطقة، وصنع المستقبل، وهذه كلها مكتسبات ضخمة، يجب ألا ينكرها المؤيدون والمعارضون للرئيس السيسى، أو لبعض سياساته.
وعلى ذكر المؤامرة المزعومة لهدم الدولة، فمن المستغرب ألا يتوقف أحد عند التزام الغالبية الغالبة من جماهير يناير ورموزه بالتعامل من خلال مؤسسات الدولة، وبالنبذ الفورى لأية مقترحات بإقامة مؤسسات موازية، وكذلك انخراط هؤلاء جميعا فى المسارات التى حددتها الدولة للتغيير، من مشاورات واستفتاءات وانتخابات، وهو ما يدحض تماما ونهائيا أى إتهام للكتلة الرئيسية من جماهير ورموز يناير بالسعى لهدم الدولة، دون إنكار حالات الشطط المحددة والمحدودة من قلة من المتطرفين والفوضويين، الذين يوجد مثلهم فى كل مجتمع، ويظهر مثلهم فى كل ثورة.
من جانب آخر، وبفرض أن جهات بعينها فى الداخل أو الخارج دبرت تحركات جماهيرية لإسقاط مشروع التوريث، أو إنهاء حكم الرئيس مبارك، أو حتى للدفع فى اتجاه تحول سياسى غير إقصائى فى مصر، وعموم المنطقة العربية، كما يتردد كثيرا، فهل يمكن أن ينجح هذا التدبير إذا لم تكن شروط نجاحه متوافرة بغزارة فى البيئة السياسية؟!
هنا نعيد مثالا ذكرناه من قبل، فقد يكون بوسع أحد أن يشعل فتيلا، لكن الانفجار لن يحدث ما لم توجد شحنة قابلة للانفجار فى الطرف الآخر من الفتيل، فالتدبير يمكن أن يخرج عدة مئات أو آلاف من المواطنين إلى الشوارع، ولكن أى تدبير لا يمكنه إخراج عشرات الملايين من الناس، وفى كل مدينة أو قرية، كما لا يمكن لأى تدبير أن يبقى هؤلاء جميعا فى حالة تعبئة لمدة عامين أو أكثر، أى من يناير 2011 حتى يونيو 2013، دون أن ننسى أن الخروج فى 30 يونيو 2013 لإسقاط حكم الإخوان، كان بوازع من مبادئ وقيم يناير، ولا شىء غير ذلك.
إذا لم نكن نسينا أو تناسينا فقد كانت تلك المبادئ والقيم هى الحرية والكرامة الانسانية والعدالة الاجتماعية، من خلال تغيير نظام الحكم نصوصا وممارسة، من نظام مغلق متيبس العضلات ومتصلب الشرايين، إلى نظام ديناميكى مفتوح، يقود دولة مدنية ديمقراطية، لكل مواطنيها على قدم المساواة، ويؤمن بالمشاركة، ويخضع للمساءلة، فإذا بقى من يدعى مكابرا أن هذه المبادئ والقيم كانت أو ستكون مؤامرة ضد مصر، فإنك لا تسمع الصم الدعاء إذا ما ولوا مدبرين.

 

نقلًا عن الشروق القاهرية

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

GMT 05:50 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

هل لديك الشجاعة؟!

GMT 05:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

الأدوات السياسية

GMT 05:46 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

كيف نتصدى لإيران في الخليج؟

GMT 05:31 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"الممر"

GMT 05:28 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

عيون وآذان (إسرائيل تتآمر على ما بقي من فلسطين)

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا لو لم تحدث ثورة يناير ماذا لو لم تحدث ثورة يناير



يتميَّز بطبقة شفّافة مُطرّزة وحواف مخملية

كورتني كوكس تُهدي فُستانًا ارتدته قبل 20 عامًا لابنتها كوكو

نيويورك ـ مادلين سعاده

GMT 03:24 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"دولتشي آند غابانا" تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019
  مصر اليوم - دولتشي آند غابانا تُقدِّم عبايات لخريف وشتاء 2019

GMT 06:16 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة
  مصر اليوم - أغلى فيلا في تايلاند مقصد للمشاهير ومُحبي الفخامة

GMT 09:04 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية
  مصر اليوم - ديكورات مستوحاة من الطبيعة للجلسات الخارجية

GMT 02:48 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى
  مصر اليوم - أرخص 10 بلدان أوروبية لقضاء عُطلة صيفية لا تُنسى

GMT 03:37 2019 الأحد ,16 حزيران / يونيو

7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - 7 محظورات و 5 نصائح لتأثيث غرف نوم مميزة للأطفال
  مصر اليوم - رفض دعاوى بي إن القطرية ضد عربسات بشأن بي أوت

GMT 22:42 2019 الجمعة ,31 أيار / مايو

البورصة الأردنية تنخفض 0.33 % في أسبوع

GMT 09:01 2019 الأربعاء ,29 أيار / مايو

توقعات ببيع 28 مليون سيارة في الصين بنهاية 2019
 
Egypt-Sports

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

All rights reserved 2024 Arabs Today Ltd.

egyptsports egyptsports egyptsports egyptsports
Egypttoday Egypttoday Egypttoday
Egypttoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
Egypt, Lebanan, Lebanon